[email protected] (1) توقفت كثيراً وانا اطالع على صفحات (السوداني) إعلانا مدفوع الاجر، علمت انه نشر كمادة اعلانية في صحف اخرى ايضا. جوهر ما ورد في الاعلان هو تنبيه صحيفة (الصيحة)، المملوكة للاستاذ الطيب مصطفى، للكافة بأنها (احتكرت حصرياً قلم الكاتب الصحفي الاستاذ حسن اسماعيل). هذه هي المره الاولى التي أقف فيها على ظاهرة (الاحتكار الحصري) للكتاب الصحافيين في السودان والاعلان عنه على ذلك النحو. ولكنني مطلع بالتأكيد على تقليد الاحتكار الحصري للفنانين والفنانات التي تكتظ بأنبائه صحف العرب والعجم. بل وفي السودان أيضاً، إذ قرأت الاسبوع الماضي في صحيفة (الرأى العام) خبراً صحبته صورة بديعة لمذيعة معروفة، وإلى جانبها مطرب معروف ايضاً، وتحت الصورة وردت العبارة التالية: (الاستاذة نسرين النمر مديرة شركة آرت ميديا المتعاقدة حصرياً مع الفنان محمد النصري). (2) في صحافة الولاياتالمتحدة نعرف ال(سينديكيتد كولمنست)، وترجمتها الحرفية (الكاتب واسع الانتشار). ويشمل التعريف في الواقع الفعلي الكاتب الصحفي الذي يكتب أعمدة او مقالات قصيرة بصورة منتظمة، وتشتريها منه وكالة متخصصة تتولى نشرها في عدة صحف في آنٍ واحد. أن تصبح (سينديكيتد كولمنست) في الولاياتالمتحدة يعني ضمناً انك في الطليعة من كتاب الصف الاول. وقد راجعت الموسوعة العالمية (ويكيبيديا) فرأيتها وقد ابرزت اسماء ثمانٍ وخمسين شخصاً على انهم اهم الكتاب الصحافيين الذين تنشر الصحف الامريكية كتاباتهم على نظام (السنديكيشن). من بين هؤلاء العمالقة كاتبي المفضل، الحائز على جائزة نوبل، بول كروغمان، والثعلب الجمهوري الاشهر جورج ويل، والصحافي المثير للجدل توماس فريدمان. ومنهم رمز اليسار الامريكي الاكثر بروزاً نعوم شومسكي، الذي صُنفت كتبه في المرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بها على الاطلاق في قائمة تضم الانجيل وكارل ماركس. ما علينا! (3) إذن (الاحتكار الحصري) في الحالة السودانية و(السينديكيشن) في الحالة الامريكية شيئان متناقضان. ولكن الصيغتين تجتمعان في خصيصة واحدة، وهي ان كليهما يؤشران في ذات الوقت للجدارة والتميز والقيمة النوعية للمعنيين بهما من الكتاب الصحافيين. وبما انني لا اكتب اعمدة او مقالات بصفة منتظمة في اي صحيفة امريكية فإن فرصتي في ان اكون (سينديكيتد كولمنست)، مثل كروغمان وفريدمان وشومسكي، تبدو ضئيلة للغاية. لم يبق أمامي إذن، في مسعاي الأبدي للتميز والتفرد، الا ان تحتكرني حصرياً نسرين النمر، مثلما احتكرت محمد النصري، فأغني لها اغنيتي المفضلة (كده كده يا تريلا). او أن يحتكرني ناشر كبير مثل الخال الرئاسي، فأندغم بين خالين عظيمين، خالي الفريق بكري النائب الاول للرئيس، وخال الرئيس نفسه الاستاذ الطيب. وارد جداً، بطبيعة الحال، أن يقرر سيدنا ومولانا جمال الوالي ان يحتكرني لأبقى في حمى ابنته المدللة (السوداني). وسيتعين عليه بالطبع ان ينشر اعلاناً مدفوع الاجر في الصحف الاخرى وفي قناة الشروق، يُعلن فيه للكافة احتكاره إياي احتكاراً حصرياً. (4) للاحتكار استحقاقاته بالتأكيد. واتصور ان الاستاذ الطيب قد اجزل العطاء لصاحبي حسن اسماعيل، فقد اشتهر بين الناشرين بأنه جواد وأن راحته ندية. يكفي انه إبان قيادته لصحيفة (الانتباهة) صادق على عقد بمكافأة شهرية مقدارها ثلاثين مليون جنيهاً للكاتب الاستاذ اسحق احمد فضل الله، مقابل اعمدته التي يعبئها بأحاجي مدهشة وحواديت مثيرة مقتبسة من روايات أجاثا كريستي. ولكن الذي أنا منه على يقين هو أن الاستاذ الطيب مصطفى حرص على ان يضمّن عقد احتكار صديقي حسن اسماعيل شرطاً يلزمه بأن يتجاوز عن مرارات الماضي، وان يقلع عن التعرض للامام الحبيب الصادق المهدي وابنائه وبناته، في الغدو والرواح، وفي البكور والآصال. كما كان يفعل وهو يمارس الكتابة )غير الاحتكارية) في الصحف الاخرى. (5) آخر المُحتكرين الحصريين في عالم الصحافة السودانية هو حبيبنا الصحافي عبد الباقي الظافر. احتكره صاحب (التيار) لتحرير زاوية (شارع الصحافة) في صحيفته. وهي الزاوية التي قصد من ورائها الحبيب عثمان ميرغني تحقيق الشفافية الكاملة في عالم الصحافة السودانية. وهو مقصد نبيل بغير شك. ومن اغراض هذه الزاوية ان تكشف للقارئ تلميحاً او تصريحاً الحقائق كاملة عن حيوات الصحافيين السودانيين وممارساتهم. من ذلك على سبيل المثال: من من هؤلاء اقتنى سيارة ذات دفع رباعي وكيف ومن اين حصل على المال؟ ومن منهم يخطط لطلب اللجوء السياسي في اوربا وامريكا؟ ومن منهم اختلف مع ناشر الصحيفة ونازعه ففسد ذات بينهما، وهكذا! ولأن المقصد نبيل والغاية سامية فإننا لا نرى بأساً في كون كثير من جهد الظافر الاحتكاري الحصري في حقل الشفافية قد انقلب عليه، وعلى صحيفة التيار وناشرها، (همّاً) و(غمّاً)! لا تثريب عليهم ان كانوا قد خسروا مؤخراً معركة (الشفافية) التي خاضها الظافر، هو وصحيفته، ضد زملاء المهنة في قضية مجموعة (كومون). إذ حسم البرلمان في تقريره امس الاول، بعد التمحيص والتدقيق والمراجعة، أمر مجموعة (كومون) فقرر ان سجلها نظيف كما صحن الصيني، وان اوراقها سليمة ومكتملة قانونيا كأفضل ما تكون السلامة والاكتمال، وان أداءها مشرّف يستزين به السودان. فكان تقرير البرلمان تاجاً على رؤوس شبابها المثابر، وغرّة في جبين مديرها العام الشاب الثوري يوسف محمد الحسن (وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون). ولا جناح على الظافر و(التيار) ان كانوا قد خسروا أيضاً امام الاعلامي والصحافي الدكتور خالد التجاني الذي نسبوا اليه – من باب الشفافية – انه طلب اللجوء السياسي في الولاياتالمتحدة، فخرجوا من ساحة مجلس الصحافة والمطبوعات وعلى ظهورهم خطاب التوبيخ، بعد ان تبين خبال ما اذاعوه بين الناس من مزاعم. (6) بيد ان لي كلمة توضيحية اريد بها ان انصف اخى الظافر في أمر حي (الراقي) بالخرطوم، الذي آوى اليه ليصبح في جوار حبيبنا الاخر الفريق اول صلاح قوش رئيس جهاز الامن الاسبق. وكان بعض زملاء الظافر قد انسربوا اليه من ذات باب الشفافية، الذي فتحه هو على قومه، فساءلوه عن قطعة الارض المفتخرة، التي تسلمها بسعر زاهد خفيض في حي (الراقي) بالخرطوم بتوجيه استثنائي من واليها الدكتور عبد الرحمن الخضر. والحق، الذي قد لا يعلمه كثيرون هو أن حبيبنا عبد الباقي الظافر كان يمارس الصحافة في فيلادلفيا بالولاياتالمتحدة. وقيل انه شارف الوصول الى قائمة (السنديكيتد كولمنستس) لولا انه فضل الاحتكار الحصري في وطنه الاصل. واختار لنفسه ان يكون صحافياً (شفافاً) في بلده وبين عشيرته، في معية ضياء الدين بلال ومحمد لطيف والهندي عز الدين. بدلاً من ان يكون (سنديكيتد كولمنست) في معية بول كروغمان وتوماس فريدمان ونعوم شومسكي. وتلك لعمر الحق تضحية كبرى يهون دونها حي (الراقي) بأسره، وحي (كافوري)، وكل الاحياء المفتخرة في الخرطوم. لهذا كله فإنني اطلب من الزملاء الاكارم في قبيلة الصحافيين ان يضربوا الذكر صفحاً عن أمر الظافر وارضه ومسكنه. وها انا قد اعلمتهم ما خفى عليهم من وجيه الاسباب التي حدت بولاة الأمر ان يقسطوا الصحافيين أجمعين في حي (الوادي الاخضر) الى جوار العريف خير السيد الله جابو، وان يستثنوا الظافر فيقسطوه في حي (الراقي)، الى جوار الفريق اول صلاح قوش. بالنسبة لي أنا شخصيا، – وبصفتي كاتباً صحافياً سودانياً امريكياً - فإنني أطلب من سعادة والي الخرطوم ان يصدق لى بقطعة ارض في اي حى من أحياء العاصمة، شريطة ان تكون القطعة مجاورة لمنزل صديقي سعادة الفريق اول محمد عطا المولى عباس! نقلاً عن صحيفة (السوداني)