للذين يقرأون عبر التاريخ والنهايات من أرباب الحركات المسلحة في دارفور ومن يقفون وراءهم رعاية وتمويلا كانوا دولا أو منظمات أو مؤسسات أجنبية في جوارنا الاقليمى وأوربا وأمريكا وإسرائيل . وكل هذا السيل من قنوات الرفد والدعاية الجوفاء الذين استفادوا وما يزالوا يستفيدون من إشعال الحريق في دارفور لكسر إرادة السلام وتياره الغالب على ما تحقق من انجازات عبر الاتفاقيات التي سطرت سواءً تلك التي عنت سلام الجنوب أو دارفور أو الشرق. لقد مرت الإنقاذ في مسيرتها الطويلة والعامرة في مخاطبة ملف السلام بمحن وابتلاءات وتحديات جسام لو قدر لها أن تحيط بأي نظام أو دولة لأردتها كسيحة ولمزقتها شر ممزق، ولكن صناع السلام في بلادنا يعلمون ما يحاك لهم من مؤامرات وما يحيط بهم من محدقات وأجواء اليوم تعيد المشهد إلى الساحة مرة أخرى ! . حاولت الحركة الشعبية بكل رجالها وعتادها وعدتها بالأمس دخول توريت عنوة وسلبها والسيطرة عليها والمفاوضات معهم على أشدها وخطى السلام تتقارب ، ولكن من كانوا يسندونها ويقفون بجوار سودانها الجديد كانوا يستعجلون النصر ويتطلعون لمواقف ومكاسب تسند مفاوضهم وتكسر من تماسك الإنقاذ ووصفها بمضاعفة الضغط عليها من وحى هزيمة توهموها ! ، ولكن عقلية وإرادة من يحملون فكر الإنقاذ ونهجها وسيفها تأبى أن يكتب على سفرها الناصع أي معنى يقارب الضيم والقبول بالاملاءات والشروط والابتزاز ، ولو كانت تنشد ذلك لأستقر نظامها ورضيت عنه أمريكا والغرب والكنائس والفاتيكان ومجموعات الضغط الصهيونية ومراكز صناعة القرار الدولي والاستراتيجيات العالمية التي أحاطت بها من كل اتجاه ولم تصل إلى مرادها في بلادنا! . فأبت جموع السلام في قواتنا المسلحة ودفاعها الشعبي والمجاهدين بكل ألويتهم في بلادنا من أن تكسر إرادة الدولة واستعيدت توريت في غضون أيام وعندها وعيت الحركة الشعبية الدرس وعلمت أن الإنقاذ عصية على المباغتة ولى الذراع والانكسار. الدولة تريد أن تكتب السلام وهى تسعى له جاهدة وقدمت في سبيله ولأجله التضحيات الكبيرة وأرتال الشهداء، ولكنها ما استسلمت لضغوطهم ولا رضخت لشروطهم ولا ساومت على خطوط الوطن الحمراء لمن يعرف صناعة الأحداث وكتابة المواقف !!. حاولوا الكرة في حسكنيتة وشعيرية بإرادة الحركات المتمردة في دارفور وما تجده من دعم تشادي ليبي اسرائيلى بريطاني - فرنسي أمريكي من خلال سجال حرب العصابات والاستنزاف ، أرادوا إعادة إنتاج المخطط وهزيمتهم ما تزال، وذات المسلسل يعاد بجهل قادة الحركات ومن يدفعونهم للثأر وتمزيق البلاد وهتك نسيجها الاجتماعي وسلمها الوطني، بهكذا خطط عسكرية أشبه إلى المغامرة والانتحار، حاولوا الهجوم وقتلوا الأبرياء من المدنيين والقوات الإفريقية التي جاءت بطلبهم وإرادتهم وظنوا أن هذه المناطق ستستقر تحت قبضتهم فيما يطلقون عليه إرجافا بالمناطق المحررة. ولكن خاب فالهم وتبعثرت أحلامهم عندما أحيط بهم وطردوا منها ضحى وهم يخلفون وراءهم الخزي والخوار بفرارهم أمام صناديد الوطن وحماة السلام. أردوا استغلال نفوس البسطاء وحاجتهم إلى الأمن والاستقرار و المأوى والطعام في معسكرات اللجوء والنزوح، فوعدوهم ومنوهم بالأماني السراب عبر أجهزة الموبايل والثريا بالفلل الفاخرة والحياة الرغد والأموال الطائلة عند عودة الكرزاى أو الجلبى أو مشرف على الأظهر التي ستحملهم، ولكن سرعان ما تبخر الحلم وطالت إقامتهم بالفنادق ذات الخمس نجوم بأوربا، وكثر سهرهم ولياليهم بالعواصم والمدن خارج الوطن وليل السلام في دارفور تكدره أفعالهم النكراء التي لا تعرف السلام ولا طريقه القاصد ومعانيه الكبار!. هكذا تتكرر مأساة المواطن في دارفور فينقلب الصراع داخل الحركات بسحر السحرة من دول القرار والجنائية، ليعرف أهل دارفور أن أمثال هؤلاء من سماسرة الحروب والنزاعات العرقية والجهويات أبعد من أن يكونوا يبتغون السلام أو يعملون لأجل مصلحة دارفور وأجندتهم قد استبانت بكشفها عن نفسها! . هذا النصر الزائف الذي تصنعه هذه الايدى الخربة للحظات وهى ترتكز إلى الاجنبى وتراهن على وعده الكذوب لن تكتب حكما أو سلطانا لهؤلاء العملاء أو سيادة لهم على رقاب أهلنا في دارفور ! . هزمت الحركة الشعبية من قبل ودحرت في حرب ضروس امتدت لأكثر من عقدين بجهاد الإنقاذ وعزيمة أبطالها، ما استطاعت أن تسيطر على قرية أو مدينة لها رمزية أو مدلول، وهزم أبناؤها في التمرد في تحرير دارفور كما هزمت العدل والمساواة والشعبي من ورائهم في محاولاتهم المتكررة وفي غزوهم لأم درمان ورأى الناس كيف كانت خدعة (الذراع الطويلة) التي هرول قادتها ولاذوا بالفرار والصراخ والنجدة، والتي كان وقودها يومئذ الأطفال والقصر وسلاح الدمار والفتك جيد الصنع دون أن يكون خلفه رجال!! . لقد هزمت الإنقاذ القرارات الدولية الظالمة التي فاقت ال18 قرارا خلال عامين ولم تقعدها عن مسئولياتها في انطلاقة عجلة التنمية والاقتصاد وصون السلام في بلادنا ، وتكسرت عن صخرتها الصامدة كل حبالهم وعصيهم فلجئوا لسلاح العدالة الدولية المفترى عليه تفننا كآخر أدوات الهدم. وهكذا تكون نهاية كل حالم وواهم يضيع من فرص السلام ويقتات على موائد اللئام الذين يرومون تقطيع أوصال البلاد وصوملتها عبر هذه الغارات والهجمات والحرب المفروضة وهم يدعون العدالة والمساواة بدون قيمة أو مثل أو أخلاق. سعت قبلهم جحافل المعارضة وانتشروا وتمددوا في كل عواصم الجوار، ووجدوا الاستضافة و كل دعم وتعاطف ولكنهم ما استطاعوا أن يدخلوا الخرطوم دخول الفاتحين إلا عبر بوابة السلام ومواثيقه التي حقنت دماءهم ومكنتهم من كراسي الحكم ومقود السياسة . صمدت الإنقاذ أمام هذه الأعاصير العاتية ومركبها يمضى إلى غاياته رغم كل الصعاب ، فعلت كل ذلك ابتغاءا للسلام وتوجها نحو هديه وغاياته ، ويومها لم تكن قواتها ولا عتادها وعدتها على هذا المد الوافر اليوم ، وهى تصنع السلاح وتمتلك العتاد والطائرات والدبابات والصواريخ والتقنية وقبلهم الرجال الذي يصنعون السلام ويحمون جبهته . الذين أرادوا استهداف ولايات دارفور الكبرى عبر مهاجرية عليهم أن يسترجعوا الدرس في أبيى العام الماضي ليقيموا واقع ميزان القوى العسكرية والبلاد بها دولة وجيش وسند شعبي وقيادة . والذين استسهلوا مهاجرية أيا كانت مقاصدهم من ورائها وحاولوا الاحتماء بالأمم المتحدة ومعسكر قوات يوناميد عليهم أن يعلموا أن هذه المؤسسة غبرت تحت أنقاض غزة ودماء أطفالها ونسائها وشيوخها ! . لقد سعوا لترويع الآمنين في جنوب كردفان وزعزعة الأمن عبر ما استخدموا من تكتيك وتمويه هناك ومقصدهم وعينهم كانت إلى مهاجرية والدوحة وكرسي الرئاسة والزخم الاعلامى ، وبدخول القوات المسلحة واستردادها لهذه البقعة وتطهيرها من دنسهم يوم أمس الأربعاء 4 فبراير فقدوا كل مكسب ووهم وغرور وأصبحوا بلا رصيد وبقيت رتبهم الهوام مسخا مشوها على أكتافهم . الذين ينظرون إلى تعظيم المكاسب وإعلاء السقوف والمطالب عليهم أن يحصدوا نتائج هزيمتهم وهم يعودون لطاولة المفاوضات( إن عادوا ) لايملكون غير الصغار و تجرع الهزيمة وتبدد الآمال ! . الذي يريد السلام عليه أن يتوجه نحوه بإرادة من يعشق السلام ويعمل لأجله وليس على نحو ما يريده خليل العدل والمساواة وعلى الحاج وهم ينتظرون لمعاركهم الفاشلة أن تنجب شيئا . ولا بمن يحمل القلوب المتعددة وسلاحه مشهر هنا ويده مع الأجنبي ومطامعه التي لا تنقضى . أي تأخير في تحقيق هذا النصر كان سيكون بمثابة الوبال والطامة على تجسير السلام عبر المفاوضات القادمة وتعطيلا لخطاه . يقيني أن خطوة تحرير مهاجرية على هذا النحو المشرف هي رسالة كاملة المعاني متعددة الأوجه وعنوان السلام الحقيقي وبوابته أمام المساومات والمزايدات التي ترسمها قوى الشر وتبيعها لقادة التمرد . استمرار قواتنا المسلحة في القيام بواجبها الدستوري والوطني والأخلاقي كفيل بان يكتب سلاما عزيزا يقبله أهل السودان كآفة يفتح الباب لمن ينشده ويوصده أمام مغامرى الحروب إلى غير رجعة .