هل يخطف برشلونة أهم صفقات ريال مدريد؟    تقرير: سلطة البرهان تعمل على تجنيس مواطني دينكا نقوك    الجواز السوداني.. من حق دستوري إلى سلاح لتصفية الحسابات    شاهد بالفيديو.. خلال حفل أحياه الفنان "الفحيل".. مواطن مصري يتفاعل في الرقص على الطريقة السودانية وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    شاهد.. مقطع الفيديو الذي خطف القلوب.. جندي بالجيش السوداني يقابل والدته بعد طول غياب ويتمشى معها في الشارع العام    البرهان يبرم عقداً دفاعياً مع باكستان ب1.5 مليار دولار    شاهد بالفيديو.. بعد أنباء زواجها من أسطورة كرة القدم.. سيدة سودانية تهدي عارضة الأزياء الحسناء جورجينا "ريحة" عروس سودانية فاخرة لتتعطر بها لعريسها رونالدو    شاهد بالفيديو.. خلال حفل أحياه الفنان "الفحيل".. مواطن مصري يتفاعل في الرقص على الطريقة السودانية وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر.. شاب سوداني يعانق صديقه بشوق شديد بعد أن التقى به لأول مرة بعد الحرب والجمهور: (الأصحاب عزة وسند)    شاهد.. مقطع الفيديو الذي خطف القلوب.. جندي بالجيش السوداني يقابل والدته بعد طول غياب ويتمشى معها في الشارع العام    عبد الرحمن الصادق المهدي يرد على بيان حزب الأمة القومي ويتهم قياداته بالانحياز لمليشيا آل دقلو    الهلال... بطولة ضائعة في جيب فرد ما بين الذهب والوهم    الأعيسر :ليس بالضرورة أن يكون ناطقاً بلسانه    نحن أنصار القوات المسلحة بقدر إنتماءنا للوطن...كيف يربط البعض بين الشعائر الدينية والمؤتمر الوطني والكيزان؟    الهلال يظفر بكأس الجيش على حساب نده المريخ بالقرعة    نجم الشمالية الدامر يبصم في كشوفات نادي السهم    يهدد أراضي 8 دول عربية مشروع"إسرائيل الكبرى"    مساعد الرئيس الروسي: بوتين وترامب يجتمعان في لقاء يحضره المترجمون فقط في ألاسكا    هل يكسر مبابي لعنة الرقم 10 في ريال مدريد؟    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    شاهد بالفيديو.. قبل الهزيمة المذلة من صقور الجديان برباعية نظيفة.. لاعبو منتخب نيجيريا يغنون ويرقصون في "الممر" أثناء دخولهم ملعب مباراتهم أمام السودان    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    مصر تطالب نتنياهو بإيضاحات حول تصريحات "إسرائيل الكبرى"    سان جيرمان يتوج بالسوبر الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    إسرائيل تناقش إعادة توطين فلسطينيين من غزة في جنوب السودان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    وفد الادارة العامة للرقابة على شركات صادر الذهب يختتم زيارته للولاية الشمالية    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر جوبا .. ما له وما عليه (2-4) .. بقلم: د. عمر القراي
نشر في سودانيل يوم 11 - 10 - 2009

حسناً فعلت اللجنة المنظمة ، إذ لم تبدأ جلسة اليوم الثاني، وهي الجلسة المحددة لسماع خطابات رؤساء الأحزاب، الا في مساء يوم 27/9/2009م ، مما منحنا فرصة التجول في مدينة جوبا الجميلة ، واللقاء ببعض سكانها، وزيارة معالمها، في نهار وعصر ذلك اليوم . من ابرز معالم جوبا، ضريح المناضل الفذ والمفكر الوطني د. جون قرنق ديمبيور، مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان .. وهو يقع على مساحة واسعة، وسط سور كبير، لا يبعد كثيراً من مركز ناياكورون الثقافي، الذي عقدت فيه فعاليات المؤتمر. وفي الطريق اليه، وفي معظم المدينة، شاهدنا الحركة الدائبة، في رصف الطرق، وتوسيعها، وبناء المنشآت والفنادق الراقية .. ولعل لقاءنا مع بعض اخواننا، الذين يعملون تجاراً في جوبا، كان بالاضافة الى قيمته الروحية والانسانية، مهماً فيما نحن بصدده من أمرالمؤتمر.. لاننا تحدثنا معهم، عن الوضع الاجتماعي، ومدى قبول الناس لهم، كشماليين يعملون في الجنوب، في مجال حيوي كالتجارة . ولقد اكدوا جميعاً، مدى تقدير اهالي جوبا، والمناطق الاخرى التي عملوا فيها، في الجنوب لهم ، كما اشادوا بصدق المواطن الجنوبي البسيط، وحبه للسلام، وشعوره بالقرب من السوداني الشمالي، اكثر من مختلف الجنسيات، المتواجدة الآن، والتي يعمل افرادها معهم في نفس المجال. كما ذكروا مقدار الطفرة التنموية، والعمرانية، التي حدثت في وقت وجيز، وعقدوا مقارنات مقنعة ، ومنهم من عاش في الجنوب، قبل وبعد اتفاقية السلام . سألناهم عن مستقبل الوحدة أو الانفصال، في تصور المواطن الجنوبي، فقالوا ان المواطن الجنوبي، مدرك ومتمسك بمكتسباته في اتفاقية السلام، وهو اقرب للوحدة، ولكن المثقفين الجنوبيين، والذين يمكن ان يحركوا هذا المواطن، هم الذين يريدون الانفصال، بسبب ما يدركون من سوء معاملة أهلهم، بواسطة الحكومة في الشمال .
في مدرج واسع، في مركز ناياكورون الثقافي، بدأت الجلسة الثانية للمؤتمر بالخطاب الرئيسي، وهو خطاب السيد سلفا كير ميارديت رئيس الحركة الشعبية . بدأ السيد سلفا خطابه بشكر الحاضرين، وكيف ان ذلك يدل على حرصهم على السلام والديمقراطية والوحدة .. ولكنه ذكر ان كل واحدة من هذه المعاني الرفيعة، لها شروطاً لا تتحقق الا بها، وان واجبه هو، وواجب المجتمعين، تحديد تلم الشروط . كما تساءل عن المظالم التاريخية، التي نتحدث عنها كثيراً، ما هي ؟ وذكر انها تتمثل في رفض التعدد والتنوع، الذي يقوم عليه السودان . كما انها تنعكس في التغريب السياسي، لمجموعات بعينها من ضمنها النساء . وذكر ايضاً التخلف الاقتصادي الذي ضرب معظم اقاليم البلاد، وما يمثله من حرمان لقطاعات كبيرة من المواطنين في الشمال وفي الجنوب . كما جعل تركيز السلطة في المركز، سبباً رئيساً في كل هذه المشاكل. وبعد ان عدد المشاكل التي يعاني منها السودان، ذكر القائد سلفا ان الفشل في حل هذه المشاكل، عبر تاريخنا هو الذي ادى الى اشعال الحروب، وما حدث فيها من مآسي، خلفت مرارات في النفوس، تولد عنه عدم الثقة، والتوتر، والغضب .
وأكد القائد سلفا ان خط الحركة الشعبية لتحرير السودان، منذ نشأتها، كان البحث عن اجماع وطني، حول القضايا التي تعتبرها حلولاً لمشاكل الوطن . ولهذا لم تتردد الحركة في التفاوض مع من كانت تعتبرهم اعداء .. وفي هذا الصدد ذكر مفاوضات الحركة مع المرحوم نميري في عام 1984م ، رغم معرفتها بمسئوليته عن الغاء اتفاقية اديس ابابا. وتفاوضها مع بعثة المجلس العسكري الانتقالي، الذي كان يقوده سوار الدهب، رغم اعتباره امتداد لنظام نميري .. وحوار الحركة مع السياسيين والمهنيين في كوكدام ، ثم ما تم من لقاء مع السيد الصادق قبل ان يصبح رئيساً للوزراء . وبعد ذلك اللقاء مع الميرغني 1986م، ثم المفاوضات مع المؤتمر الوطني وما تم اثنائها من حوار مع د. الترابي .. ولقد خلص من ذلك، الى ان الحركة الشعبية، اثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، انها لم تدخل الحرب بغرض الحرب، لأنها كانت دائماً، تتحاور بحثاًُ عن فرص السلام .
ثم تحدث عن إن المفاوضات مع المؤتمر الوطني، وما تم عليه الاتفاق، في بروتوكول مشاكوس قد حوى استقلال جنوب السودان، على اعتبار وضع كونفدرالي، والحق في تقرير المصير، ومشاركة جنوب السودان في الحكومة الوطنية بحسب حجمه السكاني، والعلمانية في جنوب السودان، مصاحبة بضمان قاعدة واسعة من الحريات الدينية ، في جميع انحاء البلاد، والمشاركة في اتخاذ القرارات، على مستوى مؤسسة الرئاسة في المسائل الكبرى، المتعلقة بإتفاقية السلام، أو مؤثرة عليها. ولكن هذه المسائل جميعاً ، لم تكن كافية بالنسبة للحركة الشعبية ، لانها لا تسعى لتحقيق وضع مريح للجنوب، فحسب ، وانما همها هو السودان كله . ولو كان الامر بخلاف ذلك، لتوقفت المفاوضات عند بروتوكول مشاكوس . ولكن المفاوضات استمرت بدفع من الحركة الشعبية في جولة ثانية، ناضلت فيها لتضمن مسائل اخرى شملت لا مركزية الحكم في جميع السودان ، التوزيع العادل للثروة والموارد على جميع الولايات ، استيعاب وترسيخ وثيقة الحقوق في الدستور، وقيام اول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ السودان، أثناء الفترة الانتقالية، حتى يتمكن الشعب السوداني من اختيار قادته ، واخيراً الاتفاق عى المصالحة الوطنية، وتضميد الجراح.
بعد ذلك تحدث القائد سلفا عن غسل الارواح، واخلاء الصدور، مما علق بها ، ومن اجل ان يتم ذلك لا بد من الاعتراف بالخطأ ثم طلب المغفرة . وذكر في هذا الصدد ان الحركة الشعبية قد اخطأت، وقامت بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، اثناء الصراع . ولكنها مستعدة لحمل صليبها على ظهرها، من اجل الغفران .. وتقويم سجلها من اجل ابراء الجراحات النفسية والجسدية . وذكر ان الحركة الشعبية بدأت هذه العملية، حين انتهز القائد العظيم جون قرنق دمبيور ، فرصة مؤتمر الزعماء في نيوسايت، ليعتذر للزعماء والمواطنين، عن أي خطأ ارتكبه جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان، اثناء حرب التحرير ،وطلب منهم الغفران .
ثم ذكر انه استعاد هذا التاريخ ، ليؤكد ثلاثة مسائل، يعتبرها جوهرية هي :
1- اصرار الحركة الشعبية لتحرير السودان لجعل اتفاقية السلام الشامل، أداة لتحول كل السودان، سياسياً، ودستورياً، وثقافياً، واقتصادياً .
2-، تأكيد التزام الحركة الشعبية ببناء إجماع حول المسائل الوطنية . لانه لا الحركة الشعبية، ولا المؤتمر الوطني، يستطيع ان يقرر وحده، مستقبل السودان ، ولا ينبغي ان يترك له ذلك .
3- ترى الحركة الشعبية لتحرير السودان، ان اتفاقية السلام الشامل، هي الفرصة الوحيدة، التي يملكها السودان ليحقق السلام والاستقرار.
كما ذكر ان بعض المراقبين، حين رأوا عدم تنفيذ اتفاقية السلام، ظنوا ان الحركة الشعبية تخلت عن الاصرار على تطبيقها، واكتفت بما حققت، وانزوت في مخبأ مريح . وأكد خطأ هذا التصور، وكيف ان الحركة الشعبية، قاومت بكل ما تملك من آليات، متاحة لها وفق الاتفاقية نفسها، في مواجهة تلكؤ شريكها المؤتمر الوطني، الذي لم يكن راغباً في تنفيذ بنود الاتفاقية .. وكيف ان الحركة عبرت عن احتجاجها، بان انسحبت من حكومة الوحدة الوطنية في اكتوبر عام 2007م ، مع ان القضايا التي طالبت المؤتمر الوطني بتنفيذها، لم تكن في معظمها متعلقة بالجنوب ، وانما كانت ذات طابع وطني عام ، ذكر منها الغاء القوانين المتعارضة مع الدستور، والمصالحة الوطنية ، واستقلال القضاء ، والممارسات غير الدستورية للاجهزة المناط بها تنفيذ القانون .
بعد ذلك، تحدث عن الصراع الدائر في دارفور، وكيف انه تحدي لكل الأحزاب السودانية والمنظمات والاعلام المستقل ، والشريكين اللذين وقعا اتفاقية السلام الشامل . كما ذكر بالتفصيل مجهودات الحركة الشعبية لحل المشكلة، ومحاولتها لتوحيد المجموعات المسلحة، وتقريب وجهة النظر، واشراك المؤتمر الوطني، وحثه المستمر على حل القضية، باعتبار انها قضية سياسية في المكان الأول، ولا يمكن ان تحل الا حلاً سياسياً، لا يغفل مطالب أهل دارفور، والحركات المسلحة .
ثم ذكر القائد سلفا ان تنفيذ بعض بنود إتفاقية السلام الشامل، قد تم بالتفاوض مع المؤتمر الوطني، وبعضها لزم المؤتمر الوطني الصمت عنها ولم ينفذها، والاخرى رفض ان ينفذها بل قاومها مقاومة سافرة . وذكر ان هذه المقاومة، لو استمرت، لن تحرف اتفاقية السلام عن وعدها بالسلام والديمقراطية فحسب، بل ستهدد الانتخابات في عام 2010م والاستفتاء في عام 2011م . وذكر ان البديل عن تنفيذ الاتفاقية هو الحرب، وانه كشخص كان مسئولاً عن قيادة قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان، تحت إمرة القائد العظيم جون قرنقن يعلم اكثر من غيرهن ما تسببه الحرب من مآسين تجعله لا يتمناها للجنوبن ولا لأي اقليم من اقاليم السودان.
وتحدث القائد عن ما تم في الجنوب بعد الاتفاقية ، وذكر ان من ياخذ معلوماته من الصحف الصادرة في الخرطوم، يظن ان الجنوب عبارة عن حرب بين الدينكا والنوير، وعصابات نهب مسلح في جوبا، وموظفين ينهبون اموال الحكومة ! وذكر انه لا يريد ان يقلل من الصراعات القبلية، ولا من جرائم المدن، ولا من الفساد الذي يبدو هنا وهناك .. ولكنه مع ذلك، يريد ان يرفع تقريراً مختلفاً، يقوم على الحقائق، التي تحجب بقصد عن المواطنين في الخرطوم . فقد وضعت حكومة الجنوب قوانين، واجازت لوائح، وحاربت الفساد دون تردد .. وتم في فترة اربعة سنوات فصل وزيري مالية، بسبب تصرفات لا تناسب مناصبهما. ومع ذلك، لم تجد الصحف في هذا امراً مثيراً لتنشره ، مع انه لم يحدث في أي مكان آخر . كما ذكر ان الحركة الشعبية لم ترث بنية تحتية، أو هياكل قابلة للاصلاح، أو خدمات اجتماعية يمكن الاعتماد عليها . وضرب مثلاً بان الجنوب، الذي يساوي في مساحته كينيا ويوغندا ورواندا، لم يكن به كيلومتر واحد من الطرق معبد . كما ذكر المعدلات الضئيلة في مجال الصحة والتعليم، كمؤشرات حقيقية على التأخر .
ثم تحدث عن ما قامت به الحركة الشعبية لتحرير السودان ، من اصلاحات في مجال الأمن وبرنامج نزع سلاح المليشيات بالتعاون مع الأمم المتحدة ، وما قابلت الحركة من عراقيل من فئات خارجية وداخلية، اشار فيها الى المنشقين من الحركة، وتجار الحروب، كما اشار الى جيش الرب .. ثم تحدث عن ايمان الحركة الشعبية بحقوق المرأة، وكيف خصصت لها في الدستور الانتقالي لجنوب السودان 25% من المقاعد كإجراء تفضيلي.
ثم ذكر ان الحركة الشعبية لتحرير السودان، راغبة في الانتخابات، ومستعدة لها .. وناشد المؤتمر الوطني كشريك في الحكومة، ان يساعد بالغاء القوانين التي تعارض الاتفاقية والدستور، حتى يتم التحول الديمقراطي بصورة سهلة . كما انه ذكر الاحصاء السكاني، واعتبره شوكة في خاصرة الانتخابات . وذكر ان الحركة الشعبية لاحظت مفارقات كبيرة في عملية الاحصاء، وتقليل الرقام وتضخيمها من مكان الى آخر، كما انها ترى ان هنالك سوء نيّة في ابعاد السؤال عن الدين والعرق ، وكنتيجة لكل ذلك ، توصلت الى رفض نتيجة الاحصاء، وطالبت باعتبار ما نصت عليه الاتفاقية أو أي معايير اخرى اساساً لتقسيم الدوائر الانتخابية . وذكر انه بدون تعديل الاحصاء والغاء القوانين المقيدة للحريات، فان العملية الانتخابية تصبح في خطر .
ثم ذكر ان الاستفتاء سيحدد اما الوحدة او الانفصال، وان أي من الخيارين يجب الا يدهش احد، وان يحترم بواسطة الجميع . ولكن طرفي الاتفاقية، كما ذكر، تعهدا بان يعملا على ان تكون الوحدة جاذبة . وذكر انهم في الحركة الشعبية لا يزالون عند ذلك العهد ، وانهم قاتلوا وقتلوا من اجل الدفاع عن الوحدة ، ومع ذلك، فان القرار ليس في يد الحركة، ولا في يد المؤتمر الوطني، انه خيار شعب الجنوب . ولقد أكد القائد انهم في الحركة الشعبية، يعتقدون ان الوحدة هدف نبيل ولكنهم قد طرحوا السؤال: أي وحدة ؟ وذكر ان كثير من المغنون للوحدة، لا يعرفون متطلباتها التي حددتها الاتفاقية والدستور ..وان المؤتمر الوطني، يستطيع ان يجعل الوحدة جاذبة، لو اراد ذلك بأن ينفذ التحول الديمقراطي الكامل ، والوفاء بتوقعات الشعب من السلام، في بناء بنية تحتية مادية واجتماعية، وضمان ان السودان قد تحول من نظام الحزب الواحد، الى ديمقراطية تعددية كما توفرت عليها اتفاقية السلام الشامل . كما ان الوسيلة الوحيدة للعنف الرسمي : القوات المسلحة، تعاد هيكلتها حسب نص المادة 145 من الدستور الانتقالي . لقد أكد القائد سلفا ان تنفيذ اتفاقية السلام هو الذي يجعل الوحدة جاذبة، واثار عدة تساؤلات لتوكيد ذلك منها : (ما هي القيمة المضافة، في وحدة في داخل نظام، يعمل بعيداً عن مبادئ حقوق الانسان، والحكم الصالح ، المعتبرة دولياً ؟ نظام يقبل أي سبب، يخلق بواسطة الكراهية الدينية ، نظام يفرح من الحكم الاقصائي ، نظام يسعى لأن يؤثر على احصاء الجنوبيين، في الجنوب والشمال ، فقط ليقلل من اعدادهم ؟ ).
ثم ذكر انه حتى لو تم الانفصال، فإن السودانين يجب ان يعيشا في حسن جوار ، وذلك لان الأواصر التاريخية بينهما، لا يمكن محوها بقرار سياسي .. ولهذا فانه يقترح للقطرين ان ان يتفقا على ترتيبات غير عدائية، لإزالة الخوف المتبادل . كما يجب ان يخلقا آليات، لضمان حقوق التوظيف، والتجارة والعمل، وحرية حركة البضائع، والخدمات، لمواطني الدولتين . وأن تتم رعاية الحقوق الدينية والثقافية للسودانيين غير المسلمين، في القطر الشمالي، والسودانيين المسلمين في القطر الجنوبي . وفوق كل ذلك، فإنه يرى ، أن سودان مستقر، أو سودانيين، مستقرين، لابد أن ينشأ كل منهما بحزم على الديمقراطية، وسيادة حكم القانون، ومبدأ ان تعيش وتترك الآخرين يعيشون .
ولقد قوبل خطاب القائد سلفا كير بالتصفيق والاستحسان، وتجاوب الحاضرون مع ما اثاره من قضايا، كانت مثار جدل داخل اللجان، التي بدأت عملها في اليوم الثالث للمؤتمر . بعد ذلك استمعنا الى خطابات طويلة من رؤساء الاحزاب الكبيرة، وخطابات قصيرة، من رؤساء الاحزاب الصغيرة ، نسلط الضوء على بعضها لاحقاً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.