الأولويات وأيدلوجيا الصراع المر المستمر يجعل المرء متجاهلاً حقه ومجده الشخصي وساعياً نحو إنجاز الكثير من احتياجات أبناء جلدته من ضمن الكينونة الكبرى الوطن.. عبر الكينونة الصغرى الولاية.. فالمتأمل لمسيرة د. فرح عقار المعزول من المؤتمر الوطني مؤخراً.. ووزير الثقافة والإعلام الأسبق.. ومرشح المؤتمر الوطني لمنصب الوالي في الإنتخابات الأخيرة.. يرى أنه بعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة كان عقار من المنحازين لجانب الشيخ الترابي.. ووقتها المؤتمر الشعبي يعاني مخاضات أليمة من المشاكسات والمكايدات في محاولة للبقاء فقفل الدكتور راجعاً مؤثراً السلامة ومشاركاً رفاقه في المؤتمر الوطني.. حتى وصل لوزير دولة ومرشح لمنصب الوالي.. إلى أن خرج بالقشة التي قصمت ظهر البعير ألا وهي أطروحته عن الحكم الذاتي ورؤيته للحل الأمر الذي أدى إلى عزله في قرار تاريخي وغير مسبوق من المؤتمر الوطني.. إلا أنه خرج بتصريح مفاده إلتزامه بقرارات الحزب وتمسكه بالإنتماء للمؤتمر الوطني.. وفي تقديرنا هذا نوع من الوفاء غير مرفوض.. لكن قرارات السياسة هي شيئ يختلف عن المواقف العاطفية.. فالسؤال الذي يفرض نفسه.. ما موقع أطروحته التي رفضها حزبه للحد الذي وصفه به بالمعارضة؟ الشاهد أن تمسكه بحزبه يعني ضمناً تنازله بل وإعتذاره عن طرحه.. وقد يكون من ضمن خلافات الإسلاميين ما طرحه د. عقار يندرج تحت هذه الخلافات والتي كان نتاجها فصله من الحزب؟ ولربما نما تياره من المناطق التي يشكو من التهميش فكان صوت عقار أعلى نسبياً للدرجة التي إحتاج فيها للبتر.. فتبقى الخيارات أمامه إما التوجه صوب المؤتمر الشعبي ويكون بذلك قد وقع بينه وبين المؤتمر الوطني طلاقاً بائناً.. أما إذا حاول لملمة بقايا الأطروحة ولحق بمالك عقار يدلل ذلك على مخطط للدفع به نحو غريمه السابق.. فيكون كما قال اللواء الهادي بشرى العقار عقارين.. وأيضاً يبرز تساؤل ما موقف فرح من المغيب الأكبر إنسان النيل الأزرق.. فإذا تجاوزه يكون قد خسر مرتين.. بعد خسارته للوطني.. فعقب فشله في الفوز بمنصب والي النيل الأزرق في الإنتخابات الأخيرة غادر المنطقة إلى المركز وبقي بعيداً عن حالات الإلتحام اليومي.. وإذا أغلق أبوابه وجنب نفسه المعارك وإختار طرق السلامة فإن أطروحته تكون قد شيعت إلى مثواها الأخير.. بعد أن ولدت وهي تحمل في جيناتها عناصر التشويه.. أما إذا لجأ إلى أبناء الولاية وأعاد طرح أطروحته من جديد في ظل أهله وعشيرته سيمثل ذلك صحة قرار المؤتمر الوطني.. لكن بالمقابل سيعطيه بعداً آخر قد يصل إلى درجة المجد لأنه سيكون صوتاً قادماً من عمق منظومة الإسلام السياسي.. وسيشكل رصيداً للأصوات المتعددة التي تنادي برفع التهميش وبالوحدة.. فهل د. فرح عقار يملك القدرة على تجاوز المحنة ويترك الآخرين أو يكون معهم في مسائل الترهل.. أو ما بعد السقوط.. مدى.. إلى والي ولاية النيل الأزرق اللواء الهادي بشرى لم أجد من يأنس في الحرب روعة.. مثلما لم نأنس في المؤتمر الوطني الديمقراطية التي تجعلك مقرراً للتفاوض أو رافضه.. وقد علمونا أن تُكسر رقاب الرجال ولا تنحني..