بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: أولاً: أود أن أشكر الأخ الأستاذ/ عصام الجزولي على تعقيبه بتاريخ 7/11/2012 على مقالي المنشور في العمود الراتب بهذه الصحيفة تحت عنوان (اسرائيل اليد الطولى أم العربدة المطلقة؟).. ، أجزل الشكر له لأنه ترفع على المهاترات التي كثيراً ما تردني دون أن تكون مؤسسة على غير الشباب والتي يعف اللسان عن ذكرها ولأن تعقيبه اعتمد أدبيات الحوار واختلاف الآراء أو الانتماء. ثانياً : أود أن أوضح أن لا علاقة من قريب أو بعيد بين الكاتب وأخانا طارق الجزولي حيث أن الكثيرين يعتقدون أنه شقيق أو إبن عم أو من العائلة للأخ عصام ، ونفس الخلط أيضاً يحدث إذ ظن البعض أن طارق هو شقيق الأستاذ الكبير كمال الجزولي الذي تعجبني مقالاته ولغته وحججه وترتيب أفكاره وطريقة عرضها. طارق الجزولي اتحادي حتى النخاع كابرٍ عن كابر. هذه مجرد معلومة منعاً للخلط. المتن: أظن الأخ اتفق معي على أن إسرائيل عسكرت شعبها لأنها كيان مغتصب سرق أرض شعب بعد أن أقامت له المجازر وشردت شعبه في (129) دولة وأحسب كذلك أنه لا يختلف معي من أن الكيان السارق لا يعيد ما سرقه كما جرت العادة ، فهي دولة قامت على نهب وسلب أراضي الآخرين ونهب خيراته ، فهل هذا يعني أن الأخ عصام يريد أن يبيح ويبرر جرائم العدو الصهيوني حتى وإن أطلق شعاراً رميها في البحر؟!،. إذاً أنت تبيح يا أخ عصام لهذا الكيان المغتصب القتل على مدار الساعة لشعب صاحب قضية، شعبٌ أعزل صاحب حق و أرض . فهل يعني قولك هذا يا أخ عصام إن من حق الكيان الصهيوني كونه لا يقتل شعبه أن يقتل الشعب الفلسطيني وتشرعن له ذلك؟!! ، إذاً إن كان هذا المنطق منطقاً عادلاً فكيف تلومون قيام البشير بإبادة شعب دارفور حسب ما زعمتم؟! أحشف وسوء كيلا؟!، من هذا الحشف أن ما تنددون به الآن يمكن أن تحوروه لمصحكم فيصبح حلالاً لكم وللصهاينة ويحرم على البشير.. أليس كذلك إذا كان هذا هو منطق القياس عند المقارنة؟!! دعنا نفترض جدلاً مثلما ورد بتعليقكم فساويت بين الكيان الصهيوني والبشير، إذاً لماذا لما قام به البشير استدعى ما يسمى بالجنائية الدولية رغم عدم وجود أدلة دامغة على ارتكاب إبادة جماعية في دارفور، ويتغافل تلك المحكمة ومن ورائها عما ارتكبه الكيان الصهيوني من مجازر بحق المسلمين في غزة والتي شهدها العالم أجمع مباشرةً على الهواء ولا تحتاج لشهودٍ أو أدلة وهو ما تفاخر به دولة العدو فأسمتها زهواً "الرصاص المصبوب" فهل هذا هو الدفاع الذي تعنيه بدفاع الكيان عن نفسه لذا فهذه المجازر لا يستحق المساءلة القانونية؟!! .. أليس كذلك؟!! أنا لا أدافع عن الانقاذ ظالمة أو مظلومة وأحمد الله أن لي من الثقافة الدينية ما أفهم به مقاصد الحديث الذي ذكرت، ومن غير اللائق نوصم الآخر بالجهل وندعي امتلاك العلم والحقيقة، أما رأيي الشخصي عن الانقاذ بالنسبة لي هي أفضل السيئين المتواجدون في الساحة الحزبية والسياسية، وقد أوردت عبارة" أفضل" من المفاضلة بين من حكمونا ثلاث مرات بإسم الديمقراطية التي شوهوا معانيها السامية ومع ذلك فهي ليس (خياراً)، أما محاولة الإرهاب الفكري بأن نختزل فكر ومعتقد أي كاتب بأنه ذو انتماء محدد فهذا فيه من التقزيم للفكر الانساني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، فمن المعيب أن نُسَفِّه فكر بعضنا البعض وعلينا أن نختلف ولكن بشرف ومع كفالة حق الآخر في أن يعبر عما يعتقد أنه صواب من وجهة نظره وأن نتعامل بالأفعال لا ردود الأفعال ، وعلينا أن تحترم فكر الآخر أياً كان عثاً هزيلاً أو منطقاً سليماً، حتى وإن اختلفنا معه ، فهل عليّ أن أتهمك أو أوصمك بالعمالة للصهاينة لأنك عقبت بمقال في شكله ومضمونه يعد عن مرافعة دفاع عن متهمٍ هو الكيان الصهيوني، لكن حاشاي أن أدمغك بذلك وحاشا أن تكون كذلك!!، ولكن احتفظت بحقي في الرد عليك أي مقارعة الفكر بالفكر والمنطق بالمنطق والحجة بالحجة!!. أنت تعلم جيداً أن عزلة الكيان الصهيوني هي بسبب جرائمه واغتصابه لأرض الغير وتشريد شعبه وتواطؤ الغرب بقيادة أمريكا وهذا ليس بسر حتى أفشيه رغم ما تثيره جرائمه ضد الانسانية من تقزز معظم شعوب الأرض!! ، أما (السودان) ولا أقول (الانقاذ) فسبب عزلته هو تواطؤ ذات القوى التي تتشدق بحرية الرأي والاعتقاد لأن أهل السودان ارتضوا الرجوع لأصل أحكام دينهم منذ عهد المشير الرئيس نميري - رحمه الله - ، فأتى حزب الأمة والاتحادي مؤتلفان بعده ولم يلغيا أحكام الشريعة فما الذي استجد؟! .. ببساطة إن الذي استجد هو مخزون النفط والمعادن الذي تزخر به أرض السودان والذي حان وقت نهبه فلم ننصاع، لذا سخّرت هذه القوي الاستعمارية بعض بني جلدتنا ليكونوا معول هدم في جدران الوطن وهم الذين فرحوا أيما فرحٍ بقصف مجمع اليرموك!!.. ليتنا ندرك أن كل الأنظمة إلى زوال ويبقى السودان هو الوطن على مر التاريخ وحقائق الجغرافيا!! إذا كانت دولة الكيان هي الأنموذج الذي تحتذي وتفاخر به يا أخ عصام و جاء في مقالكم وأن أجهزة أمنها لا تضطهد شعبها بل تحمي كيانها المصطنع ، فهل يعني هذا أنك تبيح لها القيام بالاغتيالات بعد أن تنتهك سيادة الدول مثلما حدث عندما اغتالت "خليل الوزير- أبو جهاد" وهو في تونس، واغتالت المبحوح وهو بدولة الإمارات واغتالت الشيخ أحمد يسين لحظة خروجه من المسجد وهو في وطنٍ تحتله من أهله ؟!، بالتالي علينا أن نرخخ ونقول لا تثريب عليها إن ضربت مجمع اليرموك واغتالت بعض المواطنين الأبرياء؟!! .. أليس كذلك؟!!.. إن كنت تعتبر كتاباتي موالية للأنفاذ – حسب زعمك- فهذا شرف لا أدعيه، ولكن أليس هذا أشرف من أن أؤيد ضرب الكيان الصهيوني لأرض سودانية هي الوطن، واستباحتها لدم مواطن سوداني أو مواطنة سودانية؟!! هل هو العدل والمنطق أم العداء المستحكم الذي يقود مواطن سوداني يعتز بوطنيته ويفترض أن يفرق بين معارضته للنظام وبين حبه لوطنه وسلامة أراضيه ، في أن يساوي بين اغتصاب السلطة من مواطنٍ سوداني للحكم، وبين شذاذ آفاق تواطأت معهم القوى الاستعمارية في اغتصاب وطن وتشريد شعبه المسلم؟! هل قام المجتمع الدولي بدمغ عمر البشير على أنه سلطة احتلال تحتل أراضي الغير؟!! .. ما لكم يا أخي كيف تحكمون؟! يفترض عندما نقارن بين شيئين متماثلان أو متشابهان، بالطبع لا العقل ولا المنطق يجيز مثل هذه المقارنة ولكن هذه المقارن تفتقر إلى عناصر موضوعية لم يتحرى عناصرها أخي عصام ربما أن شدة معارضته أعمته عن اعتماد معايير المقارنة الموضوعية وهذا حقه الذي لا نعترض عليه ولا نوصمه بأنه عنصري مثل دولة الكيان الصهيوني العنصرية التي يدافع عنها في مقارنة مبطنة والتي تمارس التفرقة العنصرية بين مكونات شعبها من اليهود الأشكناز والسفرديم والفلاشا!!. أرجو من الأخ عصام أن لا يشكر لنا " الراكوبة" في الخريف. الحاشية: إن أهم عناصر المقارنة الموضوعية في التفكير الايجابي بغية الوصول إلى نتائج عادلة منزهة عن الغرض والهوى وهي تنحصر في المقارنة في ثلاثة محاور ، الأول هو التاريخي وعمر دولة الاستيطان بدأ في العام 1948 بينما الانقاذ بدأت منتصف 1989 أي أن المقارنة التاريخية غير متكافئة ولأنك لم تأت على ذكرها ، المحور الثاني المقارنة المكانية التي تقارن التباين والتوافق بينهما فأنت أتيت على ما تراه توافق ولم تذكر لنا التباين، أما المحور الثالث والأخير فهو المحور فهو المحور الزماني المكاني الذي يقارن بين ظواهر في أماكن متعددة لتبيان أوجه التوافق والتنافر بينها وهذا قد أتيت بجزء ضئيل منه لا يكفي لمقارنة عادلة إلا فيما يقع بهوى النفس أي إنه توظيف جزيء!! الهامش: المقارنة تنقسم إلى جزأين هما مقارنة كمية / نوعية ومقارنة منهجية لا تعتمد على التباين التراجحي ولكن لتوخي نتائج لها موثوقية فهي تعتمد على الموضوعية الواقعية!! قصاصة: إن كل ظاهرة تستوجب منا المقارنة يجب أن تخضع للقياس والتحليل والاستنتاج وهي أدوات إن لم تستخدم فحتماً النتائج تصبح غير موضوعية وفاقدة للمصداقية والموثوقية. دعاء: [اللهم اني أفتتِح الثناء بَحمدِك، وانت مُسددٌ للصواب بمنِك، وأيقنتُ أنك أنتَ أرحمُ الراحمين في مَوضع العفوِ والرحمة، وأشد المعاقبين في موضوع النكال والنقمة، واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة، اللهم أذنت لي في دُعائك ومسألتِك، فأسمع يا سميعُ مدحتي، وأجب يا رحيمُ دَعوتي، وأقل يا غفورُ عَثرتي، فكم يا إلهي مِن كُربَةٍ قد فرجتها، وهموم قد كشفتها، وعثرةٍ قد أقلتها ورَحمةٍ قد نَشرتها، وحلقةِ بلاء قد فَككتها..] اللهم تقبل منا دعاءنا هذا واشملنا به جميعاً ونخص به عبدك أخونا عاصم الجزولي بمثل ما دعا لنا وأزيد. عوافي.... Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]