بسم الله الرحمن الرحيم كلما تزداد الأزمات تعقيدا ، كلما تكشفت حقائق كانت غائبة عنا ، والغريب أن من يخلق الأزمات هم أصحاب المشاكل التي يستوجب الكشف عنها ، وكأنهم في فورة السعي لحماية مكاسبهم التي اقتلوعا عنوة ، يكشفون عن ظهورهم ..عفوا أيها الحكام ..... من أين لكم هذا ؟ قبل أن نخوض في البحث عن اجابة لسؤال "عويص" كهذا لابد أن نحدد الزمان والمكان لأسباب نرفع بها الحرج عن الجميع ولكن في نفس الوقت ، لن يعفينا "الزمكان" من ضرورة الرجوع بالذاكرة ، أو حتي بالمخيلة للاستعانة بامثلة حية يمكن أن نعيشها ، أو عاشها سكان غيرنا علي ظهر هذا الكوكب شيبهة بالوقائع الماثلة او.. تكاد تكون هي ، هي لذلك .. فالزمان : زمننا هذا ، وربما في تاريخ آخر في زمن "أغبر". والمكان : مجتمع من مجتمعات آرض الله الواسعة. حسن ... لا بد لنا ايضا أن نحدد ادوار الأشخاص الذين لهم علاقة بهذه الوقائع وهي ببساطة كالآتي : 1- الحكام : والذين يفترض ، نعم.. بفترض أن يكونوا خداما للشعب باعتبار أن الشعب هو " السيد" وهذا بنص الدستور..اي دستور!! جميل..؟ .....نواصل.... 2- المحكومين : وهم الشعب الذي ، اما اختار حكاما يحكمونه بموجب تفويض ما ، أو فرض الحكام انفسهم "عنوة" عليه ، مع ملاحظة أن الخيار الأول يتحمل الشعب كافة تبعاته لأن الحكم "اختيارا" أما الخيار الثاني ، فلا يلوم الشعب الا نفسه . لو رجعنا بالتقسيم الطبقي الحقيقي لمجتمعنا المذكور اعلاه لوجدنا أن أكثرهم ولد وعاش ونشا وترعرع في مجتمع ريفي أو بدوي بسيط ، لا يعرف الفلل ، ولا العربات الهمر ، ولا الهمبرقر ، والاسيكلوب بانيه ، بل وربما لم يتنعم بعز الكهرباء الا في المدينة وفي المدينة ....مفتاح كل السعادة والهناء ، ففيها المال ، وفيها السلطة وفيها الجاه . في الريف أوالبادية تستطيع أن تأخذ راحتك بالكامل وتمارس حياتك بشكل عادي جدا وتسيطر علي كل شئ يخصك تقريبا وهناك تكون ذنوبك قليلة علي قدر افعالك في الجوار، أما في المدينة ، فالوضع يختلف تماما ، لا تأخذ راحتك أبدا ، ولا تمارس حياتك بشكل عادي ، ولا تسيطر حتي علي ما يخصك ، وهناك تكون ذنوبك اكثر علي قدر أفعالك في الجوار. كلنا يعرف ايهما افضل له ، الريف أو المدينة، وكلنا يختار ما يريد ، والمكتوب.. مكتوب ولكن من يحدد خيار " المكتوب" ؟ ... لنقل المشيئة ، الارادة ، الطموح..الظروف .. ويالها من ظروف !!. في المدينة يوجد الحكام ، قصور الحكام ، فلل الحكام ،" يختات" الحكام "بيزنس" الحكام ، وفي المدينة يمارس الحكام كل السطوة ، والجبروت والأبهة ، لزوم الحكم . عجبا !! .... من أين أتي هؤلاء؟* ( المرجع لصاحبها).... ولماذا يتشبثون بالحكم الي هذه الدرجة ، وقد انكشف "مستورهم" ...بل من أين أتوا بهذه "اللازاجة" التي ألصقتهم بكراسيهم!؟... هل هم من نسل أسر حاكمة معروفة ، ولكن غفل التاريخ عن ذكرها لنا ؟ أم هم ورثة عرش ملوكي أصيل ؟، أم أنهم من أصل قبائل حقيق عليها أن " تخرق الأرض"و"تبلغ الجبال طولا" ؟ . سندة فرعية : لأحد الفرق المسرحية الألمانيةعمل درامي جميل يسمي " التصعيد" أو "التسلق" " ُُEscalationُ " يحكي باختصار عن مجنمع من القرود ، مسكين ، ومسالم ، يفد اليه قرد "جربان" و "تعبان" و"سجمان" في البداية يلفظه المجتمع ، ولكن... شوية، شوية ، صاحبنا يتغلل فيهم بخدمتهم تارة ، وتملقهم تارة أخري، حتي أصبح زعيما وسيدا عليهم... انتهي... ويا بخت هذا القرد ، ويا حسرة علي هؤلاء القرود... لا يرون الا...... الحمرا . نعود للسادة الحكام موضوعنا ، فقبل ظهورهم الي العلن ، كانوا يشحذون الهمم والعزائم تحت الأرض ،ومعها تتلي كل "الاوراد" المحفوظة ، وعندما واتت الفرصة ، خرجوا وهم يحملون راية " الجهاد" وبها أقنعوا شعبهم المسكين بأنها انما جاءوا ليحرروا البلاد من " الكفرة" "الفجرة" وليرفعوا راية الدين خفاقة ...ولمزيد من التوضيح ، هؤلاء " الكفرة" "الفجرة" هم في الأصل سكان الشق الآخرمن نفس البلدة ، لهم نفس الحقوق والواجبات. في البداية قبل أن يعتلوا "الكراسي" ويركبوا العربات الفارهة ، ويسكنوا القصور ذات الحدائق والأشجار الوارفة، كانوا يجلسون علي " البروش" ، ويسكنون الخيم ، يخططون لحكومة نظيفة " الورع " هو أساسها لذلك ، استنوا كل القوانين التي تتماشي مع منهجهم .... ما في مشكلة! ....نواصل.. ، فالشعب المسكين لا يصدق الا ما يري .... ولقد رأي ما رأي .. بعد فوات الآوان!!. علم الحكام الجدد أن "ديمومتهم" لا تستمر الا بالمال... فاليقتطع العمال والفلاحين والعبيد من كدهم ورزقهم وعرقهم ويتحول الي مال....مال....كله بالقانون.... يصبر الشعب ويقول : معليش...نحن لاقين نعيش زمن الصحابة ؟. كان من ضمن القوانين التي سنوها ، والملزمة لهم، بعد القسم "المغلظ" قانون شبيه تماما بقانون " من أين لك هذا؟" ما كتبه الشعب عليهم ، ولكن .. كتبوه هم علي أنفسهم . صدق الشعب ، علي حسن نيته ،انه قد عاد الي عصر الصحابة ، فرح ، وهلل ، وكبر...وكبر. يدور الزمان دورته ، وتندلع الحرب ، ثم يتغير كل شئ.....صح؟ خلط اوراق .... معليش.... اقصاء.... معليش...ثم احتواء كامل!! ... ثم تتوقف الحرب ....بفعل سلام هش اجبر عليه الطرفان وهما مكرهان ولكن ، ما شفع لهما ، أن لكل منهما "نية" مبيتة أخري يمكن أن يكسب بها الزمن ... ياهي" ضايعة.. ضايعة" ... وكان أهم شئ يدور في خلديهما : ..المهم نحكم؟... ولو قسمنا البلد.....حلو. كان لا بد ان يؤمن الحكام مراكزهم ويثبتوها "بالأسمنت" المركٌز فكان أهم شئ فعلوه بعد جمع المال وتوزيعه بين "الخزنة" و "الحساب الشخصي" ، والمقربين ، والمعارف ، والأصحاب ، أن سيطروا علي كل وسائل العنف اما بواسطتهم شخصيا ، أو بواسطة "مؤيديهم " " و"مناصيرهم" وقلة من "الرعاع" . ولمزيد من السيطرة و"العيشة الهنية" كان لا بد للحكام أيضا ، كي يحافظوا علي مراكزهم ، أن يحتكروا كل شئ من سن وتنفيذ القوانين والعقوبات وتنظيم الجيوش الخاصة ، حتي انتاج الأسلحة . بفعل هذه الغفلة من حماقة الحكام وبلادة المحكومين ، وحول هذا الغلاف الأثيري المشبع بثاني أكسيد الكربون ورائحة البارود والمفعم بالمآسي ، تسلط علي سيادة البلاد حكاما آخريين ، أشد بأسا واشد تنكيلا ، يمسكون ب"الريموت كنترول" يناوشون بالحصار " الطروادي" ، وبفتات من المعونات المغلفة بقنابل موقوتة تارة ، وبقوانين "حمارابي " الخاصة بملاحقة حكام الدرجة الثالثة تارة أخري، ويالها من مهازل بدأت ،ولا ندري متي ، وكيف ستنتهي!؟ . الصورة الآن أن الشعب تراه ، ولا تعرف.!! أهو فرحان ..؟ حزنان..؟ ..قرفان..؟ الله يعينهم. والحكام الآن تراهم ، ولا تعرف!! أهم .. فرحانين..؟ حزنانين..؟ قرفانين..! الله اعلم. من أنت ايها المواطن الغبي الذي يتطاول ويسال الحكام قانونا وضعوه هم بانفسهم ويعرفون مخرجه.!؟ انهم حتما سيقولون لك وبكل برود : .....هذا من فضل ربي . آه .. آه .... يا ربي . ********* محمد عبد المجيد أمين(عمر براق ) كاتب ومخرج مسرحي [email protected]