من المعلوم أن ممارسة الغش في الألعاب كان يعتبر مخالفة جسيمة في مدينة أولمبيا اليونانية مهد الألعاب الأولمبية القديمة وكانت تفرض غرامات من قبل حُكام مدينة اليس على سارقي الانتصارات الرياضية عن طريق الغش ، أما في العصر الحديث فإن الغش يعتبر مخالفة خطيرة تؤدي إلى قيام اللجان المنظمة للألعاب الأولمبية بتجريد الرياضي الغشاش من الميدالية التي فاز بها بدون وجه حق ومنحها إلى أقرب منافسيه وحرمانه لفترة قد تطول وقد تقصر من المشاركة في المنافسات وذلك إذا تم ضبطه متلبساً بالغش الرياضي عن طريق تعاطي المنشطات المحظورة أو خلافه! وحينما كنا صغاراً كنا مهوسين إلى أقصى درجة بلعب كرة القدم وكنا نلعبها بلا حكام ومع ذلك فإذا لمس أي لاعب الكرة بيده كان كل الملعب يصيح بأعلى صوت: هاندبول هاندبول! وكانت ضربات الجزاء تنفذ على الفور إذا تم لمس الكرة باليد قرب المرمي بلا مجادلات ولا احتجاجات لأننا كنا على قناعة تامة بأن لمس كرة القدم باليد حرام على كل اللاعبين عدا حارس المرمي! ولعل من غير المفهوم في هذا العصر أن يتم ، من وقت لآخر ، إحراز أهداف حاسمة باليد في مباريات كرة قدم دولية ويتم ضبطها بأجهزة التصوير ومع ذلك لا يتم معاقبة الفريق المنتصر بأسلوب الغش فقد تأهلت الأرجنتين في مسابقة كأس العالم لعام 1986 إثر هدف مارادونا اليدوي في مرمى إنجلترا ، وفي الأيام الماضية تأهلت فرنسا في مسابقة كأس العالم لعام 2010 على حساب اسكتلندا إثر هدف يدوي أحرزه اللاعب الفرنسي تييري اونري والذي اعترف بذلك بعد انتهاء المباراة ومع ذلك لا يحرك الفيفا ساكناً ويتم تأهل الفريق الغشاش على أساس أن قرار الحكم نهائي حتى لو كان ظالماً! والملاحظ أن الشعب الاسكتلندي لم يُصب بالجنون الكروي ولم يعلن الحرب على الفرنسيين بل تقبل الهدف اليدوي بصدر رحب بينما احتفل الفرنسيون بفوزهم المسروق بلا استحياء! ويحق لنا أن نتساءل بقلق: ماذا كان سيحدث لو فاز فريق عربي على فريق عربي آخر بهدف يدوي في منافسة كأس العالم لعام 2010؟! من المؤكد أن حرباً حقيقية كانت ستنشب بين الدولتين الشقيقتين على غرار حرب كرة القدم الشهيرة التي اندلعت بين هندوراس والسلفادور في عام 1970 والتي راح ضحيتها أربعة ألف بني آدم بسبب دخول شيء مستدير بين ثلاث خشبات فقط لا غير! والسؤال هو: لماذا يُعاقب لاعب المضمار على الغش الرياضي ولا يعاقب فريق كرة القدم إذا ارتكب مخالفة الغش اليدوي؟! ألا يؤدي ذلك إلى هزيمة فكرة التنافس الشريف واللعب النظيف والروح الرياضية التي يرتكز عليها مفهوم الرياضة بأكمله؟! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر