حتى وقت قريب كنا نظن أن المدن الرئيسية بالجنوب بمنأى عن الفوضى الأمنية التي تضرب بأطنابها في جميع أنحائه دون استثناء.. استباحة دماء الأبراياء أضحى أمرا معتادا وأقرب مثال الشهيدة مريم برنجي التي كانت تقبع مطمئنة في ركن ركين من منزلها فإذا بالقتلة يقتحمون المنزل الآمن ويعيثون فيه فسادا ويتركونها جثة تسبح في دمائها ويولون الدبر.. عشرات النزاعات المسلحة التي راح ضحيتها الآلاف ظلت تستعر في كل بقعة من بقاع الجنوب.. انهار الجنوب ومستنقعاته التي تلونت بلون الدم جعلت الأممالمتحدة تحذر من الأوضاع هناك وتحمل حكومة الجنوب المسؤولية. الجديد المثير في انفلات الأوضاع الأمنية بالجنوب انتقالها إلى مربع جديد أكثر خطورة.. في جوبا عاصمة الجنوب التي تحتضن عددا من القنصليات الأجنبية تجرأت عناصر مسلحة من الجيش الشعبي باقتحام وسطو على مكاتب القنصلية الهولندية. المجموعة قامت على عينك يا تاجر بنهب مبلغ غير محدد من المال بعد ان قامت بكسر وتدمير الأقفال!!.. بربكم أي منحدر هذا الذي بلغته الأوضاع الأمنية.. حاميها حراميها، الحامي والحرامي في الوقت نفسه هم عناصر الجيش الشعبي.. هذه الحادثة الخطيرة تشير إلى أن تحجج الحركة الشعبية بالنزاعات القبيلة باعتبارها سببا رئيسيا في انفلات الأوضاع الأمنية مزاعم لا تمثل إلا جزءًا يسيرا من الحقيقة، فإن كانت عناصر الجيش الشعبي تستأسد على البعثات الدبلوماسية التي تحميها المواثيق الدولية فماذا تفعل بعامة المواطنين الذين طلما غنوا ورقصوا مع أنغام الأمن والتنمية التي كان يعزفها سياسيو الحركة؟!. اليوم أصبحت تلك الأحلام والانغام الزائفة مثل حظ شاعرنا الذي قال عنه أنه كرماد بين شوك نثروه ثم قالوا لحفاة في يوم ريح اجمعوه.. هاج باقان أموم أمين عام الحركة الشعبية وماج عندما حذر الزعيم القذافي من دولة ضعيفة في الجنوب إذا ساقت الحركة الجنوبيين لخيار الانفصال.. هذه الحادثة تشير إلى شكل الدولة التي يريدها أموم.. دولة فوضوية ولا نستبق الاحداث لكنه سيجد نفسه مضطرا لوصف تلك الدولة بالوصف الذي وصف به السودان وهو وزير لشؤون الرئاسة حينما قال إنها دولة فاشلة!!. Yasir Mahgoub [[email protected]]