روى ابى عن ابيه عن جده : ان عمة جدى ( رحمة الله عليهم جميعا ) كان لديها طبع و هو انها عندما تكون شبعانة لا تسال أبناءها ماذا يريدون ان يأكلوا على الغداء.. بل كثيرا ما كانت تنسى ان تطبخ لهم..؟؟ هذا الطبع لا ينسحب على حبوبتنا تلك المزارعة البسيطة فقط (هى لم تكن تسال لان الخير كان موجودا) .. لكنه ينسحب على وزير ماليتنا العظيم الذى يتصور ان الشعب السودانى مثله يشرب ماءا معدنيا .. و لا ينام الا تحت الكونديشن وسائق يذهب بالاولاد للمدرسة و سائق للمدام لقضاء حاجياتها ..؟؟ فكيف له لن يشعر بالام المواطنين السودانيين ( معظمهم صاروا فقراء بفضله و لله الحمد و الشكر على ذلك ) كيف يحس بهم ( و هو صاحب الامتيازات العالية ) فسعادته لا يعيش مثلهم ..و لا يعانى مما يعانون ..؟؟ سعادته لا يعرف معنى ان يجوع ابناءك. و ينامون بلا عشاء؟؟ وزيرنا لا يعرف طريقا لمستشفياتنا فان مرض ابناؤه سيتعالجون فى لندن ..؟؟ يبدو ان الاخوان فى جماعة الانقاذ بقيادة وزير ماليتهم قد توصلوا الى حل سحرى لمشكلة الفقر و الفقراء فى السودان .. و قد اقتنعوا به و بدوا فى تطبيقه .. و هو ان خير استراتيجية للقضاء على الفقر فى السودان .. هى ابادة الفقراء انفسهم و القضاء عليهم تماما كالحشرات (كما تم القضاء ايضا على الطبقة الوسطى فى السودان ) ..تلك الطبقة التى كانت حافظة للتوازن الاجتماعى فى الوطن .. ؟؟ و سياسة الحكومة الحالية تنحو هذا المنحى للقتل الممنهج ..؟؟ الم يقل قائلهم يوما ما : لنقتل نصف الشعب ليخلص لنا النصف الاخر او نستالفه و يتماشى معنا .. ؟؟ او ذلك القائل : فليمت ثلثى الشعب السودانى فى سبيل ان يعيش الثلث الباقى حياة كريمة و ما علم انه بقوله هذا قد اشرك بالله ..بل و شارك الله فى تصرفه فى هذا الكون من ناحية الرزق.. و كان الله ( و العياذ بالله ) لم يعد بامكانه التكفل برزقهم كما وعد ربنا فى كتابه العزيز ( و ما من دابة الا على الله رزقها ) .. و نسوا ان المجتعات تعمل على محاربة الفقر و تحسين مستوى معيشة الانسان حيثما وجد ..الم يقسم على بن ابى طالب رضى الله عنه قائلا : ( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) .. و فى تراثنا ان الفقر اذا سافر الى بلد قال له الكفر : خذنى معك..؟؟ ولدى الفقهاء المسلمين تشريعات و ماثورات كثيرة حول موقف الاسلام من الفقر لدرجة ان بعضهم افتى بنزع الملكية من الاغنياء اذا ما تعرض المجتمع الى مجاعة و امتنعوا عن توزيع فوائضهم على الفقراء و المحتاجين فالمال فى الاسلام لله تعالى و الانسان مجرد وكيل و مستخلف فيه فقط ( ليت اغنياء المؤتمر الوطنى يفقهون ذلك بدلا من تكديس الاموال و شراء العقارات فى ماليزيا و تركيا وغيرها من الدول ) ..كما ذهب اخرون من الفقهاء الى الزام اهل بلد مات فيه انسان من الجوع و المرض بسبب الحاجة و هم يعرفون ذلك بدفع ديته باعتبارهم مسؤلون عن موته..؟؟ فكم من الاموال تحتاج حكومتنا الفريدة من نوعها لدفع ديات اولئك المرضى الذين ماتوا فى بلادنا بسبب الجوع و بسبب عدم وجود ثمن العلاج و الدواء..؟؟ او ليس الذى يتقاضى راتبا و قدره ثلاثمائة و خمسون الف جنيه ( بالقديم ) كالمحكوم بالموت البطئ..؟؟ ما اجمل هذا الدين ان طبقنا روحه..فلن يبقى محتاج واحد فى السودان.. ( لكن العيب فى التمسك بقشور الدين )..و لله در ابى ذر ذلك الغفارى فما زلنا نذكر مقولته حول السيوف التى يفترض ان يشرعها الجوعى من الناس و يقاتلوا بها الاغنياء..؟؟ لم تعدم هذا الحكومة من حكومات الانقاذ او اى من سابقاتها .. و ربما التى ستليها ان اطال الله بقاؤهم ( و نبتهل الى الله الايحدث ذلك ) .. لم تعدم وسيلة الا اتبعتها فى تحقيق هذه الاستراتيجية الاسهل للقضاء على بؤر الفقر معتمدة على ذلك نصيحة البنك الدولى ( الذى يتظاهرون بانهم لا يتعاملون معه ..؟؟) تلك النصيحة التى تقول ان : ( اقصر الطرق لانهاء دراما الفقر فى العالم هو قتل الفقراء انفسهم ).. حيث يتجاهل ذلك البنك فى نصائحه الحاجات الاساسية للطبقات الكادحة..؟؟ حكومتنا ماضية قدما فى رفع الاسعار ( وان تظاهرت بالتاجيل ) و التى تعنى بدورها مزيدا من الانهاك و من ثم القتل البطئ للكادحين من ابناء هذا الشعب الصابر القابض على الجمر..بالرغم من انه سيخرج علينا غدا من يقول : ان هنالك معالجات لحماية الفقراء .. او من يقول ان هنالك زيادات على المرتبات ويعلم القاصى و الدانى ان تلك المنة من الحكومة لا تساوى شيئا امام ارتفاع الاسعار المتوقع نتيجة لرفع اسعار الوقود .. ؟؟ او يخرج علينا من يقول ان اى زيادة فى اسعار المواد البترولية لن يطال الطبقات الفقيرة و ينسى و يتناسى ان رفع اسعار القمح ( زمان ما قالوا اكتفينا منه .. و قالوا فى احدى الاناشيد القمح سودانى و ما هو امريكانى ..الله اكبر يا هو ديل ؟؟) و زيادة اسعار المشتقات البترولبة بات يعنى كل شئ.. و هى تعنى الرغيف و الماء و الكهرباء و الزراعة و الصناعة و المواصلات و تدخل فى كافة المجالات .. و عند الرفع ستبدا سلسلة طويلة من الارتفاعات االكبيرة و الشاملة لكل الاشياء من السلع و الخدمات ..؟؟ نعم رفع الاسعار سيطال الجميع و لكن الاغنياء و منتسبى الحزب الحاكم يتميزون عن غيرهم بانهم و برواتبهم العالية و امتيازاتهم الخيالية و التى لن تمس ( يتعالجون فى الخارج على حسابنا..؟؟ ).. يتميزون بان لديهم القدرة على التعامل مع هكذا صدمات بما لهم من مال منقول وغير منقول .. بل و يمكنهم قضاء اجازاتهم خارج ربوع الوطن ان لم يسعهم الوطن..؟؟ ما يفاقم المشكلة هو الاحجام الحكومى عن المعالجة الشاملة للاقتصاد السودانى .. و وقف الهدر العام و الصرف البذخى فى الجهاز الحكومى من رواتب و امتيازات لا توجد حتى فى دولة الكيان الاسرائيلى ( حيث يدفع رئيس وزرائهم فواتير الكهرباء و المياه و الهاتف من ماله الخاص و ليس من مال الحكومة و ليس من العيب ان نقتدى بهم فى هذا المجال ..).. و ملاحقة الذين يتهربون من الضرائب تحت اى مسمى من مسميات الجمعيات الخيرية و الاستثمار ..الخ من اساليب التحايل الموجودة لدينا.. و ذلك بدلا من الاقتصار على معالجتها باللجوء الى جيوب الفقراء الخاوية اصلا..؟؟ و ما يستتبع ذلك من تصاعد منظومة الافساد الاخلاقى الاجبارى من نهب و دعارة و تدنى قيم نظافة اليد و الاستقامة بسبب الحاجة و الفقر ..؟؟ فالافراد لايمكن لهم ان يصنعوا اخلاقهم لوحدهم.. فالاخلاق ليست قوالب جاهزة تولد مع الناس.. انما هى افراز لظروف المجتمع و احواله..فكما هو معلوم فقد عطل حد السرقة فى عام الرمادة بامر الفاروق عمر .. الم يقل الخليفة عمر لواليه عندما تم القاء القبض على سارق متسائلا ان كان اقام عليه الحد : والله لو قطعت يده لقطعت يدك لانه يعلم انها الحاجة هى التى دفعته للسرقة .. لان عمر بن الخطاب يعلم ان من مسؤلية الدولة ان تطعمه ..لا ان تاخذ منه و تشاركه فى لقمته كما تفعل ذلك حكومتنا المتدثرة باثواب الدين زورا و خداعا و بهتانا و هم ابعد ما يكونوا من هذا الدين ..دين المساواة و العدالة.. و انما هى السياسة بلباس الدين ..؟؟ اظن ( ولا اظن ان ظنى هنا به اثم ) ان الحكومة اصابها نوع من الفرح و الابتهاج حين اتت السيول و الفيضانات الاخيرة على الناس و ظنت ان الخلاص منهم قد جاء من السماء فلم تتحرك لعمل اى شئ حتى تتكفل السماء بالقضاء على اكبر كمية من البشر الفقراء وترتاح منهم ..؟؟ حتى و ان والينا المحترم ( اطال الله بقاؤه فى منصبه ؟؟) رفض وصف الامر بالكارثة لان عدد الموتى لا يستاهل الوصف ..؟؟ الا ان تحرك الشباب السودانى من غير المتحزبين و المجتمع الدولى من خلفهم فضحهم و كشف عوراتهم..؟؟ مما زاد من جرعة الامل فينا بان مجتمعنا السودانى ما زالت بذرة الخير موجودة فيه برغم شرور الانقاذ .. ؟؟ نسال الله ان يرد القوم من اهل الانقاذ الى دينه الحق .. و نتمنى ان نستخلص و ننتزع من الفقرو احواله افضل ما فيه من قيم كنا نعرفها حينا من الدهر .. و ان تنجاوز هذا الابتلاء الانقاذى باقل قدر من الخسائر و الاعاصير و الفيضانات و الجراد ..؟؟ [email protected]