المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضعُف الطالب .. وعزّ المطلوب!! (4-4) .. بقلم: د. عمر القراي
نشر في سودانيل يوم 26 - 02 - 2013

"الانتباهة" تستعين بوقيع الله لتشويه الفكر الجمهوري
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ* وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) صدق الله العظيم
جهله بالتاريخ:
كتب وقيع الله (نشأت الفرقة الجمهورية كحزب سياسي، اسمه الحزب الجمهوري الاشتراكي، في أوآخر أكتوبر من عام 1945م)( الانتباهة 23/1/2013م). ولم يخبرنا هذا (الباحث)، من أين أتى بهذه المعلومة الخاطئة، ولو لم يكن جاهلاً بالتاريخ السياسي لهذا البلد، لعلم انه كانت هنالك ثلاثة احزاب جمهورية: الحزب الجمهوري الاشتراكي، ورئيسه الأستاذ بابكر كرار –رحمه الله- والحزب الجمهوري الإسلامي، ورئيسه الاستاذ ابراهيم بدري –رحمه الله- والحزب الجمهوري، ورئيسه الاستاذ محمود محمد طه.
يقول وقيع الله (ويذكر الأستاذ محمد عمر باشري، أن الجد الأعلى لمحمود هو الشيخ الهميم المعروف في تاريخ التصوف في السودان)(المصدر السابق).ثم ذهب يحدثنا عما ورد في كتاب "الطبقات" عن الشيخ محمد الهميم، من شطح، ومفارقة للشريعة، تحت عنوان "شطح وراثي"، يشير إلى ان افكار الاستاذ محمود، إنما هي شطح موروث عن جده الهميم. وبدلاً من ان يرجع الى وثائق الجمهوريين في هذا الأمر،التقط كتاباً ضعيفاً، معظم ما به أقاويل لا سند لها- كاتبه هو الاستاذ محجوب عمر باشري وليس محمد عمر باشري- عن الشخصيات السودانية. ولقد اعترض الجمهوريون على ما ورد في الكتاب، في وقته، ووعد كاتبه بالتصحيح. والحق أن الشيخ محمد بن عبد الصادق الركابي، المشهور بالهميم، والمدفون بالمندرة، شرق مدينة الفاو، ليس جد الأستاذ محمود!! وهل يعلم وقيع الله، ان الشيخ الهميم عاصر بدايات دولة الفونج، وهو لو كان جد الاستاذ، لكان جده العاشر أو أكثر؟! فهل يمكن ان نقبل رأي من يحدثنا، مثلاً، بأن حماقة د. محمد وقيع الله، التي اعترف بها، وأشرنا لها في المقال السابق، سببها أن جده العاشر كان أحمق؟! وإذا كانت الحماقة لا تورث فكذلك الشطح!!
ومن الجهل بالتاريخ أيضاً، قول وقيع الله (وقد أصدر الاستعمار قانوناً يمنع عملية الخفاض الفرعوني للصبايا ويعاقب القابلة التي تجري تلك العملية بخمسة أعوام سجناً. كان محمود في الصف المعارض لمنع الخفاض. وبسبب نشراته المعارضة للخفاض، أرسل إليه مدير الشرطة البريطاني يطلبه) (المصدر السابق). إذلم يكن الاستاذ محمود في الصف المعارض للخفاض، ولم يرسل المدير البريطاني للأستاذ محمود بسبب نشرات معارضة للخفاض.. وإنما سجن الاستاذ محمود أولاً، بسبب منشور معارض للاستعمار، ثم جاءت حادثة الخفاض لا حقاً.. فقد جاء (مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لايشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات أو يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه إلى سجن كوبر "الرأي العام 3/6/1946م"). ولقد أوضحنا من قبل للطيب مصطفى، حين اثار نفس الفرية، بأن ذلك محض كذب، ونشر ذلك التوضيح، في صحيفة أجراس الحرية، ولكن وقيع الله لا يقرأ، وحين يقرأ لا يفهم، كما سنوضح لاحقاً، فقد جاء (ولقد كذب الطيب مصطفي، حين قال إن الاستاذ محمود كان يؤيد الختان الفرعوني، فقد جاء في منشور الحزب الجمهوري، الذي كان سابقاً لثورة رفاعة "اننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني، أو نحلل الاسباب التي اوحت بها لابناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة ابتدعتها حكومة السودان ابتداعاً وتريد ان تجبرنا على اتباعها"ويمضي المنشور ليقول"إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة، ولكن السودانيين كبقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة، وعاداتهم السيئة والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وإنما بالتربية والتعليم الواعي .. لا شك ان مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس، تأصل الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على ان حكومة السودان، أما ان يكون قد رسخ في ذهنها اننا شعب تستطيع القوة وحدها ان تثنيه عن كل مبدأ، أوعقيدة أو ان تكون قد ارادت ان تقول للعالم الخارجي، أن السودانيين قوم متعنتون، وان تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ... أما القانون في حد ذاته، فهو قانون أريد به إذلال النفوس، وإهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة .. قل لي بربك أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟ وأي كريم يرضى بأن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف عليهن؟! عجباً لكم ياواضعي القانون أن تستذلونا باسم القانون! أومن الرأفة بالفتاة ان تلقوا بكاسبها في السجن؟!" "منشور الخفاض- الحزب الجمهوري 1946م")(أجراس الحرية يناير 2010م).
يقول وقيع الله (وفي أوآخر سنة 1951م خرج محمود من عزلته ليواصل نشاطه العام من جديد، وكان أول ما بدأ العمل فيه أن دعا إلى افتتاح مدرسة للحديث النبوي، وكان يتجول بنفسه لجمع التبرعات، وكان مظهره وهو خارج من عزلته يشبه مظهر علماء الحضارات القديمة وحكمائها، حيث خرج بشعر كث، ولحية وافرة، وملابس رثة، ورأس عارٍ، وطفق يلقي على الناس أحاديث غريبة، ويحاورهم بمنهج لم يستوعبوه ) (الانتباهة 24/1/2013م) من أين جاء وقيع الله بهذه المعلومات؟! هل هي مشافهة سمعها من أي شخص في ونسة؟! وهل لدى وقيع الله صورة فوتغرافية حتى يصف مظهر الأستاذ؟! وأين هذه المدرسة المزعومة؟! ولماذا مدرسة للحديث النبوي؟! هذا كذب صراح، وما كان وقيع الله ليحتاج له، لو لا انه كتب عند الله كذاباً!!
جهله بالشورى وبالديمقراطية
يقول وقيع الله (إن محمود يتناسى - مرة ثانية - أن آية الشورى التي سميت عليها سورة كاملة في القرآن نزلت في مكة وهي الآية التي تقول عن الجماعة المسلمة المكية: «والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون» وهي آية لم تنسخ قط لأن ما تضمنته من الإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لم ينسخ قط. يضاف إلى هذا التحكم في استخدام إستراتيجية ضرب القرآن بعضه ببعض أن هذا الفهم يستبعد كل ممارسات الصحابة الرشيدة لحريتهم، من اختيار للخلفاء إلى توجيه النقد والتقويم إليهم، وإلى كل ممارسات الشورى والحسبة في مجتمع النبوة، ومجتمع الخلفاء الراشدين)(الانتباهة 29/1/2013م). ولو كان وقيع الله يعرف، لعرف أن الآية التي أوردها، لا تحوي حكماً، وإنما تصف حال المسلمين في مكة .. فهم يصلون، وينفقون، ويتشاورون في امورهم. والنسخ لا يقع إلا مع وجود حكمين متعارضين. ولهذا فإن آية الشورى، التي نسخت الديمقراطية، التي هي من أصول الإسلام في أمر الحكم، إنما هي قوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) قد أمرت النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من يحكم المسلمين، وفق الشريعة، بأن يشاور من يشاء ممن حوله، ولكن له الحق، إذا عزم على امر، ان يتوكل على الله، ويمضيه، وإن خالف من شاورهم. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يشاور اصحابه، وكثيراً ما ينزل عند رأيهم، ولكنه يمكن ان يخالفهم، كما حدث في صلح الحديبية .. وتلك ايضاً كانت سيرة خلفائه، فقد خالف ابوبكر رضي الله عنه الناس، واصر على قتال مانعي الزكاة. فالشورى ليست ديمقراطية، وليست نظام حكم، وإنما هي آلية اتخاذ قرار. أما نظام الحكم في الشريعة الإسلامية، فهو نظام وصاية الفرد الرشيد على الجماعة.. وهو نظام غير ديمقراطي، لأن الخليفة فيه، يجمع في يده كل السلطات، ويمكن ان ينفذ حكمه، ولو خالفه كل الشعب!! ولئن ناسب ذلك النظام العرب، وهم يخرجون من ظلام الجاهلية في القرن السابع الميلادي، فهو لا يناسب الناس اليوم. ولهذا دعا الاستاذ محمود،لتحكيم قوله تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)، باعتباره نص دستوري، يمكن ان يشرع منه للديمقراطية، وذلك لأن رفع سيطرة الفرد لا يمكن ان يتم، إلا إذا شاركت الجماعة في حكم نفسها، وهذا لا يمكن إلا بالتمثيل النيابي،الذي تقوم عليه الديمقراطية.وليس صحيحاً أن الصحابة كانوا يختارون الخلفاء، كما قرر وقيع الله أعلاه دون علم. فلقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر للصلاة، ففهموا أنها اشارة الى تخليفه. وولى أبوبكر عمراً، قبل وفاته، وقال (وليت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا واطيعوا)، وحدد عمر ستة، وحصر الخلافة فيهم. ولم يشارك جميع المسلمين، ولا اهل الامصار في كل ذلك، وإنما يوقعون البيعة، بعد ان يحدد الخليفة وفق التوصية، وليس وفق اختيار الناس.
ولوقيع الله إعجاب متردد بالديمقراطية، التي يمارسها الغرب، وهو لفرط جهله، يظن انه يمكن الجمع بينها وبين الشورى!!وقد سبق ان نبهنا الى ذلك التخبط، فجاء (وحين سأله المحاور بناءً على حديثه السابق "هل نحن محتاجون الى استيراد قيم سياسوية؟"اجاب بقوله "لا أعتقد.. من جانب آخر أعتقد ان دراسة وتمثل الموروث الشوري الاسلامي القديم وفهمه بنضج متقدم يكفي في حد ذاته" .. ولعله قبل ان يسجل الصحفي هذه الإجابة الواضحة التي فحواها أننا لا نحتاج لاستيراد الديمقراطية من الغرب، وإنما يجب ان نتمثل الشورى القديمة ونتفهمها، إذا بوقيع الله يفاجئه بقوله "لكن لا مانع من الاستزاده بالتجارب الديمقراطية العظيمة المتطورة في الغرب خاصة الولايات المتحدة الامريكية وهذه البلاد تمارس فيها الديمقراطية ممارسة حقيقة حيّة وقوية وناضجة وشريفة"!!نحن هنا أمام جهل مزدوج جهل بالفرق بين الديمقراطية والشورى من ناحية، وجهل بتزييف الولايات المتحدة الامريكية للديمقراطية من ناحية اخرى. فوقيع الله يظن انه يمكن ان يطبق الشورى ثم يزيد عليها الديمقراطية الغربية في نفس الوقت)(الصحافة أكتوبر 2006م).
جهله بالرأسمالية وبالشيوعية
يقول وقيع الله (وهكذا ينسب محمود الإسلام برسالته الأولى إلى الرأسمالية، وهي نسبة غريبة بالطبع لأن نصوص الإسلام تهدر وتهدم وتحرم معظم دعائم الاقتصاد الرأسمالي، من ربا واحتكار واستعمار واستغلال للضعفاء. وكل ذلك مما لا يمكن أن يقوم النظام الرأسمالي بدونه، كما لا يمكن أن يقال إن الدولة المسلمة تقف عاجزة عن التدخل في السوق ولا تقوم بضبطه أو ترشيده عند الضرورة ..... وطبعاً فقصة الشيوعية منسوبة إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر لا يستحق الرد)(الانتباهة 29/1/2013م). إن النظام الرأسمالي، هو النظام الذي يبيح ملكية وسائل، ومصادر الإنتاج، للفرد، أوالافراد القلائل في صورة شركة أو شراكة. والاحتكار، والربا، والاستغلال، تتبع كنتائج للنظام الرأسمالي، ولكنها ليست التي تميزه عن غيره، وإنما تميزه الملكية الفردية التي لا تقيد. وما دام النظام الاقتصادي، وفق الشريعة الإسلامية، لا يمنع الفرد من أن يملك المزرعة، التي يعمل بها العشرات، أو المصنع الذي يعمل فيه مئات العمال من الأجراء، ولا يطالبه إلا بنسبة ضئيلة من دخله، هي مقدار الزكاة، فإنه نظام رأسمالي، وإن كان ملطفاً بالدعوة الأخلاقية للصدقة، والبر، وعدم الاحتكار. ولهذا كان في مجتمع الصحابة، أهل الصفة، الذين يسكنون المسجد، ويعيشون على ما يتصدق به عليهم الميسورون.. وفيه الاثرياء، الذين يمولون الجيش، ومنهم من كان ذهبه يكسر بالفؤوس!! أما النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يجمع المال، ولا يدخره حتى يبلغ نصاب الزكاة، وإنما كانت زكاته هي ان ينفق كل ما زاد عن حاجته الحاضرة .. وهو حين يفعل ذلك، غايته أن يشيع المال بين الجميع، فلا يكون بيد القلة دون الكثرة،ولذلك قال (كان الأشعريون إذا أملقوا أو كانوا على سفر وضعوا ما عندهم على ثوب واقتسموه بالسوية أولئك قوم هم مني وأنا منهم)،من هنا، جاء وصف الأستاذ محمود للنبي الكريم، بأنه عاش الشيوعية في قمتها، وهو ما استنكره وقيع الله، وقال عنه (... وطبعاً فقصة الشيوعية منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمرلا يستحق الرد)!! فهل يظن وقيع الله ان الشيوعية تعني الماركسية، وتعني الإلحاد، ولذلك لا يمكن ان ينسب النبي صلى الله عليه وسلم إليها؟! أوما علم ان الشيوعيين ظهروا قبل الماركسية، وكانوا مجموعة من العمال، المسيحيين، الفرنسيين، الذين يعيشون في تجمعات، ويتقاسمون بينهم كل ما يملكون، وقد أعجب بهم ماركس وسمى عليهم فكرته؟!
جهله بالقوامة وبحقوق المرأة
يقول وقيع الله (إن القوامة المشار إليها هنا لا تعني قوامة الرجل مطلق الرجل على كل النساء، وإنما هي قوامة الرجل على زوجته، وهي قوامة في نطاق الزوجية، ولوأرادت المرأة أن تفض هذه القوامة فما عليها إلاأن تفض علاقة الزوجية فتتحرر من تلك العلاقة... إن القوامة لاتعدو أن تكون رئاسة للأسرة لايمكن أن تعطى للزوجة، ولا أن يشترك فيها الزوجان، وإنما يتولاها الزوج وحسب ) (الانتباهة 30/1/2013م). هذا مبلغ علم وقيع الله، فما هو الحق في أمر القوامة؟؟ يقول تبارك وتعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) جاء في تفسير هذه الآية الكريمة ( "الرجال قوامون على النساء" أي الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت"بما فضل الله بعضهم على بعض" أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة ولذلك كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الاعظم لقوله صلى الله عليه وسلم "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري، وكذا منصب القضاء "وبما أنفقوا من اموالهم" أي المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم في كتابه، وسنة نبيه، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والافضال فناسب أن يكون قيماً عليها .. قال الحسن البصري: جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أن زوجها لطمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: القصاص. فانزل الله عز وجل "الرجال قوامون على النساء" فرجعت المرأة بغير قصاص. "واللاتي تخافون نشوزهن" أي النساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على ازواجهن، والنشوز هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لأمره المعرضة عن المنفعة له، فمتى ظهر منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فان الله قد أوجب حق الزوج عليها، وطاعته وحرم عليها معصيته، لما له عليها من الفضل والافضال. قوله "وأهجروهن في المضاجع" قال على بن طلحة عن ابن عباس: الهجر هو ألا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويولها ظهره. وزاد آخرون منهم السدي والضحاك وعكرمة: ولا يكلمها ولا يحادثها. "واضربوهن" إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران فلكم ان تضربوهن ضرباً غير مبرح)(تفسير ابن كثير –الجزء الأول ص 491-492). وسئل الشيخ ابن تيمية: (هل يجب على المرأة أن تخدم زوجها؟ قال: وقيل وهو الصواب وجوب الخدمة فإن الزوج سيدها في كتاب الله وهي عانية عنده بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى العاني والعبد الخدمة)(ابن تيمية: فتاوي النساء ص 265). ولما كانت القوامة لا تتعلق فقط بالازواج وإنما كل الرجال قوامون على كل النساء كما جاء في صريح النص فقد حرمت المرأة في الشريعة من أي دور فعال في المجتمع. يقول أبو الأعلى المودودي، زعيم الجماعة الاسلامية في باكستان-رحمه الله- ("الرجال قوامون على النساء" "النساء 34" "لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة" رواه البخاري، هذان النصان يقطعان بأن المناصب الرئيسية في الدولة رئاسة كانت أو وزارة أو عضوية مجلس الشورى أو ادارة مختلف مصالح الحكومة لا تفوض الى النساء، وبناء على ذلك فإن مما يخالف النصوص الصريحة ان تنزل النساء تلك المنزلة في دستور الدولة الاسلامية أو ان يترك فيها مجال لذلك. وارتكاب تلك المخالفة لا يجوز البتة لدولة قد رضيت لنفسها التقيد بطاعة الله ورسوله)(أبو الأعلى المودودي –تدوين الدستور الاسلامي ص 57). ومن حسن التوفيق، أن أحكام الشريعة في أمر المرأة ليست كلمة الدين الاخيرة، وان بعث الاسلام يقتضي تطويرها،على نحو ما جاء في كتاب تطوير شريعة الاحوال الشخصية، للاستاذ محمود محمد طه، فليراجعه القارئ الكريم.
أما بعد، فإن وقيع الله رجل جاهل، من أي النواحي اتيته .. فهو جاهل بالتاريخ، وجاهل بالشريعة التي يدعي الدفاع عنها، ويفترض ان يكون قد درسها بالجامعة الإسلامية، وجاهل بالمفاهيم الحديثة، كحقوق المرأة، والديمقراطية، والشيوعية .. وفوق ذلك، لا يتحلى بأي قيمة أخلاقية، ويكذب كما يتنفس!! ولو كان الأمر يتعلق به، ما استحق أن تهرق قطرة من مداد في الرد عليه. ولكننا قصدنا تصحيح التشويه، الذي ربما يكون قد أثر على بعض القراء الصادقين، الذين ما كان ليخطر ببالهم مبلغ الكذب والتحريف، الذي قد يتورط فيه وقيع الله. ولقد علق بعض القراء،بأن هدف وقيع الله، والطيب مصطفى، من هذه المقالات- وقد نجحا فيه- هو صرفنا عن النقد السياسي لحكومتهم، بالدخول معهم في جدل غير متكافئ، ولا ينتهي، لأنهم يكررون نفس اقاويلهم، ولا يعبأون بالردود..وإني إذ اتفق مع أولئك القراء في ملاحظتهم الذكية، لا اوافقهم على نجاح وقيع الله والطيب مصطفى، في صرفنا عن نقد حكومتهم .. بل إننا بكشف مستوى ضحالة وقيع الله، إنما نؤكد ذلك النقد. فلو لا ان الحكومة فاشلة، وسيئة، وعاجزة،لما تقرب اليها أمثال وقيع الله وتسقطوا رضاها.. ولو لا ان الانتباهة صحيفة متهافتة، وبعيدة عن المهنية، لما نشرت له، وجل ما يكتب دون مستوى النشر.ورغم علمنا بعدم حياد الاخوان المسلمين، حمل الأخ علاء بشير، ردنا على وقيع الله الى المسؤولين في صحيفة الانتباهة، وقابل مدير التحرير، وطلب منه نشره عملاً بالعرف الصحفي المعروف بالحق في التعقيب.. ولكنه رفض ذلك، وتعذر بما يظهر ضآلة قامته، بإزاء حرية الصحافة. ولعل هذا الموقف، قد أوضح مفارقة هذه الجماعة، وكتابها، وصحفها، وحكومتها، بأبلغ مما فعلت هذه المقالات.
د. عمر القراي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.