اعتمدت الحركة الصهيونية ومنذ مؤتمرها الأول الذي انعقد في مدينة بال السويسرية عام 1897 على أسانيد باطلة ومتناقضة مع القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان في تبرير اغتصاب الأرض العربية في فلسطين لإقامة كيانها الغاصب. وينكشف استهتار الصهاينة بالقانون الدولي يوما بعد أخر وبشكل واضح وخطير مثلما تتضح أبعاد وأهداف مشروعه الاستعماري التوسعي الاحلالي العنصري الدموي الذي يلقي بظلاله السوداء لا على شعب فلسطين والعرب فحسب بل على البشرية جمعاء وهذا ما تدل عليه ممارسة الحكومات الصهيونية من خلال ارتكابها للمجازر الدموية ضد فلسطين ولبنان وسورية ومصر والأردن والعراق وغيرها من أقطار الوطن العربية والذي طال أخيرا تركيا والعديد من دول العالم في المجزرة الوحشية البشعة التي أوقعها الصهاينة بقافلة الحرية قبل عدة أيام. ولقد جاء انتهاك الصهاينة والاستعمار البريطاني للقانون الدولي عبر وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا في الثاني من شهر تشرين الثاني عام م1917 حيث شكل هذا الوعد تناقضا واضحا مع القانون والعلاقات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان مثلما شكل خرقا واضحا وسافرا لمبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين وتجريدهم من حقوقهم التاريخية عبر التسلط المستند إلى القوة القهرية ، وقد عملت بريطانيا على استصدار قرار عصبة الأمم في شهر تموز عام 1920 من اجل أن تصبح قوة انتداب استعماري على فلسطين لتنفيذ الوعد المشؤوم ، بمعنى أن قيام الكيان الصهيوني بحد ذاته يشكل خرقا للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية لأنه قام على طرد الشعب صاحب الأرض لإحلال مهاجرين غرباء مكانه. هذا إضافة إلى إقدام حكومات العدو الصهيوني وقادته على انتهاك القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان منذ إنشاء الكيان الغاصب في الخامس عشر من أيار عام م1948 وكان أول انتهاك لقرار التقسيم رقم 1881 الصادر عن الأممالمتحدة في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1947م. وذلك عبر قيام العصابات الصهيونية باحتلال مساحات واسعة من الأرض وما عليها من مدن وقرى عربية فلسطينية من الحصة المخصصة للعرب في القرار المذكور بالقوة وارتكب قادة الكيان الصهيوني المجازر الوحشية من اجل طرد العرب الفلسطينيين من تلك الارض مثلما ارتكبوا انتهاك أخر للقرار 194 لعام م1948 المتعلق بطلب العودة للاجئين الفلسطينيين والذي كان شرط لاعتراف الأممالمتحدة بالكيان الاسرائيلي حيث رفضت الاعتراف بهذا القرار وأقدمت على اغتيال المبعوث الدولي الكونت برنادوت (أيلول )1948 لأنه وضع أساس هذا الإقرار ، كما انتهكت اتفاقية الهدنة مع الأقطار العربية المجاورة عبر شن حروب واعتداءات تجاوزت عبرها خطوط الهدنة وبشكل متواصل وبلغ هذا الانتهاك ذروته من خلال القيام بعدوان الخامس من حزيران عام م1967 حيث احتلت القوات الصهيونية كامل ارض فلسطين وأراض عربية أخرى في مصر وسوريا والأردن ومثل عدوان م1978 اختراقا لاتفاقية الهدنة مع لبنان مثلما جاء عدوان عام 1982 على لبنان حيث وصلت القوات الصهيونية إلى العاصمة اللبنانية مما شكل خرقا واسعا وفاضحا لاتفاقية الهدنة ولكل القوانين والمواثيق الدولية حيث لبنان دولة مستقلة وعضو في هيئة الأممالمتحدة مما يعني خرقا سافرا لميثاق الأممالمتحدة. هذا إضافة إلى عدم التزام الصهاينة باتفاقية جنيف لعام م1948 ، وكذلك عدم تنفيذها للقرارات الدولية الخاصة بإعادة الأرض المحتلة لأصحابها اثر عدوان حزيران عام م1967 ويأتي في مقدمتها القرار الدولي 242 الصادر في الثاني والعشرين من تشرين الثاني عام م1967 ، والذي ينص على عدم جواز احتلال ارض الغير بالقوة وانتهاكا أيضا لكل القوانين المتعلقة بسكان الأراضي المحتلة وبالقدس التي عملت على ضمها وتهويدها. وأقدمت على اغتصاب مساحات واسعة من ارض المدينة المقدسة حيث أقامت عليها مستعمرات استيطانية وأقدمت أيضا على طرد عشرات الآلاف من السكان العرب المقدسيين لإحلال اليهود مكانهم على طريق إلغاء الطابع العربي والإسلامي والمسيحي للمقدسات والقدس متجاوزة بذلك القوانين ومواثيق حقوق الإنسان التي تؤكد على احترام الحقوق والملكية الفردية والجماعية والمحافظة على كرامة الانسان بعيدا عن العبودية والتعذيب الجسدي والمعنوي والنفسي والاستخفاف بحياته. كما أقدمت حكومات العدو الصهيوني المتعاقبة على إصدار قوانين وقرارات ضد حقوق الفلسطينيين يتم بموجبها مصادرة الأرض وزرعها بالمستعمرات الاستيطانية ، وكذلك مصادرة المنازل في المدن والقرى المحتلة عام م1948 وطرد سكانها وإحلال يهود مهاجرين مكانهم أو هدمها. بمعنى أن سياسة قادة الصهاينة وحكومات الكيان العدواني الصهيوني المتعاقبة شكلت ، ولا تزال ، خروجا وتحديا سافرا للقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ الحق والعدل المنصوص عليها في هذه المواثيق ، كما اعتمدت هذه الحكومات في سياساتها وسائل القتل والبطش والإرهاب والدم والهدم والاغتيال والاعتقال والحصار لتحقيق أهداف مشروعها متجاهلة ومتجاوزة كل القوانين والمواثيق الدولية مستندة في هذه السياسة على الإدارات الأمريكية التي وفرت ، وما تزال ، توفر لها الحماية السياسية لممارساتها من خلال سيطرتها على المؤسسات الدولية وبخاصة مجلس الأمن الدولي حيث تتمتع بحق النقض "الفيتو" وتستخدمه لحماية الصهاينة ورد أي إدانة لهم. وهذا ما رأيناه واضحا في قضية إجرامية واضحة أقدمت عليها حكومة العدو الصهيوني ضد قافلة الحرية حيث حالت دون صدور مجرد بيان رئاسي وليس قرار يصدر عن مجلس الامن الدولي يدين الانتهاك الصهيوني لحقوق الإنسان ولقوانين البحار الدولية. ان الصهاينة بطبيعتهم مجرمون قتلة حيث رافق العنف والإرهاب والقتل الحركة الصهيونية واليهود عبر تاريخهم سواء أكان هذا الإجرام ضد شعب فلسطين والعرب الآخرين أو المجتمعات التي عاشوا فيها في أي من دول العالم ذلك لان الإجرام والعنصرية والإرهاب من صلب عقيدتهم وفكرهم القائم على الحروب والدماء وكره الآخرين واضطهادهم ، لازمهم العنف بكل أشكاله وأنواعه السياسية والاجتماعية حيث يشكل صلب الإيديولوجية الصهيونية العنصرية. ونتساءل ، بعد كل ما أقدمت عليه العصابات الصهيونية الإرهابية ممثلة بقيادتها العسكرية والسياسية هل يمكن أن يواجه مثل الذي جرى بردة فعل عربية واسلامية لحماية العرب في حاضرهم ومستقبل أجيالهم واستعادة المغتصب من حقوقهم؟ وبعد الذي أقدمت عليه حكومة الارهابيين نتنياهو وباراك ، من إرهاب وانتهاك للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان ، هل تشهد تحركا دوليا فعليا وجادا لاجتثاث الإرهاب من جذوره؟. مثلما نتساءل ، أي ظلم اشد وأفدح من مساعدة العدوان على اقتلاع شعب من أرضه وتشريده وانتهاك حرماته ومقدساته وقتل نسائه وأطفاله وشيوخه وهدم البيوت وقطع الأشجار وإتلاف المزروعات وفرض حصار ظالم عليه وتجويعه وحرمانه من ابسط حقوق الإنسان ومقومات الحياة ومنع وصول إمدادات إنسانية هو بحاجة ماسة إليها؟ وأي ظلم أفدح من اغتيال الحقيقة والإنسانية واختراق المواثيق الدولية عبر توفير الحماية السياسية للمعتدي على عدوانه ، مثلما فعل بإيدن نائب الرئيس الأمريكي بالأمس حيث برر العدوان الصهيوني على قافلة الحرية إضافة لتزويده بكل أدوات التدمير والقتل وتشجيعه على الامعان في عدوانه باعتباره على حد زعم الإدارة الأمريكية إنما يدافع عن النفس؟. وفي الوقت نفسه ، أي ظلم اكبر من إنكار حق ضحية العدوان بالدفاع عن النفس باللحم الحي والصدور العارية أمام العدوان والمجازر الدموية؟ ونوجه سؤالا مباشرا للعرب الذين اجتمعوا في جامعة الدول العربية لماذا الصمت والسكوت ، ولا نقول أكثر من ذلك ، على الظلم والعدوان والإرهاب وعدم اتخاذ المواقف والإجراءات التي يجب أن تتخذ عبرها أساليب الحد الادنى لمواجهة العدوان والإرهاب الصهيوني والمجازر البشعة التي يرتكبها الصهاينة؟ لماذا التمسك بما يسمى بالمبادرة العربية وما يسمى بالمفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني القاتل للإنسان ولما يسمى بمشاريع الحلول؟ ولماذا مجلس الأمن الدولي الخاضع لإدارة منحازة للعدو؟. أيها العرب.. لا بد من وقفة جادة وصارمة مع النفس والأمة لمواجهة العدو الصهيوني الذي لا يعرف سوى الحروب والدم والعدوان والقتل والإرهاب ضد العرب والمسلمين والبشرية جمعاء. المصدر: الدستور 8/6/2010