جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    برقو الرجل الصالح    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد عمليات تأهيل مطار عطبرة ويوجه بافتتاحه خلال العام    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    هيومن رايتس ووتش: الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً ضد المساليت.. وتحمل حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وجمعة المسؤولية    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    تكريم مدير الجمارك السابق بالقضارف – صورة    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    بأشد عبارات الإدانة !    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    ضياء الدين بلال يكتب: نصيحة.. لحميدتي (التاجر)00!    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرسان الابتزاز وصحافة البلطجة .. بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل
نشر في سودانيل يوم 23 - 10 - 2014


[email protected]
(1)
قرأت مسلسل المقالات التي كتبها الصحافي الخزعبلي هيثم كابو رداً على ما أوردناه في حديث (الخزعبلات) من رصد لشغبه الأثيم وتوثيق لتورطه الفاضح في ابتدار وتعميم (ذائعة راغب علامة) في العام 2004. وهي ذائعة تبين للناس بطلانها وعريها من لباس الحق. ثم هززت رأسي – بعد اكمال القراءة –وقد أدهشتني جرأة الرجل، ويالها من جرأة، فقلت في عقل بالي: "حقاً، إن للباطل صولة"!
لم أسمع باسم هيثم كابو إلا مرتين. المرة الاولى عام 2004، عندما اطلق على نفسه، وهو يروم الشهرة وذيوع الصيت، لقب (الصحفي الخفي صاحب الخبر الضجة)، وافتعل معركة في غير معترك مع المطرب اللبناني. وجرّ من ورائه حشداً من السوادنة، اصحاب هورمونات الوطنية الزائدة، الذين اعتادوا الانجرار وراء كل ناعق ينعق باسم شرف السودان وكرامته وعزته، فانتهوا بأن جعلوا السودان بين الشعوب هزوءاً، وأحالوا شرفه الى (ملطشة)!
أما المرة الثانية فكانت عندما نشر هذا الصحافي الخزعبلي في صحيفته صورة كبيرة للمغفور له الفنان محمود عبدالعزيز، وهو يقف موقفاً غير كريم، او هكذا ارادت جهة ظلامية موتورة ان تظهره. واقفاً في استسلام ويقين ويداه أمامه مسندتان الى لوحة خشبية، يتلقى على ظهره سياط الجلاد،في ساحة احدى المحاكم. بعد ان اقتادته الى هناك شرطة النظام العام بتهمة من التهم التي طالما اثارت كثيرا من الجدل بين الحقوقيين وقادة الفكر القانوني، الذين دعوا الى مراجعتها، وضبط ممارسات شرطة النظام العام، بل وإلغائها قولاً واحداً.
وكانت هذه الصورة الفوتوغرافية، في واقع الامر، متوافرة لدى جميع الصحف، فمزقها الصحافيون الأحرار تمزيقاً، وامتنعوا جميعاً عن نشرها. ولم يبرزها في صدر صحيفته، ويتباهى بنشرها، الا من كان هذا الصنف من الاعلام الردئ، الذي يتوسل الى جمهور المتسفلين في قاع المدينة، مبلغ علمه وأكبر همه.
(2)
يا سبحان الله! لبعض المخلوقات مواهب نادرة مجيدة، وقدرات باهرة فريدة، عزّ أن يكون لها نظير، في تغبية الناس وتعميتهم، وفي إهدار اصول الأنباء، وطمس معالم الأشياء،فلا يعرف المرء، بين ايديهم،هل عضّ الكلب الولد ام عض الولد الكلب!
ابتدر الصحافي الخزعبلي مهرجان التفحيط والألعاب النارية في صحيفة (اليوم التالي)، التي خفت موازينها عندي، وقلّ مقدارها واسترخص، بعد إذ علمت أنها جعلته في طليعة كتابها الراتبين، ابتدرها بمقدمة تحذيرية وجه فيها إنذاراً لشخصى بأن رده سيكون في يوم معلوم، وهددني بأنني عندها سأعض (بنان الندم)!
وقد سألت بعض الأفاضل من حولي عن بنان الندم هذا، أى واحد هو؟ فأنا أعرف الخنصر والبنصر، والوسطى، والسبابة، والابهام. غير انني ما عرفت قط، طيلة حياتي، أي واحد من هؤلاء المشتمل على بنان الندم، ولماذا صار الى ما صار اليه؟ أما السؤال فلأنني أردت ان اعرفه، فأعضه مقدماً وأرتاح!
وأنا قمينٌ حقاً بأن أعض بنان الندم. كيف لا، وقد انطبق عليّ القول:" كل عام ترذلون". فبعد أن وصفني الحبيب الأكبر الدكتور منصور خالد في كتابه (تكاثر الزعازع وتناقص الأوتاد) بالفارس الذي يمسك الوعل من قرنيه. وبعد تاريخ حافلٍ وضئ من الحوارات والكوارات والمباريات، والمعارك والشغب، مع القامات السوامق من المفكرين والأفذاذ من سنخ حيدر ابراهيم على، وعبد الله على ابراهيم، وعبد الله حمدنا الله، وقوميسار المراكسة حسن موسى، جار علىّ الزمان، والزمانُ يجور، فانتهت بي تصاريف الأقدار الى (دافوري) هيثم كابو وأمثاله من الطفابيع والضفادع. فلا حول ولا قوة الا بالله، والحمد لله الذي لا يُحمد على استرذال واستبذال سواه. وكما لا شماتة في الموت، فلا شماتة في التقهقر والتدهور. اللهم لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه!
فلندع – أعزك الله – هذا الكابو جانباً ريثما نحث خطانا فنمشي اليه مرغمين، ومن كتبت عليه خطىً مشاها.
(3)
قبل سنوات شاعت في حضر الأسافير ومدرها رواية، أذاعها وروّج لها في المبتدأ منبر (الراكوبة) الالكتروني الواسع الانتشار. وهو المنبر الذي أنشأته وتموله الحركة الشعبية لتحرير السودان، وفق تصريح لحبيبنا الاستاذ ياسر عرمان، في لقاء له مع مجموعة من السودانة بإحدى مدن المهجر الاسكندينافي، لعلها اوسلو. لبّ الرواية هي ان الصحافي والناشط المعارض الاستاذ فتحي الضو صرح لإحدى الصحف بأن الفقير لمولاه، مصطفى عبد العزيز البطل، كان قد سافر الى الكويت في ثمانينات القرن الماضي، عضوا في وفد بعث به الرئيس نميري، من بين مهامه الطلب من السلطات الكويتية تسليم عدد من الصحافيين المعارضين المطلوبين لجهاز الأمن السوداني. وان فتحي الضو كان على رأس المطلوبين، ولكن السلطات الكويتية، فيما يبدو من الرواية، رفضت تسليمنا رأس هذا الحبيب. وفي متن ومجرى التفصيلات ما يفيد بأنني شخصياً كنت والغاً حتى أذني في تلك المهمة الأستخبارية الأمنية.
جميع السوادنة ممن يغشون صوالين ومساطب الشبكة الدولية يعرفون تلك الاقصوصة،فقد ذاعت حتى بلغ خبرها أطراف عكا. وظل كارهو أحشائي من مناضلي الكيبورد يرددونها في عزم وهمة لأكثر من عامين، مصحوبة بالحصص الراتبة المعلومة من الشتائم النضالية الثورية، التي تطال عادةً الخونة وبيادق الشموليات من امثالي.
لم أتعب أنا ولم أمل، وبطبيعة الحال لم أنزعج، بل وعلى العكس وجدت في تلك الرواية ما أمتعني واسكرني. إذ كنت كلما سمعت او قرأت من رددها تخيلت نفسي وأنا أمسك بزمّارة رقبة فتحي الضو، وأجره جراً بحبل من مسد، عبر مدرج مطار الكويت. ثم أربطه الى مسند يد المقعد داخل الطائرة، واعود به الى الخرطوم، حيث أسلمه الى الجلاوزة، فيكيدون له كيداً، وينتفون شنبه، ويحلقون شعر رأسه، ويرونه من العذاب ألوانا!
ولكن حبيبنا فتحى تعب وملّ من التواتر والتكرار في نسبة هذه (الخزعبلة) اليه، فحرك ساكنه، وحمل معوله وذهب الى المقابر ليدفنها. وسأحكي، فتابعني أعزك الله.
(4)
بعد لجوء المناضل الكبير على عجب المحامي الى بريطانيا، قرر ان يواصل مسيرته النضالية من هناك، فوضع على صدره شارة الصفة المعتادة (ناشط حقوقي). وما ان تسلم كوبونات الطعام ودراهم الاعاشة والاعانات الاجتماعية حتى اشترى لنفسه حاسوباً. ثم بسمل وحمد الله، وشرع من فوره في النضال. وشرفني بأن جعلني على رأس اجندته، فدخل الى مهرجان تلك الرواية ليعيدها، ويزيدها ألقاً على ألق.وفتح ملفاً في منبر اسفيري شهير تحت عنوان: (لماذا لم يُنكر مصطفى البطل رواية فتحي الضو)؟! ثم استغرق في النضال لا يلوي على شئ!
ضحكت عندما قرأت عنوان الملف، كونه يصدر عن رجل يفترض انه (محامي)، وأنه يعرف اساسيات القانون والحقوق (عمل المذكور بالمحاماة ففشل فشلاً لا يدعو للاستغراب والحال كما رأينا. ثم التحق ب'مولد' حقوق الانسان داخل السودان، وارتبط اسمه بكارثة مركز الخرطوم لحقوق الانسان الشهير، وقضية اختفاء مليون دولار أمريكي تسلمها المركز من احدى المنظمات الاجنبية لدعم ضحايا دارفور، ثم ساح المبلغ بين الأيدي. وملفات القضية مبذولة على قارعة الأسافير، بعد ان اختلف المتورطون داخل السودان وخارجه، فحملوا السيوف وضربوا رقاب بعضهم البعض).
وقد قرأت في ذلك الملف مداخلة لمشارك كريم يكتب بإسم (العوض)، جاء فيها وهو يخاطب المناضل على عجب: (يا أخى انت رجل قانون. ومنطق القانون يقتضى ان توجه سؤالك لفتحي الضو، لا للبطل. هل اصبح المطلوب ان ينكر الاستاذ البطل ما قيل عنه، بدلاً من ان يكون المطلوب من الاستاذ فتحي اثبات ما قاله؟) وتلك من المرات النادرة التي رأيت فيها أهل النهى يتصدون بمثل هذه المداخلات الذكية، التي تضع موضع السؤال كثيراً من هرج الأباطيل ومرج الغثاءات الاسفيرية.
استغل الاستاذ فتحي هذه السانحة – بعد صبر حولين كاملين - فكتب بيانا من أربعمائة كلمة بعث به لمديري المواقع الالكترونية السودانية، نفى فيه نفياً قاطعاً أن يكون قد ادلى بمثل تلك الخزعبلات التي ينسبها اليه مناضلو الكيبورد. ونشر البيان موقع سودانيزاونلاين الاكثر ذيوعاً في الثلاثين من اكتوبر 2012.
هل تصدق – أعزك الله – أنه بعد حولين آخرين من نشر حبيبنا فتحي ذلك النفي ما زالت الرواية تجري في انهار الأسافير بذات الهمة والقوة والاندفاع. تبذلها لوحات المفاتيح في كرم واريحية. ذات (المناضلين) الذين اشاعوا الرواية وروّجوا لها في الاساس، انتظروا قليلاً حتي يخفت ذكر بيان فتحي، ثم عادوا معادهم، يرددونها ويزيدونها في ثبات واضطراد يحسدون عليه، وكأن شيئاً لم يكن!
(5)
خلال الاسابيع الماضية قرأت مقالين حملا اسمي على عنوانيهما، نشرتهما صحافة الخرطوم بقلم (اللواء شرطة م عبد الرحيم أحمد عيسى). وقد استقصيت عن سعادة اللواء فعلمت انه ضابط شرطة، خدم حكومة الانقاذ بصبر وتفان على مدي جاوز العشرين عاماً، و(جرى) في مناكبها حتي اهترأ حذاؤه ورثّ رداؤه. ولكن العصبة المنقذة احالته الى التقاعد على حين غرة قبل بلوغه السن القانونية. كثير من الذين تستغني الحكومة عن خدماتهم لا يلتفتون الى الوراء، بل يمضون قدماً في حياتهم الى مراحل جديدة وآفاق أرحب. بيد أن بعضاً من هؤلاء المصروفين من مناصبهم تستغرقتهم أحياناً حالة الغيظ والبؤس العجز وقلة الحيلة، فيتحولون تحت تأثيرها، بين عشية وضحاها، الى مناضلين معارضين للنظام. ما علينا!
أراد سعادة اللواء (مناضل) عبد الرحيم احمد عيسى – وهو يجهد ليخفف عن نفسه مراراتها - أنيجعل مني مادة للنضال والمعارضة. ولا بأس، فأنا متاح، وهو ليس أقل من غيره! وقد أخذ علىّ هذا اللواء أنني لا اظهر الهمة في معارضة الانقاذ. وهو نقدٌ لا غبار عليه.ثم اتهمني بالتزلف للحاكمين (الذين صرف هو ربع قرن من حياته في خدمتهم). ولم يقصّر بعد ذلك فبرّني وطوق عنقي بالعبارة التاريخية الخالدة التي فحواها أنني على خطى الدكتور خالد المبارك ومحمد محمد خير (لاحظت ان اللواء نسى حبيبنا الدكتور الشوش). لم يكن ذلك من بين ما أهمني، فهو من مكرور الحديث ومُستعاده. الذي أهمني وحيرني أنه اتخذ لنضاله ذات منهج التكذب والاختلاق والتزوير، واصطناع الروايات وترديدها بكثافة بغية تثبيتها في الاذهان. وهو أمر لا يليق بمن حمل رتبة (لواء شرطة).
نسب الىّ سعادة اللواء (مناضل) عبد الرحيم احمد عيسى انني زعمت في مقال لي بأنني أعمل على إنشاء لوبي سوداني في الولايات المتحدة، وان هذا اللوبي الذي أجهد في تأسيسه سيمارس الضغط على الحكومة الامريكية لرفع العقوبات عن السودان. وشرع يسخر في مقالين متتاليين مني ومن الفكرة او المشروع الذي فرضه عليّ فرضا، ويكرر عبارات الهزء ويستخف دمه. أقرأ أعزك الله هذه الكلمات: (يعمل[البطل] على تأسيس لوبي رهيب يضغط به على الامريكان لرفع العقوبات عن السودان). وأقرأ ايضا: ( جاء البطل ليقول انه واخرين يعملون على تأسيس لوبي للضغط على الحكومة الامريكية). ثم اقرأ واستمتع:(هل سيكون لوبي يملك المال والاعلام، ام لوبي جهادي لرفع العقوبات عن السودان .. احترم عقول الناس)!
وتعلم، يا رعاك الله، أنني لم اكتب قط في اي مقال لي خلال عشرين عاما من الحياة في الولايات المتحدة كلاما مثل هذا، ولا حتى قريباً منه. ولم يحدث أبداً ان زعمت أنني اعمل على انشاء لوبي في امريكا، ولا زراعة لوبيا في مبيريكا. من اين أتى سعاده اللواء (مناضل) عبد الرحيم احمد عيسى بهذا الكلام الفارغ، فنسبه الى شخصي، ثم اخذ يردده ويعيده ويزيده، مقالاً اثر مقال في اصرار عجيب؟!
ولكنني اذكر تماما أنني تلقيت ذات مرة عددا من الرسائل من بعض شباب السودان، تطرقوا فيها الى قضية المقاطعة وتأثيرها على خريجي الجامعات والمهنيين الراغبين في الحصول على مؤهلات عبر الجلوس لامتحانات دولية معينة. وقد كتبت في احدى اعمدتي انني أحلت هذه الرسائل الى المنظمة السودانية الامريكية للعلاقات العامة (سابا). وهي منظمة موجودة اصلاً، وتنهد الى لعب دور يشبه دور اللوبيات التي ينشئها المهاجرون، ولا علاقة لي بتلك المنظمة من قريب او بعيد،سوى انني قلت بحقها كلمات طيبة، وحييت القائمين عليها، وتمنيت لهم التوفيق. وأنا لست من مؤسسيها ولا من اعضائها. فكيف تحولت الأسطر الثلاثة التي كتبتها في عمودي عن احالة رسائل قرائي الى جهة ما بمظنة الاختصاص، الى زعم بأنني أنا نفسي اعمل على انشاء لوبي سيرفع العقوبات عن السودان؟ ثم مهرجان للسخرية مني ومن ادعائي المزعوم، ودعوتي لاحترام عقول الناس؟ من الذي يحترم عقل من؟!
وقانا الله واياكم شرور النفس، والغي الموفي بأهله على النار!
(6)
هؤلاء واولئك نماذج طبق الأصل من هيثم كابو: يمقتون الحقيقة، ولايحبون ضوءها الذي يعشى الأبصار. ويؤذي نفوسهم ان تسطع شمسها. ولخدمة الاغراض الموتورة وإرضاء الأهواء المذعورة، لا تتورع هذه الشاكلة من صنف البشر عن التكذب والتلفيق، والغمز واللمز، والزعيق الصفيق، و(حرق اللساتك) واثارة الضوضاء، واعادة صياغة الوقائع وتركيبها تحت غلالات الغبار المسموم والدخان الكثيف. أين هم من قول الخالق: (أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
(7)
سأتجاوز في صمت كريم، يليق بمثلي، عن تلال السفالات، وأكوام البذاءات، التى حثاها الصحافي الخزعبلي هيثم كابو حثوا في عيون الناس، وهو يجهد ليرد عن نفسه بعض ما ران على اسمه من واغش الغش والتدليس، وما طفا على صورته من نجاسة الخبث والتلبيس. وقد اتخذ الى مبتغاه ما هو معهود عنه - في ما أفادني من عرفوه من اهل الصحافة والاعلام داخل السودان - من أساليب الابتزاز والارهاب والترويع.
ولعل هذا البائس يصحو فجر يومه هذا فيدرك عبر المدرك الصعب أنه في مواجهة مثليلا تجدي صفاقات البلاطجة ولا تفيد سفاهات القبضايات.
(8)
في صيف العام 2004 نشر الصحافي الخزعبلي مادة في صحيفة (سودانايل) الالكترونية، وبين يدي نسخة منها. وقد حرصت على الاتصال برئيس تحرير (سودانايل) الاستاذ طارق الجزولي، لاستوثق منه مباشرةً، بأنه تلقى تلك المادة كاملة مكتملة من الشخص الذي حملت اسمه ككاتب لها. وأن هذا الشخص – أى الصحافي الخزعبلي -هو الذي صاغها في جملتها، بما فيها المقدمة والعناوين والخطوط، فأكد لي طارق كل ذلك، وشكرته.
تعال معي، يا هداك الله، وأقرأ هذه العناوين والخطوط، ثم كلمات التوقيع، كما تضمنتها المادة التي بعث بها هيثم كابو، ونشرتها سودانايل على النحو الذي وردت عليه. هاك العنوان الاول: (الصحفي الشبح صاحب الخبر الضجة يكشف نفسه ويتحدي راغب علامة). ثم هاك العنوان الثاني: (هيثم كابو يميط اللثام عن وجهه عبر سودانايل ويفجر مفاجآت من العيار الثقيل). ثم وقع الكاتب اسمه على رأس المقال على النحو التالي: (هيثم كابو الصحفي صاحب الخبر الضجة). ثم جاء التوقيع للمرة الثانية في ذيل المقال على النحو التالي: (هيثم كابو، رئيس تحرير صحيفة عالم الفنون الالكترونية)!
تلك هي المادة التي صاغها ونشرها صاحبنا، (صاحب الخبر الضجة) كما قال، وتلك هي العناوين والتوقيعات التي اختارها بنفسه!
ثم ماذا نقول بعد هذا؟!
(9)
تصادف ان كان حبيبنا الاستاذ فيصل محمد صالح موجودا في بيروت خلال تلك الفترة، فآلمه وأقض مضجعه، شأن كل صحافي مهني شريف، وهو المطلع على الحقيقة بحكم اقامته في بيروت آنذاك، أن يري كل هذا الهرج الذي أثاره الصحافي الخزعبلي بافترائه الفاضح وخبره الملفق المكذوب. واضطر فيصل للتصدي لهذا العبث فكتب مقالا بعنوان (صحافة الاشباح واشباح الصحافة). وقد جاء توقيعه على ذلك المقال هكذا: (فيصل محمد صالح – بيروت).
كتب فيصل في مقدمة مقاله يعتب على (سودانايل) ورئيس تحريرها، صديقه الاستاذ طارق الجزولي: (أعرف 'الدار'كصحيفة، وأعرف سودانايل كنافذة على العالم. ولا أعلم الرابط بينهما، مثلما لم تتح لي الظروف التعرف على الصحفي هيثم كابو. قالت سودانايل في حوارها مع هيثم كابو، الذي صاغه بنفسه كما يبدو، أنه سيفجر المفاجآت الثقيلة، وهذه هي طريقة صحيفة الدار. ثم كانت المفاجأة انه كالعادة لم يفجر أي مفاجأة، وهذه ايضا طريقة صحيفة الدار ...فمن نقل الطريقة وفرضها على سودانايل)؟
ثم انطلق الاستاذ فيصل محمد صالح الى صلب الموضوع، ليقرع الصحافي الخزعبلي ويستنكر سلوكه المخزي: (الصحفي الشبح، كما وصف نفسه، نشر كلاما محددا على لسان الفنان راغب علامة، لا يهمني شخصيا مضمونه لأني لا أحب هذا الفنان ولا أحب غناءه،وهذا شئ آخر. أثار الحديث المنسوب لراغب ضجة واقام الدنيا واقعدها. ثم رد الفنان راغب علامة قائلا انه لم يقل هذا الكلام في أي مكان. وتحدى من قال ذلك أن يثبته، فماذا فعل الصحفي الشبح معجزة زمانه؟ نزل على الفنان راغب علامة شتما وسباباً، لكنه هرب من السؤال الاساس الذي مازال قائما، والذي هو مسؤول قانونيا واخلاقيا ومهنيا عن الإجابة عليه: متى قال الفنان راغب علامة هذا الحديث وأين؟في أي محطة فضائية؟ وفي اي برنامج وفي اي يوم وتاريخ؟)
وواصل فيصل متسائلاً: (هل هذه أسئلة صعبة؟ إنها ابسط الاسئلة، ولا تحتاج لاي عبقرية، ولن يجدي الحديث عن أن كثيرين قد شاهدوه واستمعوا إليه. وهذه ابسط قواعد هذه المهنة الملعونة التي ابتلانا بها الله مرتين ..مرة عندما ادركتنا حرفة الصحافة، ومرة عندما قيض لنا بعض الزملاء الاشباح! وعليك إما الإجابة على هذه الاسئلة، وإما انك لست شبحا وحدك، وانما أخبارك وموادك الفنية، وصحيفتك ايضا كلها من عالم الاشباح)!
وقد لاحظت اسم الاعلامي خالد عويس على رأس المعلقين المساندين لفيصل وتساؤلاته الاستنكارية في الموقع الالكتروني الذي نشره. وهو من نجوم الفضائيات العربية، ويمارس بحكم المجال الحيوي لنشاطه المهني وجوداً ثقيلاً وكثيفاً على المستوى الاعلامي الاقليمي. ويمتنع عقلاً ان تدلى شخصية فنية بارزة كالمطرب راغب علامة لقناة عربية بتصريح مثير وسفيه، كذلك الذي نسبه اليه كابو، دون ان يطلع عليه من هم في قلب الساحة مثل عويس. كما قرأت تعليقاً للكاتب الصحافي الاستاذ فايز الشيخ السليك، رئيس تحرير صحيفة (أجراس الحرية)، جاء فيه: (قرأت ما كتب الصحافى الشبح كابو، الا اننى لم اطلع على اى معلومة مفيدة تؤكد صحة ما نشره، ولم أجد غير السباب!)
(10)
في مادته المنشورة تحت توقيعه (هيثم كابو صاحب الخبر الضجة) وصف الرجل تأكيد المطرب اللبناني بأنه لم يدل بالحديث المقصود بأنه: (محاولة يائسة لنفي ما قاله عبر القناة التي سنكشف اسمها في الوقت المناسب). ثم كتب في خاتمة المادة: (وأخيراً فانني على اهبة الاستعداد لمواجهته بكل الادلة الدامغة، وهذا هو بياني الاول، وستعقبه بيانات اخرى)!
وبطبيعة الحال، وبرغم إلحاح الكثيرين، على مدار السنوات العشر الممتدة منذ صيف العام 2004 وحتي شتاء العام 2014، فإن هلال (الوقت المناسب) لم يهل الا بعد نشر مقالي بشأن الخزعبلات التي ينشرها بين الناس امثال هذا الخزعبلي. أخيراً جاء الوقت المناسب وتكلم (زرادشت). قال لا فض فوه: القناة التي ادلي راغب علامة بحديثه اليها اسمها (قناة الجديد). شوف بالله؟!
بطبيعة الحال، وحتى صباحنا الأغر هذا، فإنه لا يوجد سوداني واحد، او عربي واحد، او أى مخلوق آخر يمشى على قدمين بين اركان الدنيا الاربعة، سمع حديث راغب علامة المزعوم في (قناة الجديد) المزعومة أيضاً!
ولكن ما هي المشكلة؟! سبحان الله، من قال ان هناك مشكلة؟ أبداً، ليست هناك اية مشكلة إن شاء الله. لأن (الأدلة الدامغة) التي تكشف راغب علامة وكذبه موجودة في الحفظ الصون. والحمد الله فقد أظلنا أخيراً، برغم التسويف والمطل، زمان (الوقت المناسب) فعرفنا اسم القناة. لم يبق اذن إلاأن يخرج فارسنا الجحجاح على صهوة حصانه الابيض فيبرز(الادلة الدامغة)، ويضع حداً لكل هذا الصداع!
فما هي، وأين هي تلك الأدلة يا شيخ هيثم؟! لا بد انك تملكها، ولا بد أنها في حوزتك، أليس كذلك؟وانت القائل: (أنا على اهبة الاستعداد لمواجهته بالأدله الدامغة)؟ يا ولد!
من انصع واصدق الحكم الشعبية في السودان (الكضب حبله قصير)!
نقلاً عن صحيفة (السوداني)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.