كل عام وأنتم والسودان بخير * في مثل هذا اليوم من عام 1956م تم رفع علم السودان وإنزال علمي دولتي الحكم الثنائي، ليبدأ السودان مرحلة جديدة تحرر فيها من حكم الاستعمار وأصبح بلداً حراً مستقلاً. * لسنا من الذين يقللون من دور الحركة الوطنية في تحقيق الاستقلال، لكننا لا نتوقف عند الماضي إلا بمقدار ما نستزيد من تجاربه ونستفيد منها في الحاضر والمستقبل. * من أهم الدروس التي قدمتها العبقرية السودانية قوة الإرادة الشعبية عندما تتوحد خلف أهدافها، وقد حفظ لنا التأريخ كيف أن وحدة الإرادة الشعبية كانت وراء القرار التأريخي بإعلان الاستقلال من داخل قبة البرلمان في 19 ديسمبر 1955م. * جرت مياه كثيرة تحت جسر السياسة السودانية أحدثت متغيرات كثيرة، بعضها إيجابي أثمر بعض الإنجازات في مختلف العهود والحقب، لكن للأسف ما زالت هناك جوانب قصور كبيرة شوهت استقلالنا وعطلت مسيرة العمل والبناء وأضعفت بالتالي المردود الاجتماعي والخدمي للإنسان السوداني. * لعبت الانقلابات العسكرية دوراً سالباً في الحراك السياسي والاقتصادي، إضافة إلى عدم وجود إستراتيجية قومية شاملة متفق عليها، رغم كل المحاولات التي تمت، ولم يتم الاتفاق على دستور يتراضى عليه أهل السودان كافة، وما زال الحديث يدور عن الإصلاح والتغيير مشروعات لم تكتمل بعد. * إن حكم الإنقاذ مرّ بمراحل مختلفة، قبل المفاصلة وبعد المفاصلة، وقبل نيفاشا وبعد نيفاشا، وقبل انفصال الجنوب وعقب إعلان استقلال دولة جنوب السوان، وما زالت هناك تطلعات شعبية مشروعة تتمدد حتى داخل الحزب الحاكم– المؤتمر الوطني- لتعزيز خطوات الإصلاح والتغيير لصالح الإنسان السوداني. * هناك حراك سياسي مشهود وسط الحكومة والمعارضة رغم ضعف مخرجاته، يحتاج إلى خطوات شجاعة من أجل تنزيله على أرض الواقع ليحسّ به المواطنون في حياتهم اليومية، ليس عبر المشاركة في الحكم واقتسام الثروة فوقياً، وإنما من خلال الاتفاق السياسي القومي الشامل، ووقف النزاعات المسلحة، وتحديد فترة انتقالية قصيرة المدى، والإسراع بإجراء انتخابات لقيام جمعية تأسيسية لإجازة الدستور بعد عرضه على استفتاء مفتوح لكل أهل السودان، واستعجال خطوات الإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني لحلّ كل الاختناقات القائمة والانتقال عملياً إلى مرحلة التداول السلمي للسلطة ديمقراطياً. * وكل عام وأنتم وكل السودان بخير. [email protected]