القوز والأمير دنقلا يقصّان شريط الأسبوع الرابع بمجموعة ابوحمد    ياسر محجوب الحسيني يكتب: البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع    تدشين الزي الجديد لنادي الكمال الكاملين    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    مجلس السيادة يدين هجوم كادقلي    كامل إدريس يُحيِّي جموع الشعب السوداني على الاصطفاف الوطني خلف القُوّات المُسلّحة    الخرطوم .. تواصل نقل رفاة معركة الكرامة للأسبوع الثاني على التوالي    المريخ السوداني يصدر قرارًا تّجاه اثنين من لاعبيه    مناوي: قمت بتنوير الخارجية الألمانية بموقف الحكومة السودانية    بسبب ليونيل ميسي.. أعمال شغب وغضب من المشجعين في الهند    فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    إحباط عمليه إدخال مخدرات الى مدينة الدبة    المريخ " B"يكسب ودنوباوي بخماسية نظيفة والقائد يغادر إلى القاهرة    مقتل قائد بالجيش السوداني    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    شاهد بالصور.. فنان الثورة السودانية يكمل مراسم زفافه بالقاهرة    بعد مباراة ماراثونية.. السعودية تقصي فلسطين وتحجز مقعدها في نصف نهائي كأس العرب    لجنة التحصيل غير القانوني تعقد أول اجتماعاتها    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    أطعمة ومشروبات غير متوقعة تسبب تسوس الأسنان    جود بيلينغهام : علاقتي ممتازة بتشابي ألونسو وريال مدريد لا يستسلم    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبييّ و مسرحية لاهاى ... بقلم: حماد عبدالرحمن صالح/كندا
نشر في سودانيل يوم 08 - 08 - 2009

عندما أحال شريكي نيفاشا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ملف قضية أبيي إلى محكمة التحكيم الدولية كنا نعلم إنها خطوة غير موفقة وقرار فطير مصيره كمصير تقرير الخبراء ، وإن مرده إلى نار اهل المنطقة لإعادة طهيه.حيث لا يعقل أن يتم تدويل نزاع حدودي بين قبيلتين وتكون نتائجه ملزمة لأطراف لا علاقة لها بما جرى ويجري. وكان بالامكان أن ينظر في هذه القضية في إطار المحاكم السودانية ، ففي السودان من القانونيين والعلماء من لا يقلون كفاءة وخبرة ومهنيّة من أعضاء محكمة التحكيم الدولية. وهاهي محكمة التحكيم قد اصدرت حكمها ببطلان تقرير الخبراء وتجاوزهم التفويض في أكثر من سبعة نقاط من أصل عشرة ، مما يؤكد ما ذهب إليه المسيرية والمؤتمر الوطني بإن تقرير الخبراء منحاز ومسيس وخالي من المهنية. أوضحت محكمة التحكيم بإن الخبراء تجاوزوا صلاحياتهم وإعتمدوا في تفسير صلاحياتهم على منحى قبلي وفسروها بإنها تقتضي منهم ترسيم منطقة مشيخات دينكا أنقوك التسع في عام 1905 ، في حين كان تكليفهم إيجاد منطقة قد حوّلت إلى كردفان في عام 1905.
وللأسف الشديد إن محكمة التحكيم الدولية والتي يفترض فيها القانونية والمهنية إهتدت في خاتمة المطاف إلى نفس نتيجة الخبراء مع تعديلات طفيفة متجاوزة بذلك تكليفها ومصداقيتها . كان عليها أن تنظر في القضية حسب المستندات والمرافعات التي تقدم بها الطرفين ولكنها إعتمدت على المنحى القبلى لايجاد منطقة المشيخات وقامت على تحصين تقريرا لخبراء الذي رفضته.
الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنيى أوضحوا قبل صدور القرار بإنهما سيلتزمان بقبول وتنفيذ قرار المحكمة الشيئ الذي يؤكد ما ذهب إليه البعض بإن هنالك طبخة ما ، وإن المؤتمر الوطني والحركة هما من اوصى بالوصول إلى حل توافقي. وإذا سلمنا بهذه النظرية فلماذا لا يصلون إلى هذا الحل بأنفسهم بدلاً من هيئة التحكيم الدولية ، وتكليف دافع الضرائب هذه الاموال الطائلة وتحويل نزاع قبلي إلى تحكيم دولي ووضع سابقة في القانون الدولي سوف يترتب عليها الكثير في المستقبل ؟
المتتبع لتصريحات بعض قيادات الحركة الشعبية من أبناء دينكا انقوك يصل لنتيجة مفادها إنهم ضد القرار ، فكل تصريحاتهم جائت بقبول مبطن ومشروط وفيه تجزءه للقرار. فقبلوا بالارض التي منحت لهم ورفضوا الجزء المتعلق بالبترول والمحصله إنه رفض تتبعه مشاكل ومشاكسه وربما تحكيم آخر.
د. لوكا بيونق وزير شئون الرئاسة ومهندس قضية أبيي قال ل " مرايا اف أم " إن قرار المحكمة بإخراج مناطق البترول خاصة هجليج خارج حدود أبيي لا يعني تبعيتها للشمال وإنهم سوف يلجأون إلى التحكيم إن إقتضى الأمر. السيد إدوارد لينو أدلى بنفس التصريحات وكذلك السيد دينق الور وزير الخارجية واحد ابناء أبيي الذي قال إن قرار المحكمة فيه رمادية وضبابية وإن هجليج والميرم سوف ينظر في أمرهما عند رسم الحدود بين الشمال والجنوب. أما السيد باقان أموم فقال رداً على تصريحات الرئيس عمر البشير في لقاءه مع أعضاء المؤتمر الوطني من ابناء المسيرية ، قال أموم " إن الاستفتاء حول أبيي من حق دينكا أنقوك فقط" وهدد بإن الحركة قد تضطر إلى التصعيد ، ولقد شاهدنا ذلك عندما طلب السيد باقان من الكونقرس الامريكي عدم رفع إسم السودان من قائمة الارهاب وعدم رفع الحظر المفروض عليه . السيد باقان يعترض على حقائق قالها البشير وهي إن منطقة أبيي جزء من السودان وتتبع لرئاسة الجمهورية ومن حق أي سوداني يعيش داخل اراضي المنطقة وبنص الدستور والقانون التمتع بالحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية بما فيها حق المشاركة والإستفتاء المكفول لجميع مكونات أبيي وبنص البرتكول الخاص بالمنطقة والمثبت في الدستور.
لم أكن اتوقع أن يصدر مثل هذا التصريح من الامين العام للحركة الشعبية التي ما فتئت تدعي بإنها تنادي بحقوق المهمشين في جميع أنحاء السودان وتبشر ببناء سودان جديد خالي من الجهوية والقبلية والعنصرية ويعيش الجميع فيه كمواطنين بالتساوي بعيداً عن التمييز على اساس العرق ، اللون أو الدين. فلماذا هذا التحامل وهذه اللهجة الإستفزازية الإقصائية ؟
لقد غضب باقان مما قاله البشير ولا ادري ما هو الخطأ في خطاب الرئيس البشير رغم إن حديثه كان للمجاملة فقط ولا أحد يعول عليه كثيراً ، ومنذ متى اوفى البشير بوعد قطعه على نفسه؟ إن دائرة أبيي يا سيد باقان بها سجل سكاني للإستفتاء يمكن من خلاله معرفة من يحق له التصويت . فأبيي كانت دائرة جغرافية يتنافس فيها المسيرية والدينكا ولقد سبق وأن ترشح فيها عدد من أنباء الدينكا والمسيرية وعادة ما يفوز فيها مرشح المسيرية لأن عددهم في المرحال الاوسط يفوق عدد أبناء دينكا أنقوك والذين يتواجدون بكثرة داخل مدينة أبيي.
فإذا سلمنا بقرار المحكمة بضم مناطق المرحال الاوسط والغربي لدينكا انقوك فالارض ستذهب بأهلها. وهنا لا المسيرية ولا دينكا انقوك يقبلون أ ن تهضم حقوقهم أو يعاملون كمواطنين درجة ثانية ، وإذا سلمنا بمنطق باقان فلا داعي للإستفتاء من اساسه طالما يتم على أساس عرقي قبلي وليس جغرافي ، وفي هذه الحالة تكون النتيجة محسومة.
لقد شارك المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية في إستفزاز مشاعر السودانيين شماليين وجنوبيين عندما حصر النزاع وكأنه حول البترول فقط ، ووصف القرار بالانتصار الكبير وأعلن إنه سوف يوقف نسبة ال 50% من نصيب الجنوب من حقول البترول . ولا ادري عن اي إنتصار يتحدثون ، فالتحاكم للاجنبي خسارة في حد ذاته، وإذا كانوا يثقون في المحاكم الدولية فلماذا يرفضون مثول الرئيس امامها وغيره من المطلوبين للعدالة الدولية؟ أليست لاهاي التي يتحدثون عنها بشيئ من الإعجاب والمدح هي ذاتها لاهاي التي يرفضونها في قضايا أخرى؟ فالامر برمته لا يعدوا ان يكون صفقة سياسية أعدت مسبقاً بين الشريكين المتشاكسين وإن مسرحية لاهاي هي فقط لتهدئة الخواطر.
نتيجة لهذه التصريحات المستفذة تغير المشهد ورفض حتى الذين رحبوا في البداية بقرار محكمة التحكيم الدولية وخرج الآلاف من ابناء المسيرية في القرى والبوادي والمدن في مظاهرات عارمة منددين بقرار ما اسموها بمحكمة الإنحياز الدولية ووصفوه بالجائر والمنحاز والخارج عن قرار التكليف. واكدوا إنه لا يعنيهم في شيئ ولن يلتزموا به وإن الحدود التي يعترفون بها هي فقط حدود 1956.
لم تكن تصريحات قيادات الحركة والمؤتمر الوطني موفقه ، فإذا كان الغرض من إحالة ملف أبيي إلى هيئة تحكيم دولية هو لمعالجة الإشكال وطي هذا الملف والتفرغ لأشياء أخرى فهكذا تصريحات لا تخدم هذا الغرض. كان يجب تهيئة المناخ والتحدث لأهل المنطقة بإن حقوقهم مكفولة ، لقد ذكر أحد المتظاهرين في غضب حيث قال " كنا نظن إن ارض السودان ملك للدولة ولذلك بذلنا الغالي والنفيس لحمايتها وحماية وحدتها ، وإن حق حيازة الارض حق مكفول للجميع حسب القانون ومقتضيات الاستعمال وإن الحدود الادارية بين المحليات والولايات ليست شأناً قبلياً بل من صميم سلطات الدولة ، اما وقد تنازلت الدولة عن صلاحياتها للقبائل فعلى المسيرية من الآن فصاعداً أن لا تقبل بأن يمثلها الآخرون لانها ليست قاصرة ولم تخول أو توكل أحداً لتمثيلها ، ومن يريد أن يتحدث عن الحدود فعليه التحدث مع المسيرية ولا أحد غيرهم."
اخيراً إستدرك السيد سلفاكير ميارديت نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبية وحكومة الجنوب ، وعرف إن الوقت ليس لمزايدات سياسية ومكابرات وإن غضب المسيرية ورفضهم للقرار هو غضب حقيقي ونابع من شعور بالظلم والتهميش ولذلك وجه إليهم طلب زيارته في جوبا للتحدث إليهم والتفاكر معهم بشأن قرار هيئة التحكيم وربما مواضيع مصيرية أخرى.
هذه فرصة للمسيرية وللحركة ويجب أن يتعاملوا معاها بحسن نوايا وتجرد. وعلى المسيرية أن يختاروا وفدهم بعناية وأن لا يسمح لأعضاء المؤتمر الوطني من أبناء المسيرية بالمشاركة . كما عليهم أن يعلموا إن الوصول لحل مرض قد يحتاج إلى تقديم تنازلات وذلك هو سلام الشجعان. وعلى الحركة الشعبية ورئيسها سلفاكير أن يتفادوا طريقة تعامل المؤتمر الوطني مع هكذا قضايا ولا يجعل من اللقاء فقط للإعلام ، نأمل أن يساهم هذا اللقاء في تقريب وجهات النظر ورسم مستقبل للتعايش في المنطقة بعيداً عن المشادات السياسية بين الشريكين أو مكاسب النفط وغيرها فالسلام للناس اولاً ومن ثم تأتي المكاسب الاخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.