شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تبكي على الهواء وتثير تعاطف الآلاف: (تعرضت للتحرش من والدي ومن أقرب الناس.. والدتي تزوجت 7 مرات وفي كل مرة تطردنا من المنزل أنا وأبني وبسببها أصبحت أتعاطى المخدرات)    شاهد بالصورة والفيديو.. في تصرف عرضه لسخرية الجمهور.. الفنان جمال فرفور ينحني من أعلى المسرح ويُقبل أيادي معجباته وساخرون: (بوس الأيادي على الطريقة الفرفورية)    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    شاهد بالفيديو.. الهلال يكتسح "البوليس" مجدداً ويصعد لمجموعات أبطال أفريقيا    وزير الخارجية يلبي دعوة رسمية لزيارة العاصمة الأمريكية واشنطن    قرار لاتحاد الكرة السوداني بشأن خطوة في الفاشر    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الحلم المستحيل    المدرب محمد الطيب : يجب على لاعبي الهلال عدم الاستهتار    الهلال يتأهب لعبور البوليس الكيني    الأهلي مَالُو زَعلان؟    مجلس السيادة السوداني يحسم الجدل    عثمان ميرغني يكتب: نساء السودان… ضحايا وحشية الحرب    مجلس السيادة ينفي وجود مفاوضات بين القوات المسلحة السودانية والمتمردين في واشنطن    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    الجيش يصد هجومًا عنيفا للمليشيا الإرهابية على الفاشر وتكبدها خسائر فادحة    القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تفضح شاب قام بتصويرها خلسة بمحل "فول": (عاينت ليو لقيتو ببكي قال لي أنا يداب لي يومين ف البلد دي.. حنن لي قلبي..جبانون)    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور الممثل المصري الشهير "وحش الشاشة العربية" في الخرطوم بعد تحريرها !!    مصرع عبد الرحيم ود أبوك "خال" قائد الدعم السريع و15 ضابط في غارة جوية للجيش بمدينة نيالا والمليشيا تقوم بترحيل الجثمان من نيالا إلى الضعين    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    بلينغهام يعود للتهديف..ويقود ريال مدريد لفوز صعب على يوفنتوس    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الخميس23 أكتوبر2025    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    السودان..قرار مفاجئ بتخفيض رسوم الجواز    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرطة السودانية وتبعة الفرضيات المرهقة .. بقلم: د.محمد عبد الحميد
نشر في سودانيل يوم 28 - 10 - 2013


mohamed hamed [[email protected]]
يطلق العديد من الساسة مصطلح الدولة البوليسة علي الدول التي تحاول قمع الحريات و التضييق علي المعارضين كدلالة علي تلك الممارسة التي تطلق فيها يد الأجهزة الأمنية دون ضابط ولا رابط بحيث يكون لها القول الفصل فيما تراه تهديدا للنظام القائم، وقد لا تحتاج كنتيجة لذلك أي تصريح من السلطة القضائية التي يجب أن تكون صاحبة القول الفصل في المسائل الخاصة بالحريات ذلك أنها الحامي والضامن لها بموجب الدستور الذي يكفل الحريات بكل تفاصيلها، بيد أن مصطلح الدولة البوليسة ينطوي علي نوع من التجني علي الشرطة أو البوليس وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يمكن للدولة أن تمارس أنشطتها الا في ظل نظام شرطي يحفظ الأمن والأستقرار ويقوم علي خدمة المجتمع في مختلف مناحي الحياة التي تضطلع بها الأجهزة الشرطية بمختلف تخصصاتها لا سيما في مجال مكافحة الجريمة ،الحماية المدنية، السجون وسائر المعاملات التي يحتاج فيها المواطن لخدمة الدولة في السجل المدني، المرور أو الهجرة وما اليها من خدمات تمثل فيها الشرطة سلطة الدولة في تنظيم شؤون المجتمع، كتأمين المرافق وبث الطمأنينة في النفوس حتي لا يشيع الإنفلات ويأخذ من يشاء القانون بيده ، لذلك فإن الأجهزة الشرطية بهذا التوصيف ضرورة مجتمعية مصاحبة لدولة القانون لكي لا يكون هنالك إعتباط في تطبيق القانون الا ضمن قرار قضائي تلعب الشرطة فيه دور الضبط والإحضار ليتم الإحتكام للقانون وفق ما يتراضي عليه الناس من دستور ينظم حركة الحقوق والواجبات. في المقابل فإن الدولة التي تنزع نحو التضييق علي المعارضين لا يمكن ان تكون دولة بوليسة وإنما هي دولة قمعية وهي نادرا ما تستخدم جهاز الشرطة ، وإنما تستخدم اجهزة أخري تستحدثها حسب رغبتها وإحتياجاتها للقمع والتنكيل بالخصوم والمعارضين، وقد يكون ذلك في الكثير من الأحيان علي حساب الشرطة نفسها أو بشكل أدق علي حساب وظيفة الشرطة إذ تتداخل الأدوار بشكل لا يكون من المستطاع معه التفريق بين دور الشرطة ودور الأجهزة القمعية التي تقوم بعملية التنكيل بالخصوم كجزء أساسي من مهامها التي أُنشأت من أجلها .. ففي الدول المحترمة التي تحافظ علي حقوق الإنسان علي سبيل المثال تقوم الشرطة فيها بحماية المتظاهرين الذين تكون لهم وجهات نظر مخالفة للحكومة في أمر ما أو قرار ما ولا تقوم بملاحقتهم ولا تنكل بهم بل تكون حاميا لنشاطهم الي أن يتفرقوا بسلام دون الإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة.
إن الإنتماء الي الجهاز الشرطي بإعتباره جهاز مجتمعي خاضع لسلطة القانون في المجتمعات يثير الكثير من الفخر ليس فقط للمنتمين له ، و إنما لأهل وأقارب أفراد هذا الجهاز ، فهو مبعث فخر من ناحية إن ضابط الشرطة أو الشرطي هو رجل قانون يعمل وفقا لمقتضياته فهو إنسان منضبط في نفسه وأهله وبيته ومواعيده وبالضرورة في أخلاقه، فهو حامي حمي المجتمع يحفظ العرض والمال ويكافح الجريمة بكل اشكالها وانماطها فهو بهذا التوصيف إنسان "فني" ذو مهنة محترمة تجد كل التقدير من المجتمع طالما قام علي حمايته وحفظ افراده أرواحا و ممتلكات، لذلك فإن الكثير من الأسر تدفع بإبنائها دفعا للإنخراط في هذا الجهاز المهم والمحترم وهو في داخله يتلقي أصول المهنة التي أصبحت علما يدرس فيما يعرف الآن بالعلوم الشرطية، فضلا عن التدريب الميداني الذي يتعرف فيه علي فنون التعامل مع عناصر الجريمة وسلوك عتاة المجرمين والخارجين علي القانون، ومساعدة العدالة أن تأخذ مجراها، كما أنه من ناحية أخري مبعث فخر لمنتسبيه لأنه جهاز مملوك للمجتمع لا للأنظمة الحاكمة.
فالصفة المائزة للأنظمة الحاكمة هي الزوال طال بها الأمد أو قصر، بينما المجتمعات هي التي تبقي وكافة أجهزتها بما فيها الشرطة. غير أن عوارض الأنظمة الحاكمة لا سيما الديكتاتورية منها تسم كل أجهزة المجتمع بميسمها الفاسد فيما أسماه عبد الرحمن الكواكبي " بقلب الماهية" فمثل هذه الأنظمة تنزع نحو قلب ماهية الأشياء فتحول الشيئ من النقيض الي النقيض حتي القيم والأخلاق لا تنجو من هذا المسلك الشاذ والأمر نفسه ينطبق علي الشرطة التي في ظل غياب الرقابة وسيادة القانون تخضع لجبروتها وتصفي الكوادر المهنية بداخلها حتي تجعل منها مطية لرغباتها الزائغة فتحولها الي أداةStooge بعد أن تفرغها تماما من الماهية المجتمعية الي أداة حارسة للسلطة. فتستحيل بذلك الي أداة قمع تستخدمها السلطة في اللحظة التي تحتاجها جنبا الي جنب الأجهزة الأمنية المفصلة بحسب مقتضيات حال الأنظمة الحاكمة، فتصير بذلك جهازا مفرغا من الماهية.
مهما يكن من أمر فواقع الحال في السودان الآن يجعل المشهد ملتبساً، فما كشفته احداث الإحتجاجات التي انتظمت معظم مدن السوادان في سبتمبر 2013 م الماضي قد كشفت حالة من التداخل بين الشرطة والأجهزة القمعية التي خلقها النظام لحمايته، فقد كان هذا التداخل بارزا في درجة القمع التي تصدت بها هذه الاجهزة لجموع المتظاهرين، حتي يمكن القول إن الأمر قد إختلط علي الشرطة نفسها، التي وجدت نفسها في الميدان تحمي نظاماً في مواجهة مجتمع أعزل خرج أبناؤه بنيناً وبناتاً ليقولوا لا للسياسات التي قدروا أنها تضر بهم وبمصالحهم، فإذا بالسلطة تتصدي لهم بأقسي وأقصي درجات العنف بصورة فاقت كل درجات الاحتمال، بل إن الأمر قد وصل الي درجة الجريمة التي خلقت الشرطة في الأصل لمكافحتها والحد منها، فأساس الجريمة يمتد بخيط رفيع ليشير بأصابع الإتهام الي عمل مدبر حول ما صاحب حركة الإحتجاجات من تخريب منظم وسينارويهات محكمة السبك والإعداد تقود الي أن يصل الجميع الي خلاصة مؤداها أن أي عمل إحتجاجي إنما هو مرتبط بالفوضي، وبث الرعب والفزع في نفوس العالمين لتكون الخلاصة النهائية، إن الإحتجاج لا جدوي منه، وإن الحكم الفاسد خير من الفوضي الشاملة وغياب الأمن والطمأنينة .
كل هذا يشير الي ضرورة الأخذ بفرضيات تلقي الكثير من المسئولية علي كاهل الشرطة .. وهي أن الشرطة في السودان لم تزل تحتفظ لنفسها بالشرف المهني الذي وجدت له، كما وأنها لا ترتضي درجة العنف التي جوبه بها المتظاهرين الذين هم في الأصل إخوانهم وأخواتهم وأبناء عمومتهم وأقاربهم منهم ينسلون واليهم ينتسبون، وأن هنالك أيدي خفية خططت ودبرت وكان من مصلحتها أن يصل الناس الي درجة القنوط من التغيير الذي يماثل "الفوضي والتخريب " لذلك وبناءً علي تلك الفرضيات فإن علي الشرطة كجهاز مجتمعي ينتظمه الكثير من الشرفاء من المهنيين الأكفياء أن تكشف للملأ حقيقة ما جري علي أقل تقدير لجهة نفي تهمة قتل المتظاهرين عن نفسها أو التقاعس عن حمايتهم في وقت إندلاع الأزمة حين هم المخربون والمتربصون ببث الرعب في النفوس، وأنها لم تزل ذات جذور مجتمعية همها الأوحد حفظ حياة الانسان من المهالك والمخاطر مهما كان مصدرها حتي وإن كان الفاعل (المدبر) هو المتحكم في تعيين قادتها وبيده تسريحهم ورفتهم من دائرة العمل، فالشرطة إن كانت جهاز معافي لا يمكن أن ترتضي مثل هذا التنكيل التي كانت شاهدا عليه ، وإن كانت جهاز مفرغ من الماهية فإنها لن تكون مبعث فخر منتسبيها و لا أهليهم الذين دفعوا بهم ليكونوا أمناء علي أرواح الناس وممتلكاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.