الفطرة السليمة والعقل الناضج يفترضان الاستغراب في الأشياء الغريبة .. كأن تهب علينا نسمات الربيع في موسم غير زي زرع وفي مناخ غير ملائم ، فنسجلها في دفتر أحوال الغرائب والأفعال الشاذة التي يجب متابعتها و دراستها و تمحيصها لمعرفة حقيقة النتائج في النهاية ... لا ادري الى متى نظل نردد مقولة أن الشخصية السودانية " كشكول من الأفكار والابداع " ؟! فكثير من السودانيين يرددون و يعتقدون في هذه العبارة لدرجة الايمان الكامل بها .. أتساءل دائماً حول هذا الموضوع ، و الى متى نقنع أنفسنا بأشياء غير منطقية مثل العبارة أعلاه ؟.. و ما الذي يمكن أن يكون مدعماً لهذه الفكرة في نفوس و عقول البعض لهذه الدرجة التي أرى أنها ( نفخة في الفاضي ) ليس لفهمٍ أو مفهوم في نفسي و لكن لأسباب تتعلق بجنس الإنسان و الثوابت الدنيوية المعروفة . بالتأكيد هذا الكلام ليس صحيحاً ، و لن يكون صحيحاً بأي حال من الأحوال لأن عُمر الانسان مهما كان لن يسمح له بالالمام الكامل لدرجة الاحترافية في أكثر من تخصص أو مجال ، لأن التميز في مجال معين نفسه يتطلب جهود و زمن طويل للاطلاع و التدريب و التجربة ، إذ أنه وبمنطقٍ مقبول فان عالم الفيزياء مثلا لن يستطيع ان يصبح بين ليلة وضحاها لاعباً رياضياً ماهراً وناجحاً في المجالَين " الفيزياء وكُرة القدم " مالم يمارس التجربتين معاً ، وبالقدر المناسب لتأهيله وتطويره .. وهذا شي طبيعي بالتأكيد ، فمالم يخلص في النشاطَين او المجالَين فإنه لن يستطيع النجاح الكامل ، فالاخلاص مهم جدا للتميز و التفوق ، ولو تمكن من ذلك فانه سيتَعذَّر عليه ان يتميّز في نشاطٍ ثالث ومخالف عن الاثنين السابقين ... كأن يصبح قانونياً مثلاً .. رغم ذلك فان حياتنا وذاكرتنا السودانية تستدعي هنا.. عديدا من الشخصيات المتميزة و الموهوبة والمبدعين الذين قُدِّر لهم أن يجمعوا بين مواهب وابداعاتٍ شتى .. فبعض المواهب استطاعت ان تحجز لنفسها مقاعد وثيرة وأمامية في مجالات متنوعة وبعيدة عن بعضها غاية البعد . لكنها بطبيعة الحال لم تنل هذه الحظية صدفة، وانما نالت ذلك لتفردها وتجويدها لعملها .. بعض هذه الشخصيات جمعت بين هوايات ومجالات متقاربة كأن تجتمع الموهبة في الأدب والفن ، او الفن والسياسة و الرياضة ، اما الاخري وهي الاقل عددا والاكثر تميزا .. فقد جمعت بين التناقضات تماماً ... والامثلة نادرة كما الحالات نفسها هنا ... فالمبدع الحق .. هو الذي يستطيع الجمع بين الاضداد دائماً ... و مقولة " ركاب سرجين وقيع ، و مساك دربين ضهيب " مقولة حقيقية و لا غبار عليها ، لكنها ايضاً لا تنطبق على الكل ، لأن الواقع أيضاً يقول أن لكل قاعدة شواذ ، فهناك بعض الشخصيات المتميزة التي تستحق أكثر من التعظيم و التحية و التقدير . لحظة خروج : ناديتك ... ظاهر في عينيَّ الشوق ... بتأمل فيك... متعجب في التحنان والذوق!! مرتاح بهواك.. لو شُفْتك عارف قلبي بيفرح .. روحي بتهدأ .. وقلبي يروق!! يا أروع مَنْ في هذا الكون .. والْطف مخلوق Mohmmed Elkhair Hamid [[email protected]]