رويداً رويداً يتسلل لهواتنا الذكية فيديو من الفظاعة بمكان، تقشعر له الابدان، يشيب له الولدان، إنه فيديو حادث الفريق هاشم محمد نور وأسرته الكريمة، تم تصويره بعد الحادث بلحظات، الفيديو هو ابشع فيديو يمر على في حياتي لأنه يمس أسرة سودانية مكلومة في ثلاثة من أفرادها وهم الأم والأب والبنت. لكن تصوير تلك اللحظات هو الاقسى علينا وعليهم، فهم أسرة منا وفينا نحس بما تحس ونتألم بما تتألم، وتأذينا جداً لنشر ذلك الفيديو المقيت وصور المصابين وأرواحهم تنازع للخروج إلى ان تفيض إلى بارئها وتغطى. فمن فعل هذا، من هذا عدم الضمير، من هذا عديم الإنسانية، من هذا الساقط، اين كانت إنسانيته حينها وهو يوثق هذه اللحظات لأسرة مجروحة هذا الجرح الغائر، وأين حرمة الموتى وأين الرجولة وأين الشهامة، من هذا المنحط الذي أتى بهذا الفعل، ليس هذا من سودانيتنا في شيء, وليس من اسلامنا في شيء، بل هو عمل شيطاني من الدرجة الأولى لا يأتي به ذي عقل ولا يأتي به من في قلبه مثقال ذرة من رحمة. رسالتي لكل من وصله هذا الفيديو ان لا يعيد إرساله لأي أحد أخر وان يقوم بحذفه من ذاكرة الموبايل الآن، حتى نضمن انقراض هذا الفيديو الملعون، نعم نريده ان ينقرض حتى نحفظ لأنفسنا كرامتها وحتى نساهم في نسيان تلك الأسرة الصابرة لتلك الفجيعة التي ألمت بهم، لو لم نفعل هذا فإن هذا الفيديو سيظل تأريخ ينكأ جراحهم ويعيد الذكرى الأليمة لهم مراراً وتكراراً. ورسالتي الثانية هي أن نحكم العقل في استخدامنا للإمكانيات الفنية للهواتف الذكية التي بأيدينا، فالهاتف الذي الآن يعد وحدة إعلامية متكاملة تصور وتمنتج وترسل، فإذا لم نرتقي بأنفسنا في استغلالها فسنتسبب في تأذية الكثير من الأسر التي لا دخل لها فيما نفعل فقط تتحمل النتائج، وننتهك خصوصيات الغير لا سيما الموتى وهؤلاء لهم حرمتهم التي يجب ان تراعى في أي زمان ومكان، كما يجب ان يقف المجتمع بكلياته ضد مثل هذا السلوك المشين حتى لا يتكرر. بحمد الله فقد أجاز البرلمان قانون جرائم المعلوماتية الجديد والذي يعاقب كل من يصور او ينشر او ينقل مقاطع فيديو أو صور لأشخاص آخرين بشكل غير لائق وبدون رضاهم أو يتعدى على خصوصيتهم أو يقوم بنشر أو تداول الإشاعات بالسجن لمدة تتراوح بين العام والخمسة أعوام والغرامة التي لا تقل عن خمسة الف ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه، ونتمنى ان يجد هذا القانون مكانه من التطبيق عاجلاً حتى يردع كل من تسول له نفسه المساس بخصوصيات وحرمات أعراض الاخرين وموتاهم.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.