في كل صباح أكسب ملايين الدولارات، أو الجنيهات الإسترلينية، أو الينات اليابانية، أو اليوروات، وربما البيسوات الفلبينية، كيف ذلك؟ درجت بعض الجهات أن تخاطبك بأنك الفائز بالملايين، فهنالك رسالة فحواها أن عنواني البريدي قد اختير ليكون فائزاً بجائزة تبلغ قيمتها (750.934) جنيه إسترليني من شركة هيونداي (وهذا إمعاناً في الأمانة والدقة)، ورسالة أخرى فحواها أنه تم اختياري من ضمن عدد كبير من الفائزين من برنامج أمريكي عالمي وقيمة الجائزة ثلاثة ملايين دولار أمريكي بالتمام والكمال (3.000.000.00) (دولار يعانق دولار ولا ينطحه، وكما تلاحظون عدد الأصفار ثمانية أصفار على اليمين وبالطبع نجد أن الصفرين الأخيرين يماثلان أي صفر يوضع على اليسار). ورسالة ثالثة تبدأ بالتهنئة بالفوز ب (850.000) فرنك. ورسالة رابعة وجائزتها (1.200.000.00) جنيه استرليني، وخامسة غريبة نوعاً ما فهي من سيدة ورثت من زوجها الملايين ولكنها الآن في إحدى مستشفيات لندن وهي على فراش الموت وتتمنى أن تحول كل ثروتها إلى شخص يأنس في نفسه الكفاءة والرحمة والشفقة ليبذلها لليتامى والأرامل والفقراء في العالم (نفس المشروع الذي أنوي تنفيذه في حالة استلامي لكل هذه الأموال، لأنها بصراحة كثيرة علي وسوف أحتار كيف أنفقها أو كيف أتصرف فيها). وهنالك رسالة سادسة من موظف سابق في بنوك بوركينا فاسو وهو أصبح وريثا لشخص ما يدعى الدكتور جورج بروملي قام هو بمساعدته في فتح حساب وإيداع كل ثروته لدى ذلك البنك وللأسف فقد قضى صاحب المال وكل أسرته في حادث طائرة (لم أسمع بخبر وفاة الدكتور جورج بروملي للقيام بواجب العزاء، وهذه فرصة لأزور بوركينا فاسو)، والمطلوب أن يتم تحويل هذا المبلغ إلى حسابي الفارغ الوفاض والذي ما أن يدخله أي نوع من الأموال تتلاشى أو أنها تتبخر بصورة محيرة، المهم سأتقاضى نظير ذلك 30% من هذا المبلغ والذي يبلغ (18.500.000.00) دولار أمريكي، وبعملية حسابية بسيطة فإن نصيبي من هذه الصفقة سيكون (5.550.000) دولار أمريكي (مش بطالة)، والمطلوب فقط الاسم بالكامل والجنسية والوظيفة ومكان العمل ورقم الحساب الذي سيتم تحويل كل هذه المبالغ إليه. بالطبع ترددت كثيراً وعقدت اجتماعاً مع كبار المستشارين، المستشار المالي، والمستشار القانوني، ومستشار الاستثمار حتى لا تضيع هذه الأموال هباءً منثوراً، عموماً تتأرجح أفكار الاستثمار بين عدة مشروعات، أولاً إقامة مستشفى تشمل كل التخصصات النادرة وغير النادرة، وجامعة فيها كل الكليات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وسوف أهتم بإقامة شبكة للصرف الصحي حتى لا يموت شعبنا وتبلعهم السايفونات، وآبار الصرف الصحي البدائي، وسأقوم بتشييد كباري طائرة لأحل مشكلة أزمة المرور، وسوف أتبنى شعار .. لكل مواطن ركشة .. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى سأهتم بالكرة في السودان، فحالنا لا يسر في ذلك الأمر وسأجلب كل فرق البرازيل والأرجنتين رافعاً في ذلك عدد المحترفين، فلا داعي لأن نتعب أولادنا فيكفيهم اللعب في الشوارع، وسأهتم أيضاً بوضع كلمات وألحان لكل الفنانين ضارباً في ذلك كل ديناصورات الفن السوداني، وعلى حسب علمي فإنه يجوز الجمع بين الكَفَر (الكورة يعني) والوتر. أما من الناحية السياسية فسأكوِّن حزباً قوياً ولن أرضخ لمحاولات ضمي للمؤتمر الوطني وحزب الأمة بفروعه المتعددة، والاتحادي بأشكاله المتنوعة، والشعبي وغيرهم من الأحزاب المتجزرة والنابتة والمستنبتة والمستدامة والمستهانة، وسأدعم الصحافة بصحف في كل المجالات السياسية والرياضية والفنية، وسأستقطب كل كتاب الأعمدة الممتازين أمثال الدكتور البوني، ومصطفى البطل، وعثمان ميرغني وحسين خوجلي وسارة عيسى كمان.. فلا داعي أن ينفرد كل واحد بصحيفة لوحده، وسيكون هنالك مكتب يعمل على مدار الساعة لتلقي الاقتراحات والشكاوي، والمكتب على استعداد تام لدعم جميع المشروعات المنطقية والتي تصب في تطوير الوطن ومصلحته.