[email protected] * ذكرنى أحد القراء بأن السياسى والأديب الفذ ورئيس الوزراء السابق المرحوم محمد أحمد محجوب كان يحمل شهادتى الهندسة والمحاماة فى نفس الوقت، فحمدت الله أنه عاش فى الزمن الجميل ولم يعش فى زماننا هذا حتى لا تساومه الحكومة كى يتخلى عن إحدى شهادتيه إذا أراد أن يصبح رئيسا للوزراء، فنفقد أفضل رئيس وزراء مر على تاريخ السودان الحديث، إذ لا يمكن لمثله ان يتخلى عن كده واجتهاده وعرقه وجزء من كيانه، ولو فى سبيل أعلى منصب فى السلطة التنفيذية!! * وجاءت الذكرى على خلفية مأساة ( الخريجة) التى طالبتها وزارة التعليم العالى أن تتخلى عن إحدى درجتيها الاكاديميتين لتوثيق الاخرى بغرض الدراسة فوق الجامعية بالخارج .. وهى القصة التى حكيتها لكم هنا قبل يومين ولا بأس من إعادتها مرة بل مرات ومرات الى ان يصلنا رد من الوزارة أو تتراجع عن قرارها الغريب !! * والقصة باختصار شديد ..انه وبعد أن يئست إحدى الخريجات من العثور على عمل مناسب بعد رحلة بحث استمرت سنوات، فكرت فى مواصلة الدراسة بالخارج، فأعادت استخراج شهادة (درجة) المختبرات الطبية التى حصلت عليها من كلية علوم التقانة (جامعة حاليا) لتحمل اسم جامعة بدلا عن كلية حتى ترفع من نسبة حصولها على فرصة الدراسة بالخارج، ثم ذهبت لتوثيقها بوزارة التعليم العالى !! * عندما أدخل الموظف اسمها فى جهاز الكمبيوتر اكتشف انها حاصلة على درجة أخرى من المعهد العالى للدراسات المصرفية، وهنا بدأت( الملهاة) أو( المأساة) والشد والجذب والاسئلة والتحقيقات .. كيف حدث ذلك، ولماذا حدث ذلك، ومن الذى سمح لك بذلك .. (وكل الذوالك التى فى هذه الدنيا) فأجابته بأنها فعلت ذلك بمجهودها وكدها واجتهادها وحر مال أسرتها وأن كلتا المؤسستين اللتين حصلت منهما على درجتيها خاصتان ولم تأخذ فرصة أحد .. إلا أنه لم يفهم، وحكم عليها بأن تتخلى فورا عن إحدى الشهادتين لتوثيق الاخرى، فحاولت بكل المنطق الذى عندها ان تثنيه عن رأيه إلا أنه أصرعلى موقفه الغريب وقراره الجائر، فجاءت لتحكى لنا قصتها وتحيرنا معها وقد حيرتنا بالفعل!! * والعبد الفقير الى الله الذى تحاصره الحيرة من كل جانب مستعد أن يخسر كل ما لديه من مال (على قلته) ليفهم سبب هذا القرار الغريب، والذى يفيد الوزارة ان تتخلى الخريجة المغلوبة على اجتهادها ووقتها عن إحدى درجتيها اللتين حصلت عليهما قبل بضعة اعوام، أم أنه تسلط والسلام ؟! * وبالمناسبة .. حكاية توثيق الشهادات فى وزارة التعليم العالى حكاية بايخة جدا الغرض منها تحصيل فلوس فقط، فالمؤسسات التعليمية فى الدول الكبرى لا تشترط وجود (التوثيق الحكومى) على الشهادات والدرجات العلمية للجامعات الاخرى لقبول الطلاب المتخرجين منها ولا يعنى التوثيق الحكومى بالنسبة لها أى شيئ، وتلك قصة أخرى سأحكيها لكم قريبا باذن الله !! [email protected] جريدة السودانى، 6 سبتمبر، 2009