مظاهرات في السودان دعمًا للجيش    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    مجلس السيادة يدين هجوم كادقلي    كامل إدريس يُحيِّي جموع الشعب السوداني على الاصطفاف الوطني خلف القُوّات المُسلّحة    الخرطوم .. تواصل نقل رفاة معركة الكرامة للأسبوع الثاني على التوالي    المريخ السوداني يصدر قرارًا تّجاه اثنين من لاعبيه    مناوي: قمت بتنوير الخارجية الألمانية بموقف الحكومة السودانية    بسبب ليونيل ميسي.. أعمال شغب وغضب من المشجعين في الهند    فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    إحباط عمليه إدخال مخدرات الى مدينة الدبة    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    المريخ " B"يكسب ودنوباوي بخماسية نظيفة والقائد يغادر إلى القاهرة    كورتوا ينقذ الريال من هزيمة كبيرة    السعودية والأردن إلى نصف النهائي    مقتل قائد بالجيش السوداني    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    شاهد بالصور.. فنان الثورة السودانية يكمل مراسم زفافه بالقاهرة    بعد مباراة ماراثونية.. السعودية تقصي فلسطين وتحجز مقعدها في نصف نهائي كأس العرب    لجنة التحصيل غير القانوني تعقد أول اجتماعاتها    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    أطعمة ومشروبات غير متوقعة تسبب تسوس الأسنان    جود بيلينغهام : علاقتي ممتازة بتشابي ألونسو وريال مدريد لا يستسلم    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو الترابي ... بقلم: مختار بدري
نشر في سودانيل يوم 16 - 03 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ولا عدوان إلا على الظالمين:
استدعاني الأمن للاستجواب مرتين في بداية التسعينيات، وكان المحقق معي هادئًا ورزينًا، إلا عندما سألني عن رأيي في (الشيخ حسن الترابي)، فقلت له: حسن الترابي ليس شيخًا ولا علاقة له بالشريعة! فحينذاك لم يستطع الرجل أن يضبط نفسه! فأخرج مكنونات تقديسه ومبثوثات تعظيمه لذلك المخلوق، الموسوم بحسن الترابي!! مع أنه لم يُصَب بالدهشة ولا اللوعة لما قلت له أن قتالهم في جنوب السودان ليس بجهاد! إذ الجهاد يكون لإعلاء كلمة الله، وكلمةُ الله ليست العليا في الخرطوم التي تحت أيديهم، فكيف يعلونها في الجنوب؟!!!
والعجيب أن شيخهم بعد أن كان يقول: عرس الشهيد، وعرس في الأرض، وعرس في السماء، أصبح ينكر شهادتهم وجهادهم! وهذا يدل على اضطراب الرجل الفكري، واستخفافه بالسامع والتابع!
ثم دارت الأيام فلقيني شاب عام 2006، فسلَّم عليَّ بحرارة، فلما أحس أني لم أعرفه قال لي باستحياءٍ: أنا فلان الفلاني، من منطقة كذا، -وأشار إلى لحيته المحلوقة-، نحن كنا مسلطين عليكم في (مسجد الصافية) قبل مفاصلة الترابي سنة 1999، فالرجل كان تابعًا لأمن الترابي، وأخبرني أنه أُقِيل تبعًا للترابي، وطلب مني العفو والمسامحة، فسامحته فورًا!، فلما لقيتُ بعض إخواننا من منطقته سألتهم: أتعرفون فلانًا؟ فقالوا: نعم، ولكنه ترك الدعوة والالتزام! فقلت لهم: الرجل كان مُخبِرًا أمنيًّا، ولم يرجع إلى قواعده سالمًا! وتذكرت حديث (الإمام مسلم – الذي يطعن فيه الترابي) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ أَشْيَاءَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ إِرَادَةَ أَنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»، وهذا الحديث فيه ردٌّ على رجال الأمن، الذين يُفسدون ما بين السلطان والرعية!
وفي القصة عبرة، فالترابي ما كان يتحمل رأيًا مُخَالِفًا؛ إذ هو يسير على سنة فرعون: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر: 29].
وأذكر أن جارنا سابقًا حمور محمد زيادة أخبرني أنه رفض مصافحة الترابي لما مد له هذا الأخير يده في عقد قران في مكان ما، وكان إذ ذاك لا يتعدى العشرين عامًا!
أمَّا أن يمدح الترابي تلاميذه و(مُسْتَخَفٌّوهُ) فالشيء من معدنه لا يُستغرب! و(مُستَخَفُّوه) هذه اقتباسًا عن قول الحق جل وعلا عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
وأما أن يُنَافِق بمدحه الآفك شانِئوه! ويرتزق بتأبينه المُبتَدَعِ كارهوه! ويقال لنا: ابكوه وأبِّنُوه، فلا وألف لا! {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) [الدخان]}.
ولعل بعضهم بدروشته الفقهية! وورعه البارد! وأدبه الكاسد! أراد أن يخرج من المولد ببعض حمص!!
أما شهادة الزور التي قاءها ولا أقول قالها ممثل (أنصار السنة)، ذلك العاسر الخاسر، فأقول له: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].
فاشدُدْ للسؤال حيازيمك، واثبُتْ إن ملأ التُّرْبُ خياشيمك، ولن ينفعك يومئذ إنقاذ ولا تُرَابِيٌّ، واحذَرْ أن يكونَ خصمُك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، الذي طالما سخر (تُرَابِيُّكَ) من سنته، ولَعِب طول زمانه بشريعته، «فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ» كما قال حذيفة رضي الله عنه، أخرجه البيهقي، وابن الجعد، وابن بطة.
واعلم أن مؤسس جماعتك الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، كان لا يصف الإخوان المسلمين إلا بوصف: (خُوَّان المسلمين)، فلتخرج عن جماعته، أو تحذو حذوه!
فإنا لله وإنا إليه راجعون، أي سنة ينصرها هذا المأفون.
والغريب أن الترابي أكثر من تكلم عن الموتى بالسوء، بل واستهزأ بأفضل الموتى، أنبياء الله تعالى وصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم، فأين غيرة الموارِق؟! بل أين غضبة البوارق؟! يا داعية داعش المائق!!!
أما حديث: (اذكروا محاسن موتاكم) فحديث ضعيف، بشهادة راويه الإمام الترمذي رحمه الله، فقد قال: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ (عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ)، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيُّ مُنْكَرُ الحَدِيثِ)، و(محمدًا) هنا هو الإمام البخاري رحمه الله –الذي يطعن فيه الترابي- وهو شيخ الإمام الترمذي. وكذلك ضعف الحديثَ الإمامُ الألباني رحمه الله.
لكن صحَّ (في البخاري) –الذي يطعن فيه الترابي- عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا».
بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كما في صحيح البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- عن لعن بعض اليهود، الذين دعوا عليه بالموت! فعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» [والسام هو الموت في لغة العرب].
فشتَّان ما بينَ سبِّ الأموات المنهي عنه، والذي لا فائدة فيه ابتداءً، وبين التحذير من عقيدة رجلٍ ما زال فكرُهُ وضلالُه قائِمًا بعدَ موتِه! وما زال تلاميذُه يقدِّمونه على أنبياء الله ورسله بزعمهم!!
ولو كان الترابي شاربَ خمرٍ، أو آكلَ مَكْسٍ، أو ضاربَ دفٍّ، لسكتنا عنه بل ولترحمنا عليه، أمَا والرجل سليلُ ضلالة، ووريثُ عمالة؛ فلن نسكتَ عن آرائِه الزُّبالة!
ففي (صحيح الإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي): عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (ما علمت: (ما) مصدرية وليست نافية، والمعنى: علمي به أنه يحب الله ورسوله).
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضي الله عنهم، عن لعن شارب خمرٍ لأنه يحب الله ورسوله، فهل الترابي يحب الله ورسوله؟ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
والإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي، وفَّق بين ما أشْكَلَ على بعض الناس من النهي عن سب الموتى من باب، وذكر مساوئهم من بابٍ آخَر، وذلك أن من كان ضرره لازمًا على نفسه، كشارب الخمر والزاني، فلا فائدة من سبه، ولما سَبَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه المرأة التي زنت –بعد موتها-، سَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» [صحيح مسلم].
أما صاحب الفكر الضال فيُذكر ليُحذر!! ولو مات قبل ألف سنة!
أما توفيق الإمام الفذّ البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- بين الأمرين، فهو في تبويباته الفقهية الماتعة، التي يدِقُّ فهمها على عُبَّاد الهوى والضلالة، بأن بوَّب بباب (مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ) ثم أتبعه بباب (ذِكْر شِرَارِ المَوْتَى)؛ ليعلم الناس أن شرار الموتى من أصحاب الفكر الضال، يُحذر من فكرهم، ما دام موجودًا في الأنام! وإلا فعلى الدنيا السلام!
وفي صحيحي البخاري ومسلم -اللذين يطعن فيهما الترابي- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».
فقد روى الإمام البخاري رحمه الله – الذي يطعن فيه الترابي- حديثًا فيه جواز ذكر أهل الضلال والنفاق بما فيهم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا، فكان من خطبته أن قال: ((ألا إني أوشك أن أُدعَى فأُجِيب، فيليكم عُمَّاٌل من بعدي، يقولون ما يعلَمُون ويعمَلون بما يعرِفون، وطاعةُ أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهرًا، ثم يليكم عُمالٌ من بعدِهم يقولون ما لا يعلمون، ويعمَلون ما لا يعرفون فمن ناصَحَهم ووازَرَهم وشَدَّ على أعضادهم فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالِطُوهم بأجسادِكم وزَايِلُوهم بأعمالِكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسنٌ وعلى المسيءِ بأنه مُسيءٌ)). رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني رحمهم الله. فها نحن نشهد أنَّ الترابيَّ كان مسيئًا أيما سوءٍ.
وبما أننا من شهداء الله في الأرض، فالترابي انطبق عليه حديث البخاري –الذي يطعن فيه الترابي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" وفي رواية: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا (خَالِصًا)، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "، فما أكذبَ الترابي، وما أخلفه للوعد، وما أغدرَه بالعهد، وما أفجره في الخصام، وما أضيعه للأمانة.
وقد شهد على الهالكِ أقرب الناس إليه، عمر البشير، بوصفه له: «بالكذب والنفاق والغش باسم الدين»، وقال: «إن الترابي قضى عمره كله يغش في الناس باسم الشريعة واسم الدين» وقال: «كان ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية واليوم يرفضها وينادي بفتح البارات في الخرطوم والتي أغلقها الرئيس الأسبق النميري»، وقال: «الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين»، وقال: «ألم تقرؤوا بيانَه الذي وزعه يحرض فيه أبناءَ دارفور ليقتتلوا فيما بينهم».
ولا يدَّعِيَنَّ أحدٌ أنهم اصطلحوا فتنسخ هذه الشهادة؛ والشهادات من باب الأخبار لا من باب الأحكام التي يجوز نسخُها، والأخبار نسخُها تكذيب لمُخْبِرِها!
اللهم بلغنا اللهم اشهد
مختار بدري
الأحد 4/جمادى الثانية/ 1437


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.