تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    وزارة الصحة تستقبل طائرة مساعدات إنسانية وطبية تركية تبلغ 37 طناً لمكافحة الكوليرا    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    "الدعم السريع" تبسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية    الجيش الشعبي يحرر (الدشول) الاستراتيجية بجنوب كردفان    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلين أبهت بك يا بهاء .. وداعا سعادة السفير د. بهاء الدين حنفى .. بقلم: جعفر سعد. برلين
نشر في سودانيل يوم 27 - 12 - 2013

أبدأ مقتبسا لمقالى هذا عنوانا يعود ,للأديب والشاعر والدبلوماسى الراحل المقيم الأستاذ صلاح أحمد ابراهيم , اعتاد ان يخاطب به كل من كان اهلآ للثناء والمدح ,تحية واجلالا .
جديرون بالاحترام
قبل التوقيع على اتفاقية ( نيفاشا) فى عام 2005 كان هناك توتر واضح فى العلاقات السودانية الاوربية عامة والالمانية خاصة وخصوصيتها عند الحكومة الالمانية تجلت من خلال الندوة التى نظمتها المجموعات الدارفورييه المقيمة فى المانيا , على رأسهم أبناء الزغاوة بدعم من بعض المؤسسات الاهليه الالمانية المدعومة مباشرة من الحكومات الولائية وأيضا من قبل الحكومة الاتحادية عن طريق وزارة الخارجية بمدينة ( فلوتو) ولذا اطلقوا عليها اسم ( ندوة فلوتو ) فى صيف عام 2003.بدات الجلسة الاولى بتقديم المرحوم الدكتور خليل ابراهيم ( مانفيستو) حركة العدل والمساواة , عمليا من هناك اعلن الحرب ضد حكومة الخرطوم من هناك انطلقت الطلقة الاولى ,كان شخصى الضعيف بين الحضور المدعوون للندوة , رأيت بأم عينى وسمعت باذنى كل ما دار فى الندوة , وما زاد الطين بله,هو التصعيد الاعلامى المكثق واسع النطاق, الغير عادى الذى بادرت به (دير شبيقل) اعرق واكثر المجلات الاسبوعية الالمانية توزيعا ولها تاثير كبير على الطبقة القيادية فى المجالين السياسى والاقتصادى , تتمتع بمصداقية وتهتم بخلفيات الاحداث وبالتحليلات والتحقيقات وتتمتع بسمعة جيدة وتكشف دوما عن خبايا الامور والفضائح وكل ما هو مستور عنه فى اروقة السلطة والمجتمع ولها أيضا تاثير على الرأى العام , وصاحبتها صحف يومية مثل ( الفرانكفورتا القماين) و( السود دويتشا صايتونق) و(لفرانكفورتا روندشاو). الصحف الثلاثة هذه لها أيضا تاثير كبير على الرأى العام.الحملة هذه ساندها ودعمها و وجهها كل من, وزير الخارجية الالمانى انذاك (يوشكا فشر) شخصيا وهو من أقطاب حزب الخضر, كانت له اليد الطولى ولعب دور البطل بجدارة فى استعجال ابراز و فتح ( الملف) الدارفورى للراى العام الالمانى والاوربى, وأيضا وزيرة الدولة بوزارة الخارجية ( كريستينا مولر) وهى ايضا من حزب الخضر و وزير الداخلية اللبرالى السابق ( قيرهارد باوم) وكان يومها مكلف مباشرة من الامين للامم المتحدة بملف حقوق الانسان فى السودان, بالتنسيق مع مجموعة من أبناء دارفور, معظمهم ينتمون الى قبيلة ( الزغاوة) كما ورد سابقا , لعبوا دور هام واجادوا( اللعبة) فى ادارة وتنسيق الحملة الاعلامية المدعومة من قبل وزير الخارجية و وزيرة الدولة بوزارة الخارجية وسرعان ما انفتحت لهم الابواب على مصرعيها لعرض قضيتهم ومعاناة اهلهم عبر منابر الحوار و الندوات والمتنديات ,ايضا وجدوا الدعم والمساندة من (اللوبى) وسط الاحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان الاتحادى الالمانى ونقابات العمال ومعظم منظمات المجمتع المدنى والكنائس, كل هذه المجموعات ابلت بلاءا حسنا واستنفرت كل ما لديها من نفوذ وعلاقات على الساحة الاعلامية الالمانية لتجسيد ونشر اخبار وصور لضحايا المجازر ومشاهد فظيعة وصور ومناظر بشعة لبقايا القرى المحروقة والخراب من قبل مليشيات( الجنجويد) ومعاناة النازحين,كل هذه المناظر والمشاهد تركت اثار سلبية فى عقول وضمائر الكثيرين من الالمان وصلت لكل مواطن المانى فى عقر دارة عبر شاشة التلفزيون والمذياع والصحف اليومية وأطلقوا نداءت الاستغاثة وتم لهم ما أرادوا , . فجأة اضحت مشكلة دارفور والإبادة الجماعية وهجمات( الجنجويد) و بقايا القرى المحروقة حديث كافة شرائح المجتمع الالمانى والموضوع الشاغل الأول لغالبية منظمات المجتمع المدنى والكنيسة . فجأة وصلت المشكلة الدارفوريه بسرعة الصوت الى نيويورك وأصبحت هى القضية الاولى على اجندة الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن ومنظمات حقوق الانسان الامريكية و (اللوبى) الامريكى من ذوى الجزور الافريقيه فى الادارة الامريكية والكونقرس ومنظمات المجتمع المدنى والى هووليود.
جاء رد الفعل السريع من قبل صقور المؤتمر الوطنى والانقاذ الذين سارعوا يقرعون طبول الحرب و التصعيد والتصريحات الغير مسؤولة مصحوبه بالسب واقبح الشتائم وادانة الحكومة الالمانية بشدة متناسين أو غير مدركين بأن ألمانيا دولة قوية ومؤثرة وكانت لها علاقات حميمة مع جمهورية السودان منذ ان نال السودان استقلاله وخاصة أبان حكم طيب الذكر الفريق ابراهيم عبود من 1958 الى 1964 و استمرت على مدى ثلاثة عقود ونيف الى ان جاءت الانقاذ فى عام 1989 وطيلة المدة الزمنية هذه قبل انقلاب الانقاذ الذى حل على بلاد السودان( بالساحق والماحق) وتنكروا للجميل وفات عليهم ان السودان من اوائل دول العالم الثالث التى استفادت من برامج التعاون الاقتصادى و الانمائى الالمانى ومشاريعه ذات الطابع الايجابى فى مختلف المجالات منها على سبيل المثال, دخل السودان عالم الصناعة والتصنيع الحديث وخاصة فى مجال صناعة السكر حيث شيدوا مصنعى الجنيد وخشم القربة فى بداية الستينيات من القرن الماضى والتلفزيون القومى قدموه ( هدية) فى بداية الستينيات من القرن الماضى مع تدريب الكوادر الفنية والاعلامية له, ودعم التعليم الفنى والتدريب المهنى فى مختلف المدن السودانية و شيدوا مصنع العملة والذخيرة بالخرطوم والشجرة و نفذوا الاعمال الهندسية المدنيه من شق الترع الرئيسية وتشيد القناطر فى امتداد مشروع المناقل وأيضا لا ننسى كهرباء خزان الروصيرص ومن هناك مدوا خط نقل الكهرباء الشهير الى الخرطوم ومنحوا سككك حديد السودان أول قاطرات ديزل مع تدريب السائقين والمهندسين والكوادر المهنية الفنية , يومها امتدت خطوط السكة حديد الى مدينة واو, بالخرطوم كانت ثلاثة من المؤسسات الالمانية ذات الطابع الحزبى لها مكاتب وموظفيين محليين بجانب الالمان يعملون فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولها دور ارشادى هام وسط نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدنى وتقدم منح دراسية لللالتحاق بالجامعات الالمانية وايضا معهد ( قوته )ودوره فى تلعيم اللغة الالمانية والعمل الثقافى والامسيات التى تعرض فيها مختلف الافلام الاجنبية اقامة المعارض الفنية للفنانين السودانيين ليرزوا اعمالهم والمسرحيات وفرق الموسيقى الكلاسكية والاهم من ذلك قامت الحكومة الالمانية بالعمل على تأهيل وتدريب الكوادر المهنية والاكاديمية فى الجامعات والمعاهد الالمانية وتدفق المبعوثين على منح ( الداد) من جامعة الخرطوم و (المعهد الفنى) انذاك و وحاليا (جامعة السودان) ومراكز الابحاث الزراعية ومختلف الوزارات والمصالح الحكومية وأيضا أعداد من ضباط القوات المسلحة تدربوا و تأهلوا فى الاكاديميات العسكرية بمدينتى هامبورج وميونخ , كذلك الجنود الفنيين من مصنع الذخيرة وسلاح الطيران كانوا يتوافدون باستمرار لدورات تدريبية ,ايضا جاءت أول دفعة من ضباط البوليس خريجى كلية العلوم, جامعة الخرطوم تم اختيارهم للتدريب و التخصص فى مجال المعامل الجنائية والمباحث و رافقتهم للتدريب ايضا مجموعة من رجال البوليس الفنيين , اضافة للطلاب الذين التحقوا بالدراسة فى الجامعات الالمانية على نفقتهم الخاصة وشجعهم على ذلك مجانية الدراسة فى الجامعات والمعاهد الاكاديمية العليا وسهولة الحصول على منحة دراسية تكفل لهم نفقات السكن والمعيشة من منظمات ومؤأسسات المانية عديدة تعنى بشئؤن الطلاب الاجانب, تشترط فقط الاستمرارية والنجاح فى نهاية كل( سمستر) دراسى . أنا شخصيا استفدت من هذه المنح كطالب و أقيم فى المانيا منذ بداية سبعينيات القرن الماضى وأعنى ما أقول و متأكد جدا اذا كانت هناك احصائيات دقيقة تحصر اعداد كل من تأهل فى المانيا لفاق الالاف.
تجاهل صقور الانقاذ كل ما سردته وعددته من انجازات ,ضربوا بها عرض الحائط وبدوا يهدمون وبشراسة مسيرة تطور العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين وما حققته من عائد للسودان على كل المستويات,الثقافية والاقتصادية والفنية والانسانية , كل هذا لم يمنع قارعى طبول الحرب و التصعيد والتصريحات النارية الملتهبة الغير مسؤوله التى ادت الى تصعيب مهمة عمل كل سفير أو دبلوماسى فى القيام بمهامه التى من أجلها ابتعثوه, وعرضوهم الى انعزاليه وسدوا امامهم كل الطرق وقنوات الاتصال بتصريحاتهم الغير مسؤولة التى ساعدت فى بروز المعيقات والعراقيل التى اجهضت مساعى كل سفير ودبلوماسى , شلت حرفيتهم ومهنينهم فى القيام بالمهاهم التى ابتعثوا من اجلها الا وهى التفاعل الدائم وبشكل اسرع مع الاحداث وهم العين التى تراى والاذن التى تسمع لتحقيق المصالح وايضا ضيق ذات اليد يحول دون القيام بأعمال الدعاية والتسويق فى المحافل العامة, هنا نرجع لما قامت به الصحافة الالمانية وحملتها الاعلامية المكثفة الشرسة ضد النظام وتعريته أمام الرأى العام الالمانى بخصوص حرب الابادة الجماعية الدائرة بدارفور بعد ندوة ( فلوتو) فى عام 2003 ولم نراى انذاك اى رد او حملة اعلامية مضاده من قبل السفارة على الحملة المكثفة
صقور المؤتمر الوطنى والانقاذ راهنوا على الفشل ولم يعو الدرس وكسبوا رد فعل الحكومة الالمانية الصارم, الا وهو تجميد المنح المالية والقروض المتاحة منها مباشرة عن طريق بنك التعمير الالمانى وتجميد عمل الوكالة الالمانية للتعاون الدولى( قيز) ولغت كل الاتفاقيات الفنية والثقافية وخفضت من عدد المنح الدراسية واستثنت المساعدات الانسانية و فقط فى حالة الكوارث الطبعية وأصبح الحصول على تاشيرة الدخول الى المانيا من الخرطوم مشكلة عويصة ,انكوى من نارها المرضى القادمين للعلاج ورجال الاعمال والطلاب وحتى المستطيعين للسياحة والمعاملات البنكية وال.......الخ , ظللنا نراقب كل هذا عن قرب ونحن هنا فى برلين حيث انتقلت السفارة من بون الى برلين فى عام 2000 ويومها كان سعادة السفيرالسيد. أحمد جعفر عبدالكريم الرجل ( الحبوب المحبوب) ,الذى درس القانون الدولى فى جامعات ألمانيا الديمقراطية فى بداية السبعينيات من القرن الماضى , فى عام 1978 بدأ عمله كسكرتير ثالث فى سفارة السودان ببون وهذا يعنى بان الرجل دبلوماسى محترف ,بدأ الشغلانة من اول عتبات السلم الوظيفى كما كانوا يطلقون عليه أيام الزمن( الجميل) فى ديوان الخدمة المدنية عتبه,عتبه, والى ان ترقى لدرجة سفير ,هو الرجل الذى اتقن لغة الالمان وفهم عقلية الالمان وكيفية العمل والتعامل معهم.كل هذه المزايا المكتبسة اهلته ليكون الرجل المناسب فى المكان المناسب للعمل على اعادة المياه الى مجاريها,و تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى الرسمى والقطاعات العريضة من شرائح المجتمع المدنى الالمانى ولكن للأسف الشديد كانت أنفاسه محبوسة وحركته مشلولة من قبل حكومة الخرطوم التى دائما ما تلجا الى وسائل الدجل والتضليل , تفوقت فى صناعة خلق الاوهام وفقه المؤامرة مع التصريحات الاستفزازية, الغير ودوده الحاقده ضد معظم دول غرب اوربا وخاصة المانيا مقر عمله وتحركاته
,سعادة السفير.أحمد جعفر مؤكدا عانى الكثير الكثير من هذا الوضع الحرج واصبح رهينة لسياسة حكومته ورهينة لتقارير ضابط الامن بالسفارة الذى يبدا عادة تدوين تقاريره الشهرية اولا بالسفيرالذى صار كالبطة العرجاء كما يقول (الامريكان), وأنا أتخيل بأنه تنفس الصعداء بعد الرحيل ومغادرة المحطة البرلنيه وتحسر الجميع لفراقه لانه نجح فى كسر الحواجز فى علاقته الطيبة مع كل أفراد الجالية السودانية فى برلين وخلفه السفير الرجل( الكلس) عمر الصديق وهو أكيد عانى من نفس المشاكل ومدة اقامته لم تستمر طويلآ وغادر المحطة البرلنيه منقولآ الى المحطة اللندنيه بعد سنتين وقبل أن يتم الاربعه سنوات المعتاد عليها, كلنا يعرف بأن العمل كسفير فى لندن أو واشنطون وباريس هى قمة العمل الدبلوماسى لكل سفير ولذا سعدنا لسعادة السفير عمر الصديق الصديق بالحج الى ( مكة المكرمة) أى لندن, كما يحلوللدبلوماسيين السودايين تسميتها, وتألمنا حقا لفراقه لان الرجل ترك بصمة أولاد البلد لكل من عرفه وتعرف عليه خلال فترة اقامته القصيرة فى برلين
فى الربع الاخير من عام 2006 وصل الى برلين سعادة السفير د. بهاء الدين حنفى خلفا للسفير عمر الصديق ومن هنا اعود لبداية المقال والى بيت القصيد والى العنوان الذى اخترته واعتزر للقارى الكريم لهذه البداية الطويلة التى لا بد منها ليعرف ما أصبو اليه, وكل ما ورد من معلومات وسرد لفترة زمنية يجب ان تقال. السفير بهاء الدين حنفى شخصية اسلامية قياديه نابغة بحق وحقيقة يتحلى بأرفع الصفات الفكرية والثقافية وخلوق فى تعامله ونموذجا شاهدا على سمو الاخلاق, وعفة اللسان انسان متواضع ومستمع جيد , يحترم الرأى والرأى الآخر , يؤمن بلغة الحوار الهادف , الرجل يستحق المدح لانه ينتمى لتراب هذا الوطن الغالى , تولى منصب السفير ببرلين فى مرحلة زمنية كانت فيها المهمة صعبة بسبب الظروف والتحديات التى كانت محيطة بالسودان وهى كثيرة , أولها الرهان عل الفشل الذى داومت حكومة الانقاذ عليه وفرضته على كل من يعمل لديها ولكن الرجل يتمتع باستقلاليه لا تخفى على احد ولا يخفيها هو شخصيا ,واضح فى حديثه رغم صعوبة المهمة وكل الاشواك والعراقيل التى كانت تزرع من قبل الذين يديرون كل شئ من الباطن وهى فئة تؤمن بالحكم الشمولى وحكم الفرد وماهرين فى السب والشتم والتكريس لهيمنة المؤتمر الوطنى على حساب العلاقات الثنائية بين السودان والمانيا ولا يهمهم تدهورها , لكن الاصرار والارادة مكنت الرجل واكسبته مهارة الراقص على الحبل مع صعوبة المحافظة على التوازن بالزانة والا هوى فاقدا توازنه, تحرك فى جميع الاتجاهات و انتظر الارتطام وعلى ما اعتقد كان يعرف نتيجة هول السقوط والكارثة المروعة التى سوف يواجهها قبل الوصول الى الارض بدون اذى ,و كما قال الرئيس اليمنى السابق على صالح مشبها مثل هذه الحالة ( بالرقص على رؤوس الافاعى).هذه البهلوانية المدهشة سهلت المهمة فى العمل لتوطير العلاقات الثنائية بين البلدين وازدهارها الملموس وترك بصمات واضحة , ابتعد كل البعد عن المحسوبية والشللية وغيرها, شرفنا كمواطنين سودانين فى المهجر كان مثالا للاخ العزيز الخلوق فى تعامله مترفعا عن الدخول فى مهاترات وعصبيات عمياء يتقنها الكثير من اهل الانقاذ و استطاع ان يحقق التوازن أقول كل هذا رغم ابتعاد المسافات بيننا فكرا ومعتقدا ولربما اتعرض لنيران صديقة وأنا أمتدح احد مهندسى مذكرة العشرة الشهيرة والتى أدت فى عام 1999 الى الانقسام والتمرد والاطاحة بالشيخ حسن الترابى
فى مثل هذه الايام الحرجة فى تاريخ السودان و بعد ربع قرن من تسلط وحكم الانقاذ يصعب على أى كائن كان أن يثنى أو يمدح أى شخص ارتبط و ما زال مرتبطا بهذا النظام ولكن هذا الرجل منذ اعتماده سفيرا لدولة السودان بألمانيا وضح لى بأنه من ( عيار) اخر,لانه عمل جاهدا على تغيير أثار السياسة السيئة التى سلكها ( صقور الانقذ) طوال كل السنوات الماضية, وهنا حقائق يجب أن تذكر وتستحق الاشارة والاشادة وهنا أعدد بعضا من ما قام به خلال السبعة سنوات التى قضاها الرجل بيننا , عودنا أولا كجالية سودانية فى الشتات بافطار فى منتصف كل شهر رمضانى خلال السبعة سنوات التى قضاها بيننا فى برلين, وحفل الافطار يقام فى ( الريزدنس) هكذا يطلقون على بيت السفير هنا فى برلين, الحضور مبالغ فيه وهنا تتجسد القييم والاخلاق السودانية بالنأئ عن السياسة والخصومات والحرب والاحتراب فى مثل هذه المناسبات, ويتدافع السودانيين المغتربيين ببرلين وضيوفهم للحضور, وأعدادهم تتراوح دائما بين 150 الى 200 فرد من نساء ورجال واطفال وهنا تجد نفسك فى سودان مصغر يجمع ويتسع لكل العرقيات وكل ألوان الطيف السياسى فى ( الشتات) وحتى مجموعات الللاجييين السياسين الهاربين من نظام الانقاذ الى المانيا يسجلون حضورا كبيرا , أما الدكتور بهاء الدين حنفى شخصيا تجده( لافى) بصحن الفول والطعمية ويتبادل الحديث فى ركن من اركان الحديقة العامرة مع مجموعات الشباب الطلابيه والعاملين والسودانيين عابرى السبيل وشيوخ من الجيل والرعيل الأول, و يحلو له أن يطلق عليهم ( المحاربين القداما).بينهم المعاشيين ياتون برفقة احفادهم ومنهم من مازالوا يعملون فى مختلف الحرف والوظائف, الرجل متواضع فى طعامة وملبسه وحديثه وتتكرر( الشغلانة) للاحتفال بالعيد وعادة ثانى أيام العيد وكذلك فى عيد الاضحى وفى مناسبات اخرى كثيرة, تنصب الخيام فى أيام الصيف وتراى المصلين فى حديقة الدار مصتفين وتتخيل نفسك فى ميدان عام فى أى مدينة سودانية والدار ما شاء الله عامرة تذكرنى بسرايا مديرى مشروع الجزيرة فى بركات. فى دار الدكتور بهاء التقيت الامام الصادق المهدى أكثر من مرتين ,والسيدة الدكتورة مريم الصادق المهدى وكذلك الدكتور الشفيع خضر من الحزب الشيوعى تربطه صداقه خاصة بالرجل والصحفى الاستاذ الحاج وراق والاستاذه عشة الكارب والاستاذة نعمات كوكو, كانت مرشحة لتخلف المرحوم الاستاذ محمد ابراهيم نقد والبروف حسن مكى والبروف الطيب زين العابدين والبروف محمد محجوب هارون والبروف عبد الباسط وكل هذه اللقاءت كنت دأئما عبارة عن ندوات مفتوحة لتبادل الاراى فى مختلف مشاكل السودان الكثيرة ومن يتابع الاسماء قد يتصور ويتخيل تباين الاراء فى الحوار فى قضايا البلد بكل حرية واريحية ولم اسمع صوتا ارتفع ولم أشهد مشاحنة أو استفزاز او ضرب تحت الحزام , كنا نتوادع على لقاء اخر و لسان الحال يردد ( خلاف الرأى لا يفسد فى الود قضية) كل هذه فى صالون د. بهاء وخارج الدار يرفف علم السودان , عودنا على دعوة كل الذين يسجلون حضورا دائم فى برلين وخاصة المشاركين والمشاركات فى ندوات مؤسسة ( فريدرش ايبرت). السياسية والاجتماعية المتنوعة التى تنعقد سنويا فى برلين ومعظم ضيوفها المشاركين ياتون من دول العالم الثالث, من بينهم نساء سودانيات يعملن فى مجالات الدفاع عن حقوق الانسان و ( الجندر) وصحفيات و وبرلمانيين وبرلمانيات لا ينتمون للمؤتر الوطنى وصحفيين وكتاب لا علاقة لهم بالمؤتمر الوطنى أو الانقاذ , واللقاءت مع هذه المجموعات فى دار السفير كانت لنا نحن هنا فى( الشتات) بمثابة المنتدايات لتبادل الاراء والحوار والتعرف على كل جديد من اخبار البلد عبر قنوات ومصادر غير انقاذية .
أعود للعلاقات الثنائية بين ألمانيا والسودان وكيف تحسنت ونحن شهود على زيارات وزرين للخارجية أولهما ألور قبل الانفصال وبعدة على كرتى أكثر من مرة ورئيس البرلمان أكثر من مرة و وزراء عدديين ومسؤولين كبارومديرى معاهد وجامعات ومديرى بنوك ورجال اعمال و حكام اقاليم وما يؤشر وما يؤكد بأن الرجل قام بواجباته( المدرسية) بجد واجتهاد هى اجتياز الصدمة والفاجعة عندما اعتدى بعض من الغوغائين الهمج وقاموا بحرق السفارة الالمانية بقلب بالخرطوم ويوم جمعة وبعد الصلاة مباشرة ,هذا الفعل القبيح الذى اضر بسمعة السودان وتناقلته كل وكالات الاعلام , كانت هذه الهجمة والاعتداء بالنسبة لنا أبناء الجيل الاول من المهاجريين السودانيين والمقميين فى مختلف المدن الالمانية و نحن نتمتع بالجنسية الالمانية مع الاحتفاظ بجنسيتنا السودانية كارثة لا بعدها كارثة ودخلنا فى( أظافرنا) كما تعودنا أن نقول فى بلاد السودان عندما نشعر بالخجل والحرج والانكساف وبكل صراحه لا أدرى كيف كان حال الرجل وتمنيت يومها ان لا اكون فى مكانه!!! هذا الرجل الذى بدأ فى ( تلتيق) الثوب الممزق تقوم حكومته بصفعه مثل هذه الصفعة والقيام بمثل هذه الافعال وتعريضه للاستدعاء فى وزارة الخارجية والنهزرة وهذه هى واحده من العوائق التى ذكرتها فى بداية المقال وقلت ( حكام الخرطوم يهدمون وبشراسة مسيرة وتطور العلاقات الثنائية ويصعبون مهمة كل سفير ويعرضونه للانعزالية ويغلقون بقبيح اعمالهم كل الطرق وقنوات الاتصال ويصنعون المعيقات ويضعون العراقيل امام اى خطوة للتقدم الى الامام, لكن الرجل بحنكته وصبرة اجتاز الامتحان العسير وأجابهم بقيام المؤتمر الاقتصادى الالمانى السودانى الكبيرفى بداية العام الحالى ببرلين وبحضور وزير الخاجية الالمانى والسودانى وايضا بمشاركة السودان بوفد كبير ولى اول مرة فى الاسبوع الاخضر الشهير ( المعرض الزراعى) والمعرف عالميا والذى يقام سنويا ومنذ اكثر من سبعين عام فى مدينة برلين وتشارك فيه اكثر من 180 دولة ولم يشارك السودان بصفة رسمية خلال كل تلك الحقب الزمنية الماضية وتزايد عدد المبعوثين للتحضيرللدراسات العليا وصادق البرلمان قبل اسابيع على تمديد فترة اقامة الوحدات المختلفه من قوات الجيش والشرطة الالمانية المشاركة فى العملية المختلطة للاتحاد الافريقى والامم المتحدة فى دارفور
تاكيدأ لتحسن العلاقات الثنائية بين البلدين كانت مأدبة الغداء التى دعت اليها وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الالمانية فى ارقى الفنادق البرلنية وشرفها عدد من كبار المسؤولين من وزارة التعاون الدولى و وزارة الداخلية ومؤسسة فريدرش ايبرت ومدير المتحف المصرى وسفراء سابقين عملوا فى السودان وشخصى الضعيف, لوداع سعادة السفير د. بهاء الدين حنفى والتى امدت الى اكثر مكن ساعتين وقفت وزيرة الدولة وارتجلت كلمة باللغة الانجليزية, تحدثت قرابه النصف ساعة معددة الجهود المضنية والصبر وطول البال مع صعوبة المهمة والاداء الممتاز المميز الذى قام به السفير د. بهاء الدين حنفى من اجل تطور العلاقات الثنائية بالرغم من الهزات الكثيرة التى صاحبت فترة اقامته وجهده اللحوح المتواصل خلال السبع سنوات وقالت بالحرف الواحد ( ما نراه اليوم من زيارات شخصيات دستورية كبيرة و وأشارت الى زيارة النائب الأول و وزير الخارجية وأخيرا وقبل اقل من اسبوع من هذا الحفل زيارة وزير الداخلية السودانى بدعوة رسمية من الحكومة الالمانية, من كان يصدق هذا؟ وعوده منظمة ( القي زد) للمساعدات الفنية وعددت الكثير واشادت بشخصية الرجل ومدحته كثيرا وهنا أحب ان انوه بأن المسؤولين الألمان لا يعرفون( اللف والدوران) وصريحين منتهى الصراحة ولا يجاملون قط , ويقصدون ما يعنون وكلمة الوزيرة كانت تقييم و شهادة عمل بدرجة ممتاز للسفير حنفى وهو قام بدوره وارتجل كلمة باللغة الانجليزية ولمدة نصف ساعة تقريبا معددا النقاط المحورية فى مسار العلاقات الثنائية ,ورده اتاح لنا الحضور الفرصة لنتعرف على خبرته وممارسته العمل الدبلوماسي وسعة وعمق فى النظر والتحليل ودقة فى العبارة فى رده المباشر على الكثير من القضايا و الاحداث ,عبر رؤاه وأفكاره فى العديد من القضايا المهمة والعالقة بين البلدين, وملاحظاته الدقيقة عن قرب للسياسة والمجتمع الالمانى وتبين لى جليا مدى حبه وعشقه للمفكرين والفلاسفة الالمان (ماكس فيبر) و ( هبرماس) (ونيتشا)
دراسته للعلوم السياسية فى انجلترا حيث اكمل درجة الماجستير والولايات المتحدة الامريكية حيث اكمل درجة الدكتوراه وعمل هناك لسنوات طويلة اكسبته مشاركاته الواسعة والمهام التى اوكلت اليه فى عدد من المنظمات الدولية وتعامله فى السياسة الدولية و العلاقات بين الدول خبرة سهلت مهمام عمله فى برلين و عندما انتهى من كلمته سألته الوزيرة عن موعد سفره لبلاد السودان ورد عليها الرجل ردا ذكيا قائلا( يوم 28 ديسمبر, و (باللوفتهانزا) ولمعلوميتك شركة طيران( اللوفتهانزا) أعلنت عن ايقاف رحلاتها للخرطوم ابتدأ من بداية العام القادم, وسألت مستغربه لماذا؟ فرد عليها,,على ما أعتقد لى أسباب ماليه, ولا أدرى!!!وأنتى الآن وقبل تشكيل الحكومة الجديدة وزيرة للخارجية وباستطاعتك عمل الكثير بخصوص هذا الموضوع) ضحك الحضور كثيرا الى هذه الاشارة الذكية ومدير مكتبها كان يجلس على شمالى وقال لى بامكانها عمل الكثير فى هذا الموضوع وسعادة السفير برهن على شطارته
ومرة اخرى, برلين أبهت بك يا بهاء و وداعا ونتمنى لك التوفيق ودوام الصحة والعافية وأختم مقالى مقتبسا ايضا بسؤال تعود الاستاذ الفاتح جبرا طرحه فى نهاية عموده
أخبار ملف بتنا شنو............؟
وبالله عليك ما تنسى تسلم ( المفاتيح)..........( مارشال) المديرية البرلينى منتظر على أحر من الجمر
جعفر قسم الله سعد
مشرف اجتماعى مقيم فى برلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.