*بعيداً عن التحليلات والإجتهادات التي لا تخلو من غرض أو حكم إنطباعي فإن الأحداث المؤسفة التي مازالت تتفاقم في دولة جنوب السودان،إنما تهدد استقلال وسلام ووحدة هذه الدولة الوليدة، وتضر أكثر كل المواطنين بمختلف قبائلهم وجهاتهم وتوجهاتهم *لايعنينا هنا من يتقدم ومن يتقهقر في هذا النزاع ، لأنه لن يكون هناك نصر كامل لطرف على الآخر، وكل مكسب في الميدان يحمل في داخله قدراً من الخسارة، ما لم يحدث إتفاق سياسي شامل يوقف هذا النزاع اللئيم، ويعيد الإستقرار اللازم لتأمين استقلال وسلام ووحدة دولة جنوب السودان *كما لايعنينا في هذه الأونة النفط، الذي يهمنا إستمرار ضخه .. لكن ما يهمنا أكثر هو الإنسان السوداني سواء في دولة جنوب السودان أم في دولة السودان الباقي، لأن هذا الإنسان هو المتضرر الأكبر من إستمرار هذا النزاع اللعين في دولة جنوب السودان *لسنا من أنصار التدخل في شؤون الجارة الوليدة، ونرى أن الحل الأقوم إنما بيد القيادت الرسمية والأهلية في دولة جنوب السودان، التي تستطيع بحكمتها جمع الفرقاء المتنازعين للجلوس حول مائدة حوار لإنقاذ وطنهم ومواطنيهم من السقوط في الهاوية التي لا إنتصار فيها لأي طرف *معروف أن محاولة إقصاء الآخرمن السلطة بالقوة تدفع بهذا الآخر إلى الإستقواء بقبيلته ومحاولة فرض نفسه بالقوة ايضاً، لذلك لم يكن من الحكمة إقصاء المعارضين أو المخالفين في الرأي، لأن وجود الرأي الآخر شرط من شروط الحكم الراشد الذي ينبغي أن يستفيد من ملاحظات وإنتقادات الآخر، وأن تتاح له فرصة الوصول للسلطة سلميا عبر التداول الديمقراطي وليس بالقوة المسلحة *لسنا هنا بصدد الحكم على هذا الطرف أو ذاك أو الإنتصار لطرف على الآخر،وإنما نرى ضرورة التعجيل بجلوس جميع الفرقاء وغيرهم من قادة وحكماء دولة جنوب السودان على مائدة مفاوضات بلا شروط مسبقة، وإن إستدعى الأمر تأمين هذا اللقاء تحت مظلة الإتحاد الافريقي أو الأممالمتحدة *يبقى الأمر بعد ذلك وفوق ذلك بيد قادة دولة جنوب السودان من الطرفين اللذين ليس من مصلحتهما إستمرار النزاع بلا طائل، وهذا يستوجب مرونة أكثر وتجاوز المرارات الآنية، بدلاً من تركها تتفاقم، وإعلاء صوت العقل والحكمة وتغليب مصلحة الوطن والمواطنين على اية أجندة أو مكاسب ذاتية * لسنا في موقف الناصح، وأهل جنوب السودان أدرى بشعاب بلادهم، ما يهمنا فقط التنبيه إلى ضرورة الإستفادة من دروس العالم المحيط بهم ومن تجربة السودان الكبير الذي مزقته النزاعات وما زالت تهدد السودان الباقي [email protected]