أبولولو.. أعوذ بالله    حي العرب ربك يغادر الى الدويم    روح معنوية عالية في المران الختامي للفريق قبل مواجهة الأهلي ود الحداد في الدوري التأهيلي    الرميلة تتعادل امام الشعبية وتنازل المنتخب الرديف    منى أبو زيد تكتب: قراءة في مواقف وفرص المفاوضات في السودان    الصليب الأحمر بعد حادثة السودان:"نشعر بالذعر"    الإمارات دولة محتضنة وراعية وداعمة للإرهاب...الفاشر لن تكون المحطة الأخيرة من الإنتهاكات    جثث النساء تناثرت في الطرقات...أكثر من مليون نازح (ناجي) من الفاشر نحو المجهول    لدينا بدائل نتمنى ألا نضطر لاستخدامها في السودان..رسائل تحذيرية لمستشار ترامب    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. من داخل الطائرة.. "بقال" يغادر تشاد في طريقه إلى تركيا ويؤكد اقتراب عودته للخرطوم وبورتسودان    "جاء الوقت الذي أضع فيه عائلتي في المقام الأول".. فنانة سودانية معروفة تفاجئ جمهورها وتعلن إعتزالها الفن وتقرر الهجرة لفرنسا بصورة نهائية    الخارجية تبلغ مدير مكتب برنامج الغذاء العالمي ومديرة قسم العمليات بالسودان بانهما غير مرغوب فيهما    محمود الخطيب يكشف أسباب أداء الأهلي في كأس العالم للأندية ويؤكد: "ريبيرو مرحلة وانتهت"    إليسا تحتفل بعيد ميلادها في لبنان بحضور نجوم الفن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    4.5 مليون فرنك مكافأة لكل نادٍ رواندي بسبب مشاركة الأندية السودانية في الدوري    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    القوات المسلحة تحث المجتمع الدولي ووسائل الإعلام على توثيق جرائم مليشيا آل دقلو في الفاشر    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    انقلب السحر على الساحر.. لامين جمال يعيش كابوسا في البرنابيو    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    سيطرة عربية.. الفرق المتأهلة إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة الجمعة التي ألقاها الإمام الصادق المهدي
نشر في سودانيل يوم 20 - 06 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
رئيس حزب الأمة القومي بمسجد الهجرة بودنوباوي
20 يونيو 2014م الموافق 22 شعبان 1435ه
الخطبة الأولى
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على الحبيب المصطفى وآله وصحبه مع التسليم، أما بعد.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن
قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)[1]. وسئل نبي الرحمة: (أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ)[2].
وقال الحكيم:
على قدر فعل المرء تأتي خطوبه ويحمد فيه الصبر فيما يصيبه
فمن قل فيما يلتقيه اصطباره فقد قل فيما يرتجيه نصيبه
وقال الإمام المهدي عليه السلام: (المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن).
في التجربة التي فرضها علينا الحكم الظالم سبع مزايا.
أولها: خلوة مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي تبحرت في سيرته منذ حين من الدهر لأنني رأيت أن كثيراً من كتب السيرة قد ظلمته بإفراط حتى نسبت إليه مفردات التأليه، وأخرى ظلمته بتفريط حتى نسبت إليه العدوانية والدموية والشهوانية؛ بينما الحقيقة أنه إنسان كامل الإنسانية يجسد مكارم الأخلاق، وتؤهله سيرته بما فيها من رحمة إنسانية، ومعقولية، وشفافية روحية، أن يكون الأول بين بني آدم، وأن يكون نبي الإنسانية كلها مستحقاً لوصف مولاه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)[3]. النعمة الأولى هي الخلوة مع صاحب هذه السيرة العطرة:
ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا سر أرق من النسيم إذا سرى
النعمة الثانية: هي نجاح كياننا بشقيه الأنصاري والسياسي في الامتحان، كيان مجبول على الصبر على الشدائد والمشاق، تزيده الابتلاءات قوة، بولاد حديد بحرارته يتمدد، كيان شمر عن سواعده واستعد لحراسة مشارع الحق إذا دعا داعي الدين والوطن.
الحمد لله أنه رغم كل المعوقات صارت هيئة شئون الأنصار كيان يقوم على المؤسسية والمشاركة، وذو تشبيك عام داخل السودان وخارجه، وذو نشاط دعوي واجتماعي واسع، ومشاركة في المنابر الإسلامية على نطاق العالم.
كذلك ورغم كل العوائق فإن حزبنا صار عملاقاً سياسياً تحكمه المؤسسية والديمقراطية، متمدداً داخل السودان وخارجه، وحاضراً في الأنشطة الدولية.
نعم بعض من كانوا ينتمون تاريخياً لهاتين المؤسستين لأسباب رأوها يقفون بعيداً، وهنا أقول لمن أدرك جدوى العمل الجماعي ويحترم عمل الجماعة المؤسسي ويريد اللحاق بالرجب فإن البيت الكبيبر المفتوح لكافة أهل السودان بصفة عامة مفتوح لهم بصفة خاصة. وفي هذا الصدد أعطي الضوء الأخضر لأخي وعمي السيد أحمد إن شاء أن يقوم بالدور المطلوب.
النعمة الثالثة: هي أن هذا الشعب السوداني الوفي بكل تياراته السياسية والفكرية والمدنية والمسلحة، بل حتى داخل حزب النظام وحلفائه عبروا عن تأييد إجماعي لموقفنا كأنما صوتوا في استفتاء بلا صناديق اقتراع.
والنعمة الرابعة: هي هذا التأييد الواسع من علماء، ومفكرين، وساسة، ومنظمات مجتمع مدني على الصعيد الإسلامي والعربي.
والنعمة الخامسة: موقف المنظمات الدولية، والدول الصديقة الذي استنكر العدوان علينا وطالب برفع الظلم.
والنعمة السادسة: أننا وقد حرصنا على الحوار أبدينا درجة عالية من التسامح، حتى ظن بعض الناس أننا بعنا القضية لمصالح ذاتية، فصار الإجراء ضدنا دليل براءة لنا من تلك الاتهامات. بعض الناس صوروا بيان الأستاذ علي قيلوب على غير حقيقته، إنه ليس اعتذاراً وليس التماساً بل إجراء توضيحي، فالأستاذ علي قيلوب اهتم بالجانب القانوني، وكان هو وزملاؤه الكرام من المحامين مستعدين للدفاع في المحاكمة المتوقعة. إن التجاوزات في ظروف القتال متوقعة، ولكن المحاربين ينبغي أن يلتزموا بقانون الحرب الإنساني وهو متسق سواء في الإسلام أو في القانون الإنساني الدولي بحيث لا يُستهدف المدنيون. والأحداث الآن أثبتت حقيقتها، أي التجاوزات، بتقديم عدد كبير للمحاكمة، وكنا ولا زلنا نرى التحقيق هو الوسيلة الأفضل لتبرئة الأبرياء ومساءلة الجناة، حتى لا يفتح باب التدويل، ويُنصف المظلومون.
النعمة السابعة: هي أن العدوان علينا، مع كل ما قدمنا من مبادرات أقنعت كثيرين بجدوى الحوار وما قدمنا من اقتراحات وجدت قبولا لدى أوساط دولية لإيجاد معادلة مجلس الأمن حول إجراءات المحكمة الجنائية الدولية، ومعادلة المحكمة الهجين التي اقترحناها، أو آلية العدالة الانتقالية التي تقوم على الحقيقة والإنصاف أسوة بتجربة جنوب أفريقيا، وما قمنا به من إقناع كثيرين في الأسرة الدولية لتأييد الحلول السياسية وعدم دعم أية حركات عنف في البلاد. مع كل هذه الإنجازات ضاق النظام ذرعاً بحرية الرأي والنصيحة الصادقة ما كشف عن هشاشة عملية الحوار الموؤدة. النعمة السابعة هي الفرصة المتاحة لمراجعة مشروع الحل السياسي للتخلص من العيوب التي أثرت سلباً على جدواه.
كان الشاعر المرحوم صالح عبد القادر حينما أقيل الرئيس المصري محمد نجيب بدون وجه حق، قال:
إذا هان مثلك يا نجيب فما هو الضمان بأنا لا نهون ونهضم
والآن كثيرون يقولون إذا كنتم تقبضون على قبطان السفينة لقول رأيه، فما الذي سوف يلحق بنا؟
هذه النعم السبعة مدتنا برأس مال سياسي كبير لن ننفقه في المفاخرة والمباهاة، ولا في اختيار بدائل العنف، بل في هيكلة جديدة مجدية للمشروع السياسي الهادف لنظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، خطة سوف أتناولها في الخطبة الثانية.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن
تلقيت دعوة من فضائية الجزيرة لتسجيل شهادتي على العصر في الدوحة، وسوف أسافر يوم الثلاثاء القادم إن شاء الله. كذلك هنالك لقاء مع مسئولين في نادي مدريد لنبحث ما يمكن أن نفعله للقيام بمبادرة دولية غير حكومية لإطفاء الحرائق المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط. كما سوف نلتقي في إطار منتدى الوسطية العالمي لإحياء مشروع الحكماء المقترح للتصدي للاستقطابات الحادة في كثير من البلدان العربية على نحو ما اقترحنا في خطابنا لمؤتمر القمة العربي الأخير في الكويت.
إن ما يحدث في سوريا، والآن في العراق، بل في كثير من البلدان، يشير إلى وجود التقاطعات السبعة: الإسلامية العلمانية، السنية الشيعية، القومية، الاجتماعية، الإخوانية السلفية، الإسلامية المسيحية، والعلاقة بالآخر الدولي.. وهي تقاطعات إذا لم تعالج بالتراضي والحكمة سوف تمزق أوطاننا.
وربما زرت القاهرة لتهنئة أهلنا في مصر على إنجازات استحقاقات الدستور، وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومقابلة ممثلي القوى السياسية لبحث تطوير العلاقات التكاملية بين الشعبيين الشقيقين، كما قدرت تهنئة الرئيس سلفا كير لي، واقترحت زيارتنا لجوبا لمباركة اتفاقية السلام المبرمة هناك، وبحث دور القوى السياسية الشعبية في بناء التوأمة بين شعبينا.
هذا البرنامج سوف ينفذ إن شاء الله دون أن يخدش في أولوية العمل من أجل مشروع الحل السياسي في السودان الذي سأتابعه باستمرار، وفي غيبتي تتولاه مؤسسات حزبنا.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
هذه الأزمات حقيقية، ولكن التصرف الحكيم يجعل من كل أزمة فرصة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنَّ لِربِّكم عزَّ وجلَّ في أيَّامِ دهرِكم نَفَحاتٍ فتعرَّضوا لها لعَلَّ أحَدَكم أنْ تُصيبَه منها نَفحةٌ لا يشقى بعدَها أبدًا)[4]. إن العثرات سوف تزيدنا قوة في العمل من أجل الإستراتيجية الكبرى، وكل من سار على الدرب وصل، ومثلنا السوداني يقول: المطرودة ملحوقة، وقديما قال شاعرنا:
إذا التف حول الحق قوم فإنه يصرم أحداث الزمان ويبرم
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [5].
استغفروا الله فإنه سيد الدعاء، والدعاء مخ العبادة.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
قال تعالى: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ * وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)[6].
أحبابي في الله وأخواني في الوطن
لا يرجى أن يتحقق استقرار في بلادنا، ولا علاقات إيجابية مع الأسرة الدولية، ما لم تنعم البلاد بسلام عادل وشامل، ونظام حكم ديمقراطي تعتمد شرعيته على قبول الشعب السوداني له. هذه الأسس لا تتحقق إلا في نظام جديد يحرر مؤسسات الدولة من القبضة الحزبية، ويوفر الحريات العامة، يجسده دستور ثابت يتراضى عليه أهل السودان عن طريق آلية ديمقراطية.
عندما اقترحنا الاقتداء بتجربة جنوب أفريقيا، وشرعنا في الدعوة لذلك الخيار، وعندما دعا رئيس الجمهورية لحوار بلا سقوف لا يستثني أحداً ولا يسيطر عليه أحدٌ عمت البلاد موجة من التفاؤل بفجر جديد في الوطن. ولكن كان الفجر كاذباً، فالعملية انهارت أمام أول اختبار لحرية الرأي، ولا يسعنا نحن أصحاب فكرة الحل السياسي إلا أن نتجاوز مرارة الظلم، ونركز على عيوب التجربة الموضوعية.
إذا ما الجرح رم على فساد تبين فيه تقصير الطبيب
وقديما قيل: العترة بتسمح المشي.
ما هي العثرات أو العيوب الموضوعية في التجربة العاثرة؟
هنالك ثلاثة عيوب ينبغي الاعتراف بها والعمل على تصويبها، هي:
أولاً: الطابع الانتقائي الذي صحب التجربة.
ثانياً: عدم ربط الحل السياسي بعملية السلام.
ثالثاً: عدم توافر الحريات العامة كأهم استحقاقات الحوار. وعلى رأس هذه الاستحقاقات إطلاق سراح كافة المحبوسين لمساءلات سياسية وكفالة الحريات العامة. واخص بالذكر السيد إبراهيم الشيخ، وطلاب جامعة الخرطوم الثلاثة: محمد صلاح الدين وتاج السر جعفر ومعمر موسى الذين نشرت أسرهم تفاصيل التنكيل الذي يتعرضون له.
لا يمكن الاستمرار في التجربة الموؤودة بلا مراجعات أساسية تحقق مشروع حل سياسي أكثر جدوى. لذلك سوف نقوم باتصالات واسعة مع كافة الأطراف السياسية للاتفاق على رؤية موحدة حول الآلية الجامعة المنشودة.
نحن نقترح وسيلة قومية لعملية السلام العادل الشامل، وللربط بين عملية السلام والوفاق الوطني الجامع. ولا يمكن الدخول في أي حوار جاد ما لم تتوافر الحريات العامة. هذه المراجعات الأساسية ضرورية لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.
على ضوء النقد الموضوعي للتجربة الموؤودة، وعلى ضوء مقترحاتنا للمراجعات المنشودة، وعلى ضوء نتيجة اتصالاتنا بكافة القوى السياسية داخل السودان وخارجه؛ نرجو أن يتفق على السلام العادل الشامل والنظام الجديد المنشود والترتيبات المرحلية إلى أن يقوم النظام الجديد.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
إن أزمات البلاد الحالية سوف تقذف بها إلى الهاوية، ولا يحول دون ذلك إلا نظام جديد عريض الشرعية في ظل سلام عادل شامل، يؤهلنا في السودان لتحقيق ذلك تجارب الانتفاضة الناجحة مرتين منذ الاستقلال، وتجربة الوفاق الوطني الذي حققنا به الاستقلال بالوفاق لا بالمواجهة. فإذا استطعنا تحقيق هذا التحول فإننا نستطيع أن نساهم بصورة أكثر فاعلية في مساعدة جيراننا في دولة الجنوب التي تربطنا بها حتماً مصالح حيوية، كما نستطيع أن ننقل خبرتنا إلى كثير من البلدان التي يمزقها الاستقطاب. ومن سن سنة حسنة كما في الحديث فله أجرها وأجر من عمل بها.
ولا يفوتني أن أكرر شكري للوفود من كياننا الأنصاري والسياسي، والوفود الوطنية والأجنبية التي رحبت بي، فللجميع أطيب تمنياتي. وأترحم على الموتى الذين انتقلوا لدار البقاء، رحمهم الله.
قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[7]. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين. اللهم ارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا، واهدنا واهد أبناءنا وبناتنا واحفظ سوداننا أرض جدودنا ومنبت رزقنا (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[8]، حي على الصلاة.
________________________________
[1] سورة البقرة الآية 216
[2] رواه أحمد والترمذي
[3] سورة الأحزاب الآية الآيات من 33- 34.
[4] رواه الطبراني
[5] سورة يوسف الآية 110
[6] سورة هود الآيات 91-97
[7] سورة هود الآية 118.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.