جاء في الأخبار أن أجهزة الأمن في مصر اعتقلت طالباً الإسبوع الماضي أمام جامعة القاهرة بتهمة حيازة رواية "1984" للكاتب البريطاني جورج أوريل الذي ينتقد فيها فساد أنظمة الحكم الدكتاتورية وقمعها لشعوبها، وأنه قد تم تحرير محضر بالواقعة وأحيل الطالب إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق معه . و تسبب هذا الحدث – كما هو متوقع - في انتشار الرواية بشكل مذهل في أوساط الشباب الذين سعوا للتعرف على الرواية . وأثار القبض على الطالب انتقادات واسعة وموجة من السخرية بين النشطاء ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي . وأكد عدد من المثقفين المصريين أن هذا الأمر يمثل إساءة لمصر فى الداخل والخارج ويضر بنظام الحكم أكثر مما يضيف له. وتساءل كاتب في مقال بصحيفة المصري اليوم بعنوان "جورج أورويل.. ده إخوان؟": " المثير للأسى والسخرية معا في قضية طالب جامعة القاهرة الذي ألقي القبض عليه هو اعتبار أن رواية ما تعد حرزا من أحراز التحريات " وأضاف: " الجهل أخطر على النظام من خطر المتعلمين أنفسهم.. فهذه الدببة هي التي تورط النظام في كل هذه المعارك العبثية التي يود لو لم يخضها من الأساس، وجورج أورويل ليس إخوانا كما نعرف، كما نظن أن الداخلية تعرف، لكن الأنظمة المتطرفة فحسب هي التي تعادي القراءة وتعادي الكتب والروايات. " وتساءل أحد الصحفيين قائلا: "من هو المخبر المثقف الذي عرف قيمة الرواية وكشفها لحكم الأنظمة الشمولية العسكرية؟ " ووصف أحد أساتذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة اعتقال الطالب بأنه " قمة الجهل والتخلف". و نشر أحد الكتاب الحوار التالي المتخيّل بين اثنين من الطلبة المصريين : - معايا رواية.. تيجى نقراها سوا ؟! * لا ياعم، افرض اتمسكنا -ياعم ميبقاش قلبك ضعيف.. أنا أعرف مكان العيال تقرأ فيه الرويات والحكومة مبتروحش هناك! * أنا بصراحة نفسى أجرب من زمان! بس خايف نتمسك .. أبويا هينفخنى لو عرف! – متخافش مش حيعرف. * لا أنا أبويا بيشم بوقى وبيعرف أنا قريت روايات ولا لا. - ارمى الرواية بسرعة.. وطلع الحشيش واعمل نفسك بتلف سيجارة ! فيما سخر آخر في بوست في ال "فيس بوك" قائلاً : " بعد دقائق من القبض على طالب جامعي بحوزته رواية 1984 ساد ذعر بين ركاب المترو بعد العثور على رواية مزرعة الحيوانات ( Animal Farm ) لنفس الكاتب أسفل أحد المقاعد ." ! ويكفي الآن أن تكتب على محرك البحث "جوجل" حرف "ر" فقط ليكمل هو الجملة "رواية1984′′ في إشارة إلى كثافة البحث عنها . ونشرت عدة صحف بيريطانية خبر اعتقال الطالب و قالت صحيفة ( الجارديان ) ان الواقعة تعزز من مكانة أورويل و قيمة روايته الشهيرة بل تثبت إمكانية تماهي الخيال الروائي مع الحقيقة في بعض الأحيان . كما نشرت الصفحة الرسمية لجورج أورويل - التي يتابعها نحو 1.5 مليون شخص حول العالم- خبر القبض على طالب بحوزته رواية 1984. وقال الشاعر عبدالرحمن يوسف عبر الفيس بوك : " أكثر من 60 ألف شخص حملوا الرواية في أقل من ساعتين وربما ما كان لها أن تنتشر بهذه السرعة إلا لرغبة السلطة فى منعها .. فالدرس المستفاد أنه كلما سعت السلطة لحجب شيء، انتشر بقوة " من جانبه يقول الكاتب المصري الكبير د. أحمد الخميسي : " أما قصة الطالب الذي ضبطت بحوزته رواية أورويل ( 1984 ) فقد اعتقل لأسباب تتعلق بالتظاهر والنشاط السياسي، واحتفظوا بما وجدوه عنده ، ومن ضمن ما وجدوه رواية جورج أورويل، لكن الرواية بحد ذاتها لم تكن سببا لاعتقاله ، لكن المصريين أحيانا كثيرة ما يحبون الضحك على حساب الحقيقة ، أو لا يهتمون بتدقيق الكلام ! " تدور أحداث رواية (1984) ، التي كتبها جورج أورويل عام 1949 وترجمت إلى أكثر من 60 لغة ، حول "وينستن سميث" الموظف في وزارة الحقيقة بدولة أوشينيا والذي يخضع للرقابة الدائمة من الشرطة والجيران ، إذ أن الرقابة في تلك الدولة يقوم بها الجميع ضد بعضهم البعض تعبيراً عن الولاء للوطن، فيما تتسلط الأنظمة القمعية على المجتمع عبر دكتاتورية الحزب الحاكم الذي أطلق عليه اسم "الأخ الكبير" الذي يمارس القمع وتزوير الوقائع باسم الدفاع عن الوطن. لدى حكومة تلك الدولة ، التي أطلق عليها أورويل إسم أوشينيا ( Oceania ) ، أربع وزارات رئيسية هي: 1. وزارة الحقيقة و مهمتها تزوير الحقائق خاصة الوثائق التأريخية لتنسجم مع مايقوله الحزب الحاكم في أدبياته الحاضرة . 2. وزارة الوفرة و مهمتها اخضاع السلع الشحيحة للتموين . 3. وزارة المحبة و مهمتها اعتقال المعارضين السياسيين و تعذيبهم . 4. وزارة السلام و تختص بشن الحروب على الدول المجاورة . كانت هذه الرواية - التي هي من روايات الخيال السياسي - تعد في بعض البلدان رواية ثورية وخطرة سياسياً مما أدى إلى منعها في عدد من الدول خاصة تلك التي كانت تحكم بحكومات شمولية.. وقد اختارت مجلة تايم الأمريكية الرواية كواحدة من أفضل مائة رواية مكتوبة بالإنجليزية منذ عام 1923 و حتى الآن. = = = = =