من المشاكل الكبيرة في بلاد الغربة تربية وتعليم الأولاد والبنات، ليست تلك المشكلة في بلاد الغرب والعجم فقط، بل هي موجودة في البلاد العربية بما في ذلك دول الخليج التي تستقطب معظم المغتربين السودانيين وبها أكبر الجاليات السودانية. وحسب نظم وقوانين تلك البلاد فمن غير المسموح بإنشاء المدارس للجاليات العربية بحجة وجود منهج عربي، لكن للأسف ذلك المنهج لا يعني بتدريس تلاميذ وطلبة تلك الجاليات المواد المتعلقة بتاريخ أو جغرافية بلادهم أو أي من المواد المتعلقة بثقافتها والتربية الوطنية، وبالتالي يدرس الطالب منهجا بعيد كل البعد عن بيئته (الوطنية) مما يؤدي الى اختلال في تركيبة وبنية الطالب (النفسية) والاجتماعية ويضاف لها في بلاد الغرب الجوانب (الدينية) و الاجتماعية وما الى ذلك من مكونات، تؤدي في نهاية المطاف الى خلق وتكوين شخصية (غير سودانية) الملامح والسمات و (الصفات). تلك المسائل يقع فيها المغترب (قسرا) ويكون مضطرا لعدم وجود مدارس تدرس المنهج (القومي) السوداني، ولكن للأسف وفي السودان وفي وجود المنهج السوداني يلجأ كثير من الآباء وأولياء الامور الى المدارس الغربية أو الأجنبية التي لا تتبع المنهج القومي السوداني لأسباب عدة كثير منها غير مقنع أو غير منطقي، كحجة تعليم اللغات أو مسألة (التباهي) الاجتماعي وما الى ذلك، رغم أن الأسر التي تلجأ الى تلك المدارس تكون من الأسر المحافظة المعروفة باتباع المنهج الديني القويم في التربية. ان تربية وتنشئة الأطفال مسئولية كبيرة تقع على عاتق الوالدين وتكون نهايتها وخيمة ان لم نتوخى فيها أمور محددة، على سبيل المثال لا الحصر، أمور العقيدة و الدين والثقافة والتقاليد، ان تلك المدارس لا تخرج لنا سوى أفراد مبتورين ومنسلخين و (ممسوخين) عن بيئتهم الأصيلة وتقاليدهم الأصلية وتاريخهم المجيد ومجتمعهم ذي التقاليد السمحة والعريقة التي تنهل من ثقافتنا الضاربة في عمق التاريخ وتعاليم ديننا الحنيف. وللأسف أباء هؤلاء الأطفال يدعون انتمائهم (الزائف) لتلك التعاليم والتقاليد وينحدرون من أسر معروفة بتاريخها الذي تشرب ورضع من تلك التعاليم، وفي واقع الأمر فإن جدود بعض اولئك الأطفال برزوا بشكل عام ومعروف عبر مواقف تاريخية مثبتة أكدت مواقفهم البطولية الرائعة التي سطرها لهم في سجلاته وصفحاته بأنهم من الشخصيات النادرة التي عملت على نشر الاسلام في ربوع بلادنا وأنهم أول من ارسوا قواعد التعليم الديني في السودان المتمثل في (خلاوي) تحفيظ القرآن. أنا لست ضد أن نعلم الابناء في مدارس خاصة، ولكن بما ان المسئولية تقع على عاتقنا، فان الاب ينبغي أن يتحرى الأمر لمعرفة (هويات) تلك المدارس التي قد تعمل على (تنصير) أو (تهويد) و (سلخ) أولئك الصغار من مجتمعاتهم وأسرهم المسلمة، أو أحيانا الى (التشويش) المتعمد على فكر وثقافتهم ، فما فائدة أن يتخرج الأطفال وهم يتحدثون الانكليزية بطلاقة وفي الوقت نفسه لا يعرفون عن دينهم أو عقيدتهم شيئا، وقد بلغوا سن العاشرة أو تجاوزوها وهم لا يعرفون معنى الصلاة. شهدت في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية منظرا ترك في نفسي أثرا عظيما، وهو أن ابنة أحد أصدقاء قريبنا كانت مع أبيها في الولاياتالمتحدةالامريكية ابان تحضيره لشهادة الماجستير هناك، وهي قد تجاوزت العاشرة من عمرها، قد تعجبت من (فعلة) زوجتي التي كانت تؤدي صلاة المغرب {لحسن الحظ أنهم كانوا يحتفظون بمصلاية للضيوف} لأنه للأسف لا والد الطفلة ولا أمها كانوا يصلون، فسألت الطفلة البريئة زوجتي: خالتو انت بتسوي في شنو؟؟؟؟ فردت عليها زوجتي بأنها كانت تؤدي صلاة المغرب،، واتضح أن الطفلة المسكينة كانت (جاهلة) تماما بذلك الأمر، ولا تعرف عن الاسلام شيئا سوى أن خانة الديانة في جواز سفرها كانت تحمل لقب (مسلمة)، يعني على الورق فقط. وما أكثر أمثال تلك الطفلة البريئة، هي ليست ملامة على ذلك، اتقوا الله في اولادكم وبناتكم، واحذروا تلك المدارس وأمثالها، ولا تتركوا لها الحبل على الغارب وكونوا قريبين منهم وراجعوا دروسهم ودققوا في مقرراتهم. alrasheed ali [[email protected]]