بسم الله الرحمن الرحيم إنه من المؤسف المخزي والمضحك المبكي أن الدول العربية التي سمت نفسها دول محور الاعتدال بعد أن عزلت نفسها عن شعوبها وانعزلت عن الشارع الإسلامي والرأي العام العالمي بسبب موقفها من القضية الفلسطينية؛ هدتها عبقريتها أن تعزل نفسها مرة أخرى عن حكومات الدول غير العربية التي تعاطفت مع الفلسطينيين بسبب الوازع الديني لبعضها والوازع الأخلاقي والإنساني للبعض الآخر، وذلك أن بعض الأصوات ارتفعت لتقول بأن تترك قضايا العرب للعرب.إنه التصرف الأغرب من نوعه والمبهم في مقصده أن يرفض الإنسان نصرة من يناصره ومؤازرة من يؤازره، لكنه زمن المهازل وقلب الحقائق، فإذا كانت المعنية بذلك الدول التي حركها الدافع الإنساني فإن الإنسانية لا تعرف الحدود الجغرافية ولا الشكل ولا اللون، والإنسان لا يطلب الإذن من أحد حتى يكون إنسانا، وليس بمقدور أحد أن ينزع الرحمة من قلوب الرحماء ولا أن يميت الضمائر داخل الصدور أو يبلد الأحاسيس أو يغيب العواطف، فلهؤلاء التحية والتجلة، وإذا كان ذلك الحديث موجه للدول الإسلامية وعلى رأسها تركيا وإيران؛ فإن هؤلاء لا يستجدون ولا ينتظرون أحدا ليسمح لهم بتبني مثل هذه القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتي هي في الأساس قضية إسلامية، لكن اليهود بمكرهم ودهائهم وغفلة هؤلاء الحكام درجوا هذه القضية ومرحلوها من إسلامية إلى عربية إلى فلسطينية إلى قضية قطاع، لكنها ستظل إسلامية مادام المسجد الأقصى أسيرا ومادام هناك مسلمون تدب الحياة في أوصالهم، ونقول لدعاة العروبة متى كانت العروبة سبب عزة ونصرة؟ ومتى أخذ العرب مكانا في التاريخ قبل الإسلام؟ ونذكر هؤلاء أن العرب لم يصيروا أعزاء إلا عندما كانوا مسلمين مع فقرهم وأميتهم فأعزهم الله بالإسلام وأذل المتأخرين منهم مع غناهم وتقدمهم المادي، لأنهم خلعوا ثوب الإسلام ولبسوا ثوب العروبة، خلعوا ثوب الإسلام الذي انخلع معه ثوب العزة والكبرياء والشرف والحياء والوحدة والقوة، فها هي الجامعة العربية التي قامت لتجمع شمل العرب فأصبحت هي السبب فيما وصل إليه العرب الآن من تنافر وتناحر وخذلان! وبالعروبة انهزم عبدالناصر وهو عميد القومية العربية والتي ما زادت العرب إلا خبالا وتفرقة وتأخرت مصر عن ركب الحضارة والتقدم ولازالت تتأخر حتى وقعت اتفاقية كامب ديفيد التي شتت العرب إلى يومنا هذا، وصارت مصر بعدها ذراعا أمريكية في المنطقة العربية، وكذلك انهزمت سوريا ولا زالت الجولان محتلة، والعراق الذي كان يهدد ويتوعد إسرائيل صار حصيدا كأن لم يغن بالأمس! والسبب في كل ذلك أنهم جميعا قدموا العروبة على الإسلام، فنظروا النظريات وألفوا الكتب الخضراء والحمراء ممجدين العرب داعين إلى العروبة نابذين كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، فكان جزاؤهم ماهم فيه من ذل وهوان واختلاف وشقاق، ونقول للمسلمين وعلى قمتهم تركيا وإيران تناسوا الخلافات المذهبية والطائفية وتذكروا أنكم أمة واحدة ذات رسالة واحدة، تصلون إلى قبلة واحدة على ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس، سيروا على ما أنتم عليه سائرون، ولا تلتفتوا لهؤلاء، وقد ورد في الحديث أن الإسلام لو بلغ الثريا لناله الأعاجم، فأنتم موعودون بقيادة العالم الإسلامي، ونذكر الأتراك أنهم بالإسلام حكموا هؤلاء وعملاءهم من الأوروبيين في الماضي القريب، وعندما تركتم الإسلام وجريتم وراء الأوروبيين لم تحصدوا إلا الذل والهوان خلال نصف قرن مضى أو يزيد، ولكن مجرد ما التفتم إلى إسلامكم وتاريخكم العثماني بدأتم بذلك الخطوة الأولى نحو العزة والتاريخ المجيد واستعادة المكانة المفقودة وسط العالم الإسلامي، وهذا بدا ظاهرا في المواقف الأخيرة لتركيا من القضية الفلسطينية الإسلامية، أما إيران فما لمعت وما ظهرت وما قويت وما أخافت وما أطلقت الصواريخ والأقمار الصناعية إلا عندما تحررت من الغرب وموالاته بعد سقوط حكم الشاه، ما فعلت ذلك إلا عندما أسلمت وجهها لله وعلمت أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فسيروا يا هؤلاء واتركوا العرب يعيشون في أوهامهم وفي عصبيتهم وفي حميتهم حمية الجاهلية، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنت مؤمنين... أحمد التجاني أحمد البدوي خلافة السجادة التجانية- الرهد