شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    المريخ يكثف درجات إعداده للقاء سانت لوبوبو    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو الترابي ... بقلم: مختار بدري
نشر في سودانيل يوم 16 - 03 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ولا عدوان إلا على الظالمين:
استدعاني الأمن للاستجواب مرتين في بداية التسعينيات، وكان المحقق معي هادئًا ورزينًا، إلا عندما سألني عن رأيي في (الشيخ حسن الترابي)، فقلت له: حسن الترابي ليس شيخًا ولا علاقة له بالشريعة! فحينذاك لم يستطع الرجل أن يضبط نفسه! فأخرج مكنونات تقديسه ومبثوثات تعظيمه لذلك المخلوق، الموسوم بحسن الترابي!! مع أنه لم يُصَب بالدهشة ولا اللوعة لما قلت له أن قتالهم في جنوب السودان ليس بجهاد! إذ الجهاد يكون لإعلاء كلمة الله، وكلمةُ الله ليست العليا في الخرطوم التي تحت أيديهم، فكيف يعلونها في الجنوب؟!!!
والعجيب أن شيخهم بعد أن كان يقول: عرس الشهيد، وعرس في الأرض، وعرس في السماء، أصبح ينكر شهادتهم وجهادهم! وهذا يدل على اضطراب الرجل الفكري، واستخفافه بالسامع والتابع!
ثم دارت الأيام فلقيني شاب عام 2006، فسلَّم عليَّ بحرارة، فلما أحس أني لم أعرفه قال لي باستحياءٍ: أنا فلان الفلاني، من منطقة كذا، -وأشار إلى لحيته المحلوقة-، نحن كنا مسلطين عليكم في (مسجد الصافية) قبل مفاصلة الترابي سنة 1999، فالرجل كان تابعًا لأمن الترابي، وأخبرني أنه أُقِيل تبعًا للترابي، وطلب مني العفو والمسامحة، فسامحته فورًا!، فلما لقيتُ بعض إخواننا من منطقته سألتهم: أتعرفون فلانًا؟ فقالوا: نعم، ولكنه ترك الدعوة والالتزام! فقلت لهم: الرجل كان مُخبِرًا أمنيًّا، ولم يرجع إلى قواعده سالمًا! وتذكرت حديث (الإمام مسلم – الذي يطعن فيه الترابي) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ أَشْيَاءَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ إِرَادَةَ أَنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»، وهذا الحديث فيه ردٌّ على رجال الأمن، الذين يُفسدون ما بين السلطان والرعية!
وفي القصة عبرة، فالترابي ما كان يتحمل رأيًا مُخَالِفًا؛ إذ هو يسير على سنة فرعون: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر: 29].
وأذكر أن جارنا سابقًا حمور محمد زيادة أخبرني أنه رفض مصافحة الترابي لما مد له هذا الأخير يده في عقد قران في مكان ما، وكان إذ ذاك لا يتعدى العشرين عامًا!
أمَّا أن يمدح الترابي تلاميذه و(مُسْتَخَفٌّوهُ) فالشيء من معدنه لا يُستغرب! و(مُستَخَفُّوه) هذه اقتباسًا عن قول الحق جل وعلا عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
وأما أن يُنَافِق بمدحه الآفك شانِئوه! ويرتزق بتأبينه المُبتَدَعِ كارهوه! ويقال لنا: ابكوه وأبِّنُوه، فلا وألف لا! {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) [الدخان]}.
ولعل بعضهم بدروشته الفقهية! وورعه البارد! وأدبه الكاسد! أراد أن يخرج من المولد ببعض حمص!!
أما شهادة الزور التي قاءها ولا أقول قالها ممثل (أنصار السنة)، ذلك العاسر الخاسر، فأقول له: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].
فاشدُدْ للسؤال حيازيمك، واثبُتْ إن ملأ التُّرْبُ خياشيمك، ولن ينفعك يومئذ إنقاذ ولا تُرَابِيٌّ، واحذَرْ أن يكونَ خصمُك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، الذي طالما سخر (تُرَابِيُّكَ) من سنته، ولَعِب طول زمانه بشريعته، «فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ» كما قال حذيفة رضي الله عنه، أخرجه البيهقي، وابن الجعد، وابن بطة.
واعلم أن مؤسس جماعتك الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، كان لا يصف الإخوان المسلمين إلا بوصف: (خُوَّان المسلمين)، فلتخرج عن جماعته، أو تحذو حذوه!
فإنا لله وإنا إليه راجعون، أي سنة ينصرها هذا المأفون.
والغريب أن الترابي أكثر من تكلم عن الموتى بالسوء، بل واستهزأ بأفضل الموتى، أنبياء الله تعالى وصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم، فأين غيرة الموارِق؟! بل أين غضبة البوارق؟! يا داعية داعش المائق!!!
أما حديث: (اذكروا محاسن موتاكم) فحديث ضعيف، بشهادة راويه الإمام الترمذي رحمه الله، فقد قال: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ (عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ)، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيُّ مُنْكَرُ الحَدِيثِ)، و(محمدًا) هنا هو الإمام البخاري رحمه الله –الذي يطعن فيه الترابي- وهو شيخ الإمام الترمذي. وكذلك ضعف الحديثَ الإمامُ الألباني رحمه الله.
لكن صحَّ (في البخاري) –الذي يطعن فيه الترابي- عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا».
بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كما في صحيح البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- عن لعن بعض اليهود، الذين دعوا عليه بالموت! فعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» [والسام هو الموت في لغة العرب].
فشتَّان ما بينَ سبِّ الأموات المنهي عنه، والذي لا فائدة فيه ابتداءً، وبين التحذير من عقيدة رجلٍ ما زال فكرُهُ وضلالُه قائِمًا بعدَ موتِه! وما زال تلاميذُه يقدِّمونه على أنبياء الله ورسله بزعمهم!!
ولو كان الترابي شاربَ خمرٍ، أو آكلَ مَكْسٍ، أو ضاربَ دفٍّ، لسكتنا عنه بل ولترحمنا عليه، أمَا والرجل سليلُ ضلالة، ووريثُ عمالة؛ فلن نسكتَ عن آرائِه الزُّبالة!
ففي (صحيح الإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي): عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (ما علمت: (ما) مصدرية وليست نافية، والمعنى: علمي به أنه يحب الله ورسوله).
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضي الله عنهم، عن لعن شارب خمرٍ لأنه يحب الله ورسوله، فهل الترابي يحب الله ورسوله؟ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
والإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي، وفَّق بين ما أشْكَلَ على بعض الناس من النهي عن سب الموتى من باب، وذكر مساوئهم من بابٍ آخَر، وذلك أن من كان ضرره لازمًا على نفسه، كشارب الخمر والزاني، فلا فائدة من سبه، ولما سَبَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه المرأة التي زنت –بعد موتها-، سَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» [صحيح مسلم].
أما صاحب الفكر الضال فيُذكر ليُحذر!! ولو مات قبل ألف سنة!
أما توفيق الإمام الفذّ البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- بين الأمرين، فهو في تبويباته الفقهية الماتعة، التي يدِقُّ فهمها على عُبَّاد الهوى والضلالة، بأن بوَّب بباب (مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ) ثم أتبعه بباب (ذِكْر شِرَارِ المَوْتَى)؛ ليعلم الناس أن شرار الموتى من أصحاب الفكر الضال، يُحذر من فكرهم، ما دام موجودًا في الأنام! وإلا فعلى الدنيا السلام!
وفي صحيحي البخاري ومسلم -اللذين يطعن فيهما الترابي- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».
فقد روى الإمام البخاري رحمه الله – الذي يطعن فيه الترابي- حديثًا فيه جواز ذكر أهل الضلال والنفاق بما فيهم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا، فكان من خطبته أن قال: ((ألا إني أوشك أن أُدعَى فأُجِيب، فيليكم عُمَّاٌل من بعدي، يقولون ما يعلَمُون ويعمَلون بما يعرِفون، وطاعةُ أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهرًا، ثم يليكم عُمالٌ من بعدِهم يقولون ما لا يعلمون، ويعمَلون ما لا يعرفون فمن ناصَحَهم ووازَرَهم وشَدَّ على أعضادهم فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالِطُوهم بأجسادِكم وزَايِلُوهم بأعمالِكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسنٌ وعلى المسيءِ بأنه مُسيءٌ)). رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني رحمهم الله. فها نحن نشهد أنَّ الترابيَّ كان مسيئًا أيما سوءٍ.
وبما أننا من شهداء الله في الأرض، فالترابي انطبق عليه حديث البخاري –الذي يطعن فيه الترابي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" وفي رواية: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا (خَالِصًا)، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "، فما أكذبَ الترابي، وما أخلفه للوعد، وما أغدرَه بالعهد، وما أفجره في الخصام، وما أضيعه للأمانة.
وقد شهد على الهالكِ أقرب الناس إليه، عمر البشير، بوصفه له: «بالكذب والنفاق والغش باسم الدين»، وقال: «إن الترابي قضى عمره كله يغش في الناس باسم الشريعة واسم الدين» وقال: «كان ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية واليوم يرفضها وينادي بفتح البارات في الخرطوم والتي أغلقها الرئيس الأسبق النميري»، وقال: «الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين»، وقال: «ألم تقرؤوا بيانَه الذي وزعه يحرض فيه أبناءَ دارفور ليقتتلوا فيما بينهم».
ولا يدَّعِيَنَّ أحدٌ أنهم اصطلحوا فتنسخ هذه الشهادة؛ والشهادات من باب الأخبار لا من باب الأحكام التي يجوز نسخُها، والأخبار نسخُها تكذيب لمُخْبِرِها!
اللهم بلغنا اللهم اشهد
مختار بدري
الأحد 4/جمادى الثانية/ 1437


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.