تقارير امريكية عن السودان (34): تقرير وتعليق: تقرير: "ربما سينهار الجنوب تلقائيا" تعليق: على الشماليين ان يتحركوا واشنطن: محمد علي صالح في الاسبوع الماضي، اصدرت "ريفيوجيز انترناشونال" (المنظمة العالمية للاجئين)، ورئاستها في واشنطن، تقريرا ناشدت فيه الرئيس باراك اوباما ان "يتحرك" لمواجهة الوضع المتردي في جنوب السودان، خاصة بالنسبة لمشاكل توطين اللاجئين العائدين. في البداية، اشاد التقرير بقبول الشمال والجنوب لقرار محكمة لاهاي، في الاسبوع الماضي، حول منطقة ابيي. وقال ان ذلك يجب ان يشجع لمنع "زيادة التوتر بين الشمال والجنوب، ولمنع انهيار الجنوب تلقائيا بسبب مشاكله الداخلية." استعمل التقرير كلمة "كولابس" (انهيار). وقال التقرير ان اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب "على حافة الانهيار. واذا انهارت، سينتهي اي امل سلام في سودان موحد." وان اللاجئين العائدين الى الجنوب "يواجهون صعوبة في الحصول على الماء والاكل والتعليم والرعاية الصحية. وتحطمت آمالهم بسبب الفقر المدقع، والاشتباكات بين القبائل، والخوف من حرب جديدة مع الشمال." واضاف التقرير: "يحدث ذلك في جنوب السودان، ولا احد في الخارج يهتم به. اننا نشاند الرئيس اوباما ليتحرك." مع التقرير، وزعت المنظمة فيلما وثائقيا قصيرا، اذاعه تلفلزيون "ام اس ان بي سي" وتلفزيونات اخرى، عن فشل حكومة الجنوب في توطين اللاجئين. وقال بعض اللاجئين انهم ربما سيعودون الى الاماكن التي جاءوا منها. بدأ الفيلم، وانتهى، بمناظر جميلة وفرحة لجنوبيين وجنوبيات يغنون وبرقصون. لكن، بين البداية والنهاية، عرض الفيلم مناظر حزينة ومؤسفة: دمار وخراب الحرب، ومنشئات بنيت بعد اتفاقية السلام لكنها لم تكتمل، ولاجئون عادوا لكنهم لم يجدوا اماكن سكن مناسبة. وفي الفيلم احصائيات ومعلومات، مثل ان الحرب استمرت واحدا وعشرين سنة، وانها قتلت مليوني شخص، وهجرت اربعة ملايين شخص، وان مليونا لاجئ يريدون العودة. صور الفيلم مناظر منازل بنيت حديثا في انتظار اللاجئين، لكنها لم تكتمل. ثم منظر اندريا لاري، من منظمة "ريفيوجيز انترناشونال" (منظمة اغاثة اللاجئين الدولية) يقول: "توقف اللاجئون عن العودة. لماذا؟ لانه لا توجد خدمات." ثم منظر خبير دولى آخر يقول: "في كل جنوب السودان، لا يوجد اكثر من عشرة اميال من شوارع الاسفلت. هذه منطقة تساوى مساحة ولاية تكساس." ثم منظر جنوبية كانت لاجئة وعادت. جلست على الارض وحولها بعض اولادها وبناتها التسعة. وقالت: " كما ترون، ليس هذا منزلا. هذا ملجا. لا يوجد طعام ولا اي شئ. نحن نعاني هنا معاناة شديدة. وانا احيانا اقول يجب ان نرجع الى المكان الذي جئنا منه. نحن محظوظون لاننا عدنا سالمين هذه المرة الى بلدنا، لكننا اذا اصبحنا لاجئين مرة ثانية، ربما لن نعود سالمين." ثم منظر اندي بندلتون، خبير تابع للامم المتحدة يقف بالقرب من ابقار تخوض في نفس الماء الذي يشرب منه الجنوبيون. ويقول: "ليس صحيا ابدا الخلط بين ماء شرب الناس وماء شرب الابقار. هذه ماء موبوءة بالباكتريا، وتسبب امراضا كثيرة." ثم منظر جنوبيين وجنوبيات ينشدن نشيدا بصوت عال، يفهم منه انه عن السودان، وحب السودان. وقال التقرير المصور ان اقل من نصف اطفال جنوب السودان يتعلمون لخمس سنوات، ويتعلم الباقون لاقل من ذلك، او لا يتعلمون. ومرة اخرى، ظهر الخبير لاري وهو يقف قرب مدرسة بنيت مؤخرا، ربما في بور. وقال: "لا يوجد اي كرسى، ولا توجد اي منضدة في هذه المدرسة." واضاف: "هذه مدرسة لتسعمائة تلميذ، لكن، لا يوجد بها مرحاض واحد." ثم منظر كيق، ناظر مدرسة في بور، وهو يقول: "لم تكتمل المراحيض. حفروا حفرا، لكنهم لم يبنوا الجدران حول الحفر". وظهرت خلفه حفرا بعضها مغطئ باشواك وبعضها غير مغطى، ويبدو ان التلاميذ يضطرون لاستعمالها وهي مكشوفة. ثم ظهر الخبير لاري مرة اخري امام المدرسة، وهو يقول: "لا مراحيض، لا كراسي، لا مناضد، لا سور يحيط بالمدرسة. ماذا يعني هذا؟ يعنى ان التلاميذ معرضين للخطر. وخاصة الخطف. وفعلا، من وقت لآخر، تختطف قبائل مجاورة اطفالا من المدرسة، ويباعون ويشترون." ثم ظهر الجنوبي صمويل مبيور انياق، واكد سرقة الاطفال. وقال: "نعم، صار خطف الاولاد عملا تجاريا رابحا." وعندما سئل عن سعر الاولاد والبنات، قال: "يساوي الولد اكثر من خمسين بقرة، وتساوى البنت اقل من ذلك." واضاف: "عندما يأتي رجال القبائل مسلحين، لا يقدر الآباء والامهات على حماية اولادهم وبناتهن. واحيانا يقتل الخاطفون الآباء والامهات." وعندما سئل اذا كان رجال الشرطة يأتون لحمايتهم، قال: "لم نراهم ابدا". ثم ظهرت ميلاني تيف، من منظمة "ريفيوجيز انترناشونال" (منظمة اللاجئين العالمية)، وقالت: "نحن نعمل هنا في ظروف صعبة. نعاني من البيرقراطية، والاجراءات، وقلة الموارد، وعدم وصول المساعدات الخارجية. ويسوء الوضع يوما بعد يوم." واضافت: "نحاول الا تعود الحرب بين الشمال والجنوب. ونحاول الا ينهار االجنوب من تلقاء نفسه بسبب مشاكله الداخلية" واختتم التقرير المصور الخبير لاري قائلا: "نريد ان يعيش شعب جنوب السودان في سلام، واستقرار. نريد ان تتوفر لهم المساكن والاكل والشراب والتعليم والعلاج. نريد ان يعيشوا حياة محترمة، حياة عادية." ومثلما بدا الفيلم القصير (عشر دقائق) بمناظر جنوبيين وجنوبيات فرحين وهم يغنون ويرقصون، انتهي الفيلم بنفس المناظر. --------------------------------------- تعليق (1): قبل اربعة شهور، نشرت جريدة "واشنطن بوست" الامريكية تقريرا وصفت فيه الجنوب بأنه "بريكورياس" (ضعيف، مهلهل). وقبل ثلاثة شهور، نشرت مجلة "ايكونوميست" البريطانية تقريرا وصفت فيه الجنوب بأنه "بري فيلد ستيت" (دولة فاشلة قبل ولادتها). وقبل شهرين، نشرت جريدة "قارديان" البريطانية تقريرا قالت فيه ان العملة المستعملة في الجنوب هي "جلدرين اند كاتيل" (اطفال وابقار). وقبل شهر، نشرت منظمة "هيومان رايتز ووتش" في نيويورك تقريرا اتهمت فيه حكومة الجنوب بعدم القدرة على حماية مواطنيها. وقبل اقل من شهر، اصدر معهد "انديبندانس" الامريكي تقريرا اكثر تشاوما. لم يعلن فيه فقط فشل مصادرة اسلحة القبائل، ولكن، ايضا، دعا الى عدم مصادرة هذه الاسلحة لان حكومة الجنوب لا تقدر على حماية مواطنيها. وهاهي "ريفيوجيز انترناشونال" (منظمة اللاجئين الدولية) في واشنطن، تصدر تقريرا عن فشل الجنوبيين في توطين اللاجئين العائدين. تعليق (2): يبدو غريبا ان يتناقش الامريكيون في فشل الجنوبيين في حكم انفسهم حتى قبل ان يقرروا الانفصال او الوحدة، بينما يتناقش الشماليون في السودان في اذا كان الجنوبيين سيقررون الانفصال او الوحدة. ويبدو غريبا ان يطلب امريكيون من الحكومة الامريكية ان "تتحرك" لانقاذ الجنوب، بينما ولا حتى يشيرون الى حكومة السودان في الخرطوم. وكان امريكا اقرب الى الجنوب من قرب الشمال له. وكأن الشماليون ليست لهم اي صلة بالجنوبيين. وكان اميركا صارت وصية على الجنوبيين. تعليق (3): يجب الخروج من هذا الوضع الغريب. يجب على الشماليين ان "يتحركوا" لانقاذ اخوانهم واخواتهم في الجنوب. لانهم يتحملون مسئولية وطنية، وتاريخية، واخلاقية. ولانهم اولى من امريكا على اخوانهم واخواتهم في الجنوب. في الجانب الآخر، بالنسبة للجنوبيين، صار واضحا ان الشمال يريد فتح صفحة جديدة معهم. فليفعلوا نفس الشئ مع الشمال. ليخرجوا انفسهم والسودان من هذا الوضع الغريب الذي جعل امريكا وكأنها احرص على الجنوبيين من اخوانهم الشماليين. وليتاكدوا بأنهم لن يجدوا من يساعدهم، ويعطف عليهم، ويتعاون معهم، ويحبهم، مثل اخوانهم واخواتهم في الشمال. ------------------------------------------------------------------- CLICK HERE TO VISIT MY WEBSITE!