اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة فشل متضخم لكوادر المؤتمر الوطني مع الرياضة (1) .. كتب/ أبوعاقله أماسا
نشر في سودانيل يوم 09 - 07 - 2013

دعم وفير لكوادر الحزب مقابل إنجازات وملفات فضائح وتجاوزات مالية
المدينة الرياضية وسيكافا والشان نماذجاً .. والمريخ والهلال مثالان يحصلان على كل شيء ولا ينجزان أي شيء..!
عندما يكون وزير الشباب والرياضة تابعاً للحزب الحاكم تتفتح أمامه خزائن الدولة والعكس تماماً مع الوزير الغريب.. يعاني وتعاني معه الرياضة
abuagla ahmed [[email protected]]
كتب/ أبوعاقله أماسا
تمهيد
حالة (بروبجندا) يستمتع بها الوسط الرياضي بشكل عام، وأندية القمة بصفة خاصة، أسهم في صناعتها والتهيئة لها الإدارات الجديدة بشكلها المواكب للمشهد السياسي والإقتصادي، والإعلام الرياضي الذي تشكل وفقاً للمعطيات والتغييرات التي جعلت من الرياضة منشطاً عقيماً لا يرتبط بالقيم والأهداف السامية والنبيلة.. مزقت نسيجها الإجتماعي، وجعلت منها مرآة تجمل وجوه نجوم المجتمع، وتغسل سوءات بعضهم حتى يبدو للناس ببياض ناصع وهم في دواخلهم أحلك من ليل بهيم.. حالة لم يستطع الكثيرون التعبير عنها إلا بكلمات مقتضبات تبدأ بالإحباط وتنتهي بمقاطعة متابعة النشاط الرياضي وممارسته، مع تدفق مجموعات جديدة هيمنت ودفعت في إتجاه اللاهوية للرياضة السودانية.. بينما هي بحاجة إلى إعادة هيكلة بواسطة بيت خبرة أجنبي على الأقل من أجل أن ترتفع لمستوى رياضة نرجو منها نتائجاً وثمار عندما تخرج للتسابق مع مثيلاتها في المحيط الإقليمي والقاري.. فقد تذوقنا الكثير من الهزائم، وفقدنا خارطة الطريق وتهنا أيضاً في مجاهل القارة نبحث عن ملامحنا القديمة.. وفي كل مرة نفشل ونعود لنطرح ذات السؤال غير الرشيد: أين الخطأ؟.. بينما كان الصحيح أن نسأل أنفسنا سؤالاً عقلانياً آخر وهو أين الصواب من بين ما نفعل؟
بدايات
مع نهايات العقد الأخير من الألفية الثانية، وبصورة أدق مع المفاصلة الشهيرة التي ميزت الإنقاذيين عن بعضهم وفتحت المجال لأحداث كثيرة غيرت تأريخ الحكم المحلي في السودان وكذلك الخارطة الإجتماعية، كانت الأحداث الرياضية تخرج عن الحيز المخصص لها عالمياً، وتتخذ مسارات أخرى جنباً إلى جنب مع الأحداث السياسية لفترة مابعد المفاصلة، وكيف أن السايكولوجية السياسية الإنقاذية قد خرجت من نطاقها الضيق، وتركيزها على تعبئة الشباب للجهاد والإستشهاد إلى آفاق أخرى كان عنوانها إقتحام كل المجالات التي لم تطرقها من قبل والهيمنة عليها بهدف إبعاد القيادات التي لا توالي التوجه العام أو المشروع الحضاري، ولا توالي هذه يمكن أن تفصل أو تشرح إلى أكثر من مفهوم يتلخص في أن الكوادر التي لا تنتمي إلى المؤتمر الوطني هي بالضرورة (مؤتمر شعبي) أو (شيوعية).. ثم (جبهة ديمقراطية) أو حتى أي تصنيفات أخرى لا تتفق مع مزاجات السلطة المتقلبة، لو كانت أفيد للوطن من الكوادر التي تدفع بها السلطة، والوافدين الجدد لا يفقهون شيئاً في مجالات يطرقونها لأول مرة في حياتهم وبدوافع ليس من بينها التطوير، فالحسابات هنا لم تكن للمصلحة العليا بقدر ما كانت خدمة لسياسات التمكين والإقصاء التي مورست بكل قبح، وقد عانت الرياضة في بواكير هذا التحول لدرجة أنها كانت البداية الحقيقية لخروج معظم الكوادر الرياضية القوية وابتعادها عن العمل في هذه الساحة بعد أن تعرضت إلى عمليات قص والأجنحة من أجهزة تابعة للسلطة، وبدأ التدخل السياسي يهز الأرض تحت أقدام الرياضيين المخضرمين ويؤثر في مسيرتهم سلباً أو إيجاباً تبعاً لمزاج السلطة أو من يجلس على الكرسي، وكان واضحاً أن وزير الشباب والرياضة الذي يتبع للحزب الحاكم ويتميز بعلاقات طيبة مع مثلث القيادة (البشير – علي عثمان ونافع) هو من يتمتع بخيرات القصر، حيث تفتح له أنهار الأموال من القصر إلى الوزارة ولا يعاني من ضيق ذات اليد كما حدث لحاج ماجد السوار، وفي عهده عاشت الوزارة ترفاً وتخمة من الأموال، ونظم السودان وقتها بطولة أمم أفريقيا للمحليين المسماة بالشان، وخلفت هذه البطولة واحدة من إحدى ملفات الفساد التي أزكمت الأنوف، حتى أن البرلمان نفسه قد عاد بعد عامين من الحدث ليفتح هذا الملف على استحياء، واستدعت الوزير من مقر عمله سفيراً للسودان بليبيا من أجل مساءلته.. وهذه القضية سنعود لها بالتفصيل لاحقاً حتى لا نخرج من التسلسل التأريخي للأحداث، ونتناولها بشكل مرتب ومسنود بالأدلة.. لأننا شهود عيان لتفاصيل دقيقة وضعتنا الظروف في طريقها، ومن ثم جعلتنا مسؤولين مباشرة من التوثيق لها ونقلها بكل أمانة للأجيال القادمة لكي تعرف الأسباب الأساسية لتأخرنا رياضياً، مع قناعة راسخة بأن الرياضة قد فسدت قبل أن تفسد الأجواء السياسية في عهد الإنقاذ، لأنهم كانوا في البدايات يتعاملون معها على أساس أنها ملهاة ومضيعة للوقت، وحتى الدورة المدرسية كانت تشهد عمليات (فلترة) للأغاني ومساحات أكبر للفكر الإنقاذي الذي كان جديداً في بداية التسعينات، والتبشير بكل ما ينتمي للفكر الإنقاذي الذي أصبح في آخر المطاف أقرب لمنهج الإيطالي نيكولا ميكافيلي منه إلى القرآن والسنة.. بعد أن إكتشفنا مواهب الرقص عند الجماعة، وأنهم في حقيقة الأمر يعشقون كل الأغاني التي تحتوي على الغزل الصريح وحتى الإيحاءات التي يندي لها جبين الإنسان السوداني العادي.
تحول
بدون مقدمات تحولت الرياضة إلى مصدر إلهام حكام بلادي، فتدفقوا على الأندية وكأن فتحاً جديداً قد حدث، أو أن إكتشافاً قد تحقق على أيديهم، وأن الرياضة بدلاً أن كانت ملهاة ومضيعة للوقت تحولت إلى عبادة تؤدي بصاحبها إلى الجنة، وبعضهم إكتشف بعد ذلك التأريخ أن أنهاراً من الاموال تجري تحت ملاعب كرة القدم والرياضات الأخرى في جنة لم تكن معروفة لديهم من قبل، فتحولوا من أصنام سياسية إلى أبطال رياضيين تملأهم الحيوية والرشاقة، فشاهدنا أحمد هارون ومن قبله هاشم هارون يقتحمون الميادين الخضراء، والرئيس يظهر في أكثر من عشرين مناسبة متأبطاً يد أبوهريره حسين رئيس إتحاد الناشئين السابق ليخاطب قطاعات الناشئين ويبشرهم بفجر جديد لن يطل، لأن السودان لن يصل إلى نهائيات كأس العالم كما وعد، وأنديتنا وعلى رأسها المريخ والهلال لن تحقق إنجازات خارجية بعد أربع وعشرين سنة من حكم الإنقاذيين، ليس لأن المعين قد نضب من المواهب، أو أن الملاعب قد ضاقت على الأنشطة.. ولكن الحقيقة البيضاء التي يجب الوقوف عليها وإيصالها لمسامع المسؤولين هي: ان الرياضة السودانية قد فسدت ، ووهنت وضعفت ونخر جسدها السوس وماعادت قادرة على الركض ومقارعة نظيراتها على المحيط الإقليمي، ومعظم القيادات التي دفع بها الحزب الحاكم لم تعمل على تطويرها وتقويتها وفق منهج عالمي متفق عليه كما يحدث في كل بلدان العالم بدءً بدولة تشاد القريبة منا، حيث جمع الصبية من الموهوبين في مدارس أنشئت في البرازيل وألمانيا وفرنسا بدأت الآن ترفد الملاعب الأوربية باللاعبين وتدعم الاندية التشادية على المستوى المحلي بلاعبين غير الذين كنا نسخر منهم قبل سنوات، وكذلك فعلت إثيوبيا فأصبحت قريبة من التأهل لكأس العالم في البرازيل لولا خطأ في مستوى الخطأ الغبي الذي ارتكبه الإتحاد السوداني عندما أشرك المدافع سيف مساوي في مباراة منتخبنا أمام زامبيا، وكانت النتيجة أن خصمت ثلاث نقاط مهمة من رصيد السودان في البطولة وبالتالي ضعفت حظوظه في بلوغ مرحلة من المراحل التأريخية في التصفيات، ولكن الفرق هنا أن الإثيوبيين قد عاقبوا الذين ارتكبوا ذلك الخطأ الشنيع، ولكننا هنا في السودان إعتدنا على تحفيز وتكريم من (يقتلنا) عندما تسقط عمارة من علياءها ولم يمض على بنيانها أيام، وقد تأتيه الترقيات من حيث لا تحتسب استهتاراً بأرواح البشر.. فما بالك بنقاط مباراة ذهبت إلى الخصوم بخطأ.. وهل يعني الإستهزاء بالسودان في وسائل الإعلام الدولية شيء يلفت إنتباه أي مسؤول في بلدي؟
ظهور
فجأة أعلنت الحكومة في ولاية الخرطوم ظهر التاسع من يونيو 2003، أن الرئيس الجديد لنادي المريخ شاب لم نسمع به من قبل إسمه جمال محمد عبد الله الوالي، لا يعرفه من قبيلة الرياضيين سوى قلة قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وأذكر أن الأسئلة قد هطلت علينا كإعلاميين كالمطر: عن المميزات التي دفعت بهذا الإسم الجديد في الرياضة والمريخ لأن يكون خليفة للرئيس محمد إلياس محجوب وعمره المريخي تجاوز الخمسة وثلاثين وقتها، ولكننا أجبرنا على الصمت لإفساح المجال للوافد الجديد، خاصة وأن إبعاد محمد إلياس محجوب كان لأسباب معظمها سياسية، وكونه قطب من أقطاب الحزب الإتحادي وناشطاً سياسياً، ووقتها كانت جريمة كافية للنفي من الأراضي السودانية.. ناهيك عن منصب رئيس نادي المريخ، ولكن.. مع مرور الوقت وتتابع الأحداث بدأت الأمور تتضح شيئاً فشيئاً، ولم يكن مفاجئاً لنا أن تفتح السماء أبوابها فتتجمع السحب لتهطل ذهباً وفضة على نادي المريخ لدرجة أنه صنف من الاندية الثرية على المستوى الأفريقي.. ثم كيف كانت هذه الاموال تنفق.. وغياب الضبط المستندي والنظم التي تحفظ للناس كرامتها وذممها من الإتهامات الجزافية، فتحول الجميع ممن كانوا في محيط الرئيس إلى قطط سمينة، وتحولت المباني إلى طوابق تظهر عليها الفخامة بعد أن بنيت بنصف ما رصد لها، ومعظم الصحفيين المنتقدين ممن لهم رأي إلى حاقدين ومرتشيين ومدفوعين ومأجورين من جهات أخرى لم نعلمها حتى الآن.. غير أنها موجودة فقط في خيالاتهم وعقولهم التي لا تفتأ تحيك المؤامرات حتى ضد الحلفاء المقربين، بذات العقلية التي كانت تلبس المختلفين مع الحكومة ثوب الحزب الشيوعي والطابور الخامس.. مع أن جمال الوالي عملياً هو الجهة التي تدفع أجوراً أعلى.. ولكن لابد أن تمضي الأمور كما يشتهى السلطان..
تشابه
جمال الوالي لم يكن مثل صديقه يوسف أحمد يوسف رئيس الهلال المكلف بلجنة التسيير قبل انتخاب الأمين البرير، والفرق هنا أن الوالي قد نجح في بناء شعبية كبيرة تهتف له عمال على بطال، مستغلاً ذلك القبول الكبير الذي تحقق لشخصيته لمزايا منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو من عمق الخيالات لتلك القطط، التي شبعت وأصبح لها عقول تفكر بها، ولكن تفكيرها ينحاز للبطون أكثر من إنحيازه للعقول والمنطق.. ولكن من بين المعطيات التي تغازل العقول مباشرة أن عهد المليارات والدولارات في كرة القدم إذا كان في المريخ أو الهلال قد ارتبط بالفشل الذريع من حيث النتائج وإذا وضعنا في الإعتبار أن المريخ الذي يتصدر قائمة الاندية الأكثر إنفاقاً على المستويين المحلي والأفريقي لم يحقق في أحد عشر عاماً من رئاسة الوالي وتدفق المال أكثر من لقبين في الدوري الممتاز، تحققا في موسمي 2008 و2011، وذلك بعد أن تسلم الرجل المريخ بطلاً لثلاثية متتالية في الأعوام 2000.. 2001 و2002، ووقتها كان المريخ على حافة الإفلاس في عهد رئاسة محمد إلياس محجوب، ولكن الميزة التي أهلته ليتوج على حساب الهلال وبقية الاندية المحلية أنه كان بعيداً عن الزخم الإعلامي المحلي والأجنبي، ولم يكن صحفييه يتباهون وقتها بثراء النادي أو أفراد يتبعون إليه، مع فكر إداري واضح يتولى التخطيط ويتحمل المسؤوليات كاملة.
الشرعية
في الهلال.. إنتزعت قوى الحزب الحاكم الشرعية من الجمعية العمومية بإستجلاب أعداد كبيرة من المؤتمر الوطني والخدمة الوطنية لمنحهم بطاقة العضوية وبالتالي التحكم في من يكون رئيساً لهذا النادي.. بهذه الكيفية سقط صلاح إدريس وكانت المفاضلة بين الأمين البرير وأشرف سيد أحمد الكاردينال، وبحسب متابعاتي اللصيقة رجحت كفة البرير رغم أنهما كانا يتبعان للحركة الشعبية، وربما بإيعاز من الدكتور عبد الرحمن الخضر الذي ينحاز للبرير بمنطق أنه من أسرة تعتبر شريكاً إقتصادياً لحكومة الولاية، وقد رأت عناصر من الحزب الحاكم وعلى رأسهم الكاروري سكرتير النادي المستقيل فيما بعد أنهم كحزب قادرون على تقديم الأمين البرير بشكل جديد (نيولوك).. بمعنى أنهم يدركون أنه رجل (جامح) يخرج كثيراً عن النص، ويفلت من الإتكيت دون إنذار أحياناً، ولكن أول مافعله الرجل قبل أن يجدوا له الشكل المناسب للنيو لوك أنه اختلف مع مهندس العملية نفسها (كاروري) وألقى به على قارعة الطريق يتحسر على اليوم الذي جعله يفكر في البرير كخيار أقل مرارة من الكاردينال.. وبذلك فشلت مخططات أمانة الشباب التابعة للحزب الحاكم في الهلال، وباتت السيطرة على الأوضاع مستحيلة مع الرئيس العنيد، فأصبح النادي في مهب الأزمات يستقبل كل يوم أزمة جديدة، ورغم أن كل الشعب الهلالي قد اقتنع بأنهم أخطأوا الإختيار وضرورة تنحي البرير أو تنحيته، تبدو الامور أكثر صعوبة، في ظل حماية يفرضها عليه والي الخرطوم بذات الحجج المذكورة سالفاً، وهي حجج لاعلاقة لها بالرياضة.. تطورها أو دعمها.. ولكن هي قوانين وممارسات ومنهج المرأة المخزومية التي سرقت.. وتحدث المسلمون عن قطع يدها وإمكانية ذلك نظراً إلى أنها من بيت عز وشرف وجاه، وقطع الأيادي وتطبيق الحدود في العقل الجاهلي كان من نصيب (الغلابة).. ولكن رسول البشرية وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم قطع تلك الحجج وقال فيما معناه أنه لو سرقت فاطمة بنت محمد.. أي فاطمة الزهراء التي هي أحب بناته إليه.. لقطع محمد يدها.. وليس البرير ياوالي الخرطوم.. ألسنا في دولة تريد ان تحكم بالشريعة؟
يوسف أحمد يوسف لم يدخل يده في جيبه ليسير نادي الهلال عندما كان رئيساً للجنة التسيير، بل توجه إلى القصر الجمهوري ليغرف من معينه وخزانته خمس مليارات.. تقل ببضعة منها او تزيد من اجل تسيير الهلال لسنة.. ومن عجائب الجماعة أن المنتخب الوطني الذي يدافع عن ألوان السودان في المحافل الدولية.. يعاني الأمرين في الحصول على ميزانيات السفر أو المعسكرات الداخلية والخارجية.. وحتى دكتور معتصم الذي غير جلده وهويته من إتحادي ديمقراطي (خليفه).. إلى مؤتمر وطني بزي (كوز) في فترة ما بعد نيفاشا 2005.. وجد نفسه خارج القائمة المسموح لها بإلقاء نظرة على خزائن القصر الجمهوري.. ناهيك من الحصول على فلس منها.. ومن قبل تولي حاج ماجد أمر وزارة الشباب والرياضة كان هناك محمد يوسف عبد الله القيادي الدارفوري البارز.. وقد عانى الامرين من أجل الوصول إلى خزانة الدهشة في القصر.. ولكن من أكبر الملفات التي لفها الغموض ردحاً من الزمان.. ملف المدينة الرياضية والكل قد تبرأ من جريمة بيع الأراضي لوزراء ونافذين في الحكومة والحزب الوطني وعلى راسهم أمين أمانة الشباب أسامه ونسي.. وهو يقطن الآن في ذات المنطقة على أراضي المدينة الرياضية.. ومليارات مضاعفة جمعت وذهبت أدراج الرياح ومازالت المدينة الرياضية غابة من الخرسانة، بدأت عشرات الملاعب في جنوب أفريقيا والبرازيل أفخم وأحدث منها وانتهى العمل فيها ولعبت عليها عشرات المباريات الكبيرة ومدينتنا ماتزال قيد الإنشاء.. ولو كان الهرم الأكبر لانتهى في فترة زادت الآن على عقد ونصف من الزمان.
عن نفسي.. بردت أنفاسي ولم اعد أتعامل مع القضايا الرياضية بذات الحماس الذي كان، لقناعتي بأننا قد خرجنا من المضمار منذ فترة وأصبحنا خارج سباق التطور، بعد سنوات وسنوات إنتقدنا فيها بحدة من أجل تنبيه الناس ومعالجة الأوضاع ولاحياة لمن تنادي.. في المريخ وضعنا في قائمة سوداء ضمت كل من ينتقد الدكتور جمال الوالي صاحب أكبر شعبية من بين الرؤساء العرب.. هذه المهزلة التي خجلت لها نيابة عنه.. وكنت أتمنى في العشر سنوات الماضية أن يكون الرد الذي يؤكد أننا عملاء وخوارج وطابور خامس وأية مسميات أخرى يختارونها في أن يتوج الفريق ببطولات ولو محلية تكون أبلغ رد على (إستهدافنا) للرجل.. ولو أنه استمع النصح وعمل به لكان هو أول المستفيدين، ولكنه ركز على إقصاء منتقديه والتخطيط لطردهم من أماكن عملهم وقطع عيشهم وتشريد أبنائهم أكثر من تطوير الأداء الإداري في ناديه والحصول على البطولات بعيداً عن بطولات الوهم التي يخطط لها مصطفى الأغا في برنامجه صدى الملاعب بقناة أم بي سي ونتعاطاها نحن كما يفعل الحشاشين مع محبوبتهم بتلذذ..
لم أعد أتوقع أي تطور للرياضة السودانية بعد قصة الإحباط الموجزة هذه، وأؤكد انها موجزة حقاً لأن ما خفي من مصائب الرياضة وكوابح تطورها أكبر وأدهى وأمر مما سردناه، وكذلك لم أعد أهتم بفصل الرياضة عن بقية القطاعات المجتمعية والخدمية الأخرى التي دخلت ثلاجات الموتى.. فالكل من بعضه.. كما أنني أتوقع للمريخ والهلال أن يستمرا في هذا الوضع لعشرات السنين قبل أن يفتح الله عليهما بأولي الألباب الذين يتولون العمل بتجرد من أجل رفع الأندية والكيانات وتضخيم حجمها واسمها وبطولاتها حقيقة وليس زيفاً.. فرؤساء الأندية يكونون كباراً عندما تصبح بطولاتهم كثيرة ومتعددة وليس العكس، فلم نسمع أن نادياً قد أصبح كبيراً لمجرد أن رئيسه محبوب من شعب يعاني الفاقة وتحاصره أمراض الحرب والجهل والفقر...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.