حكي لي الدكتور الراحل عمر نور الدائم كيف أن زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق وصف المعارضة الشمالية بعدم جديتها في اسقاط نظام الخرطوم وقال له في جلسة جمعتهمها معا ذات يوم يبدو بعيد الان : لو كنتم جادين فسوف ابعث لكم جنودا وعساكر من الجيش الشعبي يدخلون الخرطوم كمواطنين مدنيين ويمكنكم إستخدامهم كعمال مهرة اوحتى كخدم في المنازل وفي ساعة الصفر ينطلقون من بيوتكم لاحتلال المواقع الحيوية والاستراتيجية ليشكلوا عبر الدعم والاسناد الخارجي قوة ضاربة لاحتلال الخرطوم واسقاط النظام فما كان من الدكتور عمر نور الدائم إلا وأن قال له نحن مشكلتنا مع النظام وليس مع البلد حتي نخربه !! قصة الرجلين حدثت ايام التجمع والكفاح المسلح ,مرت عليها سنوات عبرت خلالها مياه كثيرة من تحت جسر العلاقة بين المعارضة والحكومة والرجلان الآن في ذمة الله وتغيرت الظروف الأحوال لكن بدا أن العودة للمربع الأول لا زالت ممكنة فقريب من ذلك ما روته لي ذات مساء باحد فنادق العاصمة الاريترية اسمرا روضة النميري المقاتلة االبارزة بصفوف الحركات المسلحة ان معاركهم مع القوات المسلحة فى بعض الاحيان تكون بشكل غير مباشر نظرا لعدم تكافؤ القوة والاسلحة بين الطرفين لكنهم_اي قيادات الحركات المسلحة_ يستخدمون استراتيجية أخري من خلال قيامهم بتشييد و انشاء قري وهمية مكونة من القطاطي والقش والمواد المحلية التى تستخدم في البناء يكون سكانها هم أفراد الحركات المسلحة نفسها ويستعينون ببعض النساء والأطفال لاكمال (الحبكة) التي تنطلي علي الجيش الحكومي الذي يسألهم وهو غير ملم بهويتهم عن تحركات (العدو) فيقومون بتضليله وضربه من الخلف حينما يغادر القري المصنوعة وبذلك يتمكنون من احداث اكبر خسائر ممكنة هذا بالطبع غير عملية الارباك وعنصر المفاجأة الذي يسهم في شل حركة القوات الحكومية .. ربما لا..لكن يبدو ان هذه الاستراتيجية التى حدثتني عنها روضة النميري في العام 2007م أصبحت هى سيدة الموقف الان في المواجهة بين الحكومة وقوات الجبهة الثورية التي يتكون اغلب قياداتها وعناصرها من حركات دافور, فالرواية الراجحة في احتلال ابو كرشولا تشير الى ان عدد مقدر من قوات الجبهة الثورية دخلوا لابي كرشولا كمواطنين عاديين توزعوا داخل المنطقة في الاسواق والمواقع العامة بل ومدوا القوات الخارجية المنتظرة لساعة الصفر معلومات ضافية عن المنطقة واماكن تمركز القوات النظامية الامر الذي سهل من عملية الهجوم واحتلال المنطقة ,, وما جري في ابو كرشولا بدا أن بعض فصوله ومشاهده كان من الممكن حدوثها بالخرطوم فقد تداولت الانباء ان السلطات الامنية القت القبض علي عناصر من الجبهة الثورية يقدر عددهم بحوالي 10 من الافراد بسوق المويلح بأم درمان وكانت المجموعة – طبقا لبعض المصادر – تحت الرقابة والرصد من قبل الاجهزة الامنية بعد تسللها الي السوق ليلا حيث تم اعتقالهم ومباشرة التحقيق والتحري معهم وقد يكشف ذلك وجود مزيد من الخلايا النائمة وهذا يتماشي مع تصريحات قيادات الجبهة الثورية الذين أكدوا أن هدفهم الخرطوم ..والتصريح نفسه واستهداف العاصمة الخرطوم لا يبدو جديدا فقد سبق وان قال لي رئيس حركة العدل والمساواة السابق الدكتور الراحل خليل ابراهيم وبوضوح تام في حوار سابق اجريته معه في مقر اقامته باسمرا أن هدفهم هو الخرطوم – محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم وبالفعل وبعد اقل من عامين علي تصريحات الرجل دخلت قوات العدول والمساواة مشارف بل وسط الخرطوم واخترقت حتي جسر الفتيحاب وبعد تشتت هذه القوات نتيجة الضرب الذي تعرضت له في عدد من الاحياء السكنية نزع بعضهم وخلع البزة العسكرية ولبس الزي المدني العادي _وكان البعض منهم أصلا مرتديا للزي العادي تحت البزة العسكرية احترازا واحتياطا حتى لا يتم كشفه في حالة وقوع الهزيمة_وتمكنوا من الافلات من المطاردة والملاحقة وانتشروا في الاحياء والمناطق الطرفية وقد تردد وقتها ان بعض هؤلاء العساكر ذهبوا واندسوا وسط اهليهم وخليل ابراهيم نفسه قيل ان هناك من رآه في سوبا بل وفي أمبدة ولماذا نذهب بعيدا فأخوه غير الشقيق وساعده الأيمن عبد العزيز نور عشر قبض عليه وسط أهله بأحد (الكنابي) الطرفية بمدينة حلفاالجديدة وهو يستعد لمغادرة المنطقة شرقا وصولا لأريتريا .. حسنا..ويجوز القول ان تداعيات الازمة على ابوكرشولا وامروابة جعلت الحكومة تتكلم باكثر من لسان وحال فهي تارة تؤكد هدوء الاحوال الامنية وعدم وجود مهددات وان الخرطوم امنة ومحروسة وتارة اخري تدعو المواطنين لاخذ الحيطة والحذر ورفع الحس الامني كما ان هذه الأجواء خلقت نوعا من الشائعات احيانا تكون اقرب للتصديق اما لها من قرائن واحيانا تكون مستبعدة واتهمت الحكومة من وصفتهم ب(الطابور الخامس) بالوقوف وراءها ولعل هذا ما قاد الحكومة لبناء استراتيجية مضادة لدحض الشائعات واطلاق حملة تواجه بها هذه الشائعات حيث عقدت هيئة ادارة الشرطة اجتماعها الدوري برئاسة وزير الداخلية وحضور قيادات الشرطة لبث الطمأنينة والأمن وسط المواطنين والتعامل مع مروجي الشائعات الذين يهدفون لزعزعة الامن والاستقرار ,, وأخيرا وليس آخرا فان الساحة السياسية مليئة بالمفاجآت وحبلي بالجديد خلايا نائمة وطابور خامس لكن لا أحد منّا يعرف متي تستيقظ وتصحو هذه الخلايا هل مع أوّل منبه فجرا أم عند ساعة صفر لا يعلمها إلا من تجمع بينهم كلمة السر لكن متي ؟ الله وحده يعلم !! Sabah Anoor [[email protected]]