ترامى إليّ نبأ إعلان نصر الدين الهادي للمهدية على خطى جده المهدي عليه السلام حين كنت ألقي نظرة أخيرة على مسودة كتابي "الصراع بين المهدي والعلماء" قبل الدفع به لهيئة الخرطوم للنشر. فبغزوة أبو كرشولا بواسطة الجبهة الثورية من مكامن جبال النوبة استرجع نصر الدين مخاطرة جده المهدي . فقد جاء الجد بثوار الجبل من قدير بالجبال ليسيطر على السهل فالأبيض وهكذا دواليك حتى الخرطوم. وكان أول ضحايا ثوار السهل المنا ود اسماعيل زعيم الجوامعة الذي لقي حتفه على يد الخليفة عبد الله. وأذكر أني كتبت عن هذا المعني لإي إجابة على في سؤال عن مادة تاريخ المهدية استقيت إطاره من كلمة لأستاذنا عبد الخالق محجوب بجامعة الخرطوم حلل فيها صراع الجزائر بين بن بلا وبومدين ونهاية الأول على يد الثاني وقال بإنه نصر لثوار الجبل على ثوار السهل. وهي إجابة استحسنها معلمي. ولذا كثيراً ما قلت إن أفضل الدروس الجامعية ما كنا نجنيه من معلمي الشعب مثل أستاذنا. تصورت أننا أخذنا زعم نصر الدين عن نفسه ومهديته مأخذ الجد. فسيخرج له علماء من مجلس الفقه بالخرطوم شرق ينقضون غزل دعوته نقضاً كما فعل علماء الدولة السنية التركية بجده. وكان جدلهما موضوع كتابي. وكانت أكبر معاناة المهدي السوداني أن يتطابق مع صورة المنقذ الإسلامي، المهدي، المقطوعة من قماشة الثقافة العربية الإسلامية المركزية. فقالوا له كيف تزعم المهدية وأنت مولود بدنقلا لا بمكة أو المدينة المتفق أنهما موضع ميلاد المهدي. ثم أنكروا عليه أن يخرج من جبل قدير بينما يخرج المهدي في التقليد من جبل ماسة من جبل المغرب. أما أكبر متاعب نصر الدين مثل جده فستكون متاهة أسود في ثقافة بيضاء. فسيعيد علماء السلطان عليه وصف المهدي بما سيحوجه إلى سوق "التبييض". فالمهدي في التقليد "من عترة النبي أفرق الثنايا أجلي الجبهة، وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، أو شاب ادعج العينين، أزج الحاجبين، أقني الأنف، كث اللحية، على خده الأيمن خال". ووين وين تلقو زي دا والامام شحد الله والله أداه! أرجو أن لا يبدأ نصر الدين مخاطرته المهدية قبل أن يسدد ما عليه من ديون للهامش في كاودا. فبحسب العقيد جون قرنق فبعض ثروة بيت المهدي جاءت بطريق امتلاكهم رقيق من بيت مال المسلمين في ما وثقه المرحوم نقد في كتابه عن الرق في السودان. وقال العقيد في رسالته المشهورة للصادق المهدي إن عليه ألا يستغرب إذا طالب الجنوبيون وغيرهم بتعويض منه على استرقاقهم التاريخي لأهلهم الذي أثروا منه. وطالما زعم نصر الدين المهدية فالشبال بشرو! بل أهم المحاذير خشية الفتنة ألا يشرع نصر الدين في الدعوة لمهديته قبل الاتفاق مع عمه مبارك الفاضل الجبهجي الثوري على تأخير العم وتقديمه. احتجت كثيراً مؤخراً لعبارة ماركس: نعم، التاريخ يعيد نفسه. في المرة الأولى كتراجيديا وفي المرة الثانية كمسخرة. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]