عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. كان اللقاء كرنفالاً كردفانياً خالصاً. هكذا أجمع الذين حضروا ذلك الحشد، الذي لم يسبق له مثيل من حيث الحضور والمحتوى ودقة التنظيم وأناقة المظهر والأداء! وقد تكون شهادتي مجروحة؛ ولكن بشهادة كثير من الحضور، كان لقاء أبناء شمال كردفان بسعادة المشير سوار الدهب والسيد الوالي أحمد هارون، والوفد المرافق لهما، في بيت السودان الكبير، سفارة السودان بالرياض، مهرجاناً ثقافياً، بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فمنذ الساعة الرابعة عصراً، في مساء الجمعة الموافق الخامس عشر من أبريل الجاري، توافد أبناء وبنات الولاية، ونفر كريم من أعضاء الجالية السودانية المقيمة بالرياض، من مختلف ولايات السودان، إلى مقر السفارة بالحي الدبلوماسي ليشهدوا عروضاً تراثية متنوعة ومثيرة شملت الجراري والتوية والهسيس والمردوم والدوبيت، وغيرها من ضروب الرقصات الشعبية والفن الكردفاني الأصيل الذي يعكس عراقة أهل شمال كردفان وطلاوة شعرهم وسماحتهم المشهودة. وقد كان الأداء تلقائياً وعفوياً ينم عن صدق المشاعر والإحساس. كما ازدانت ردهات السفارة بمنتجات الولاية من مأكل ومشرب نال أعجاب الجميع، ومعروضات زاهية زادت المشهد ألقاً ورونقاً. ومن هنا لا نملك إلا أن نرفع قبعاتنا لحواء شمال كردفان، وبنات السودان عموماً، فقد أبدعن في تقديم مأكولات ومشروبات شعبية تعكس تراثنا الغذائي، الذي يعتمد على ما تنتجه بيئة شمال كردفان البكر من مواد غاية في الطعم الرائع والنكهة الطيبة والمذاق الحلو. فلله دركم أهلي الكرام إذ اظهرتم صدق انتمائكم لدياركم، وتمسككم بتراثها، وتفاعلكم معه، في مشهد بهيج أدخل البهجة في نفوس الحضور الذين أصابتهم الدهشة بذلك التنوع الثقافي والفن الراقي والأداء المتفرد. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله؛ ولذلك نتقدم بالشكر لسفارتنا بالرياض وخاصة سعادة السفير، الأستاذ عبد الحافظ إبراهيم، الذي ظل يقود سفينة العلاقات السودان _السعودية، في ظرف إقليمي متلاطم الأمواج، حتى رست في بر الأمان. والشكر موصول لكل إخوتنا في السفارة السودانية، حيث أعلن السفير الدكتور أحمد التجاني سوار، نائب رئيس البعثة الدبلوماسية، وقفتهم معنا في سبيل نهضة الولاية، في خطابه أمام اللقاء بفتى شمال كردفان البار، أحمد هارون، ورمز الوفاء والتواضع سعادة المشير سوار الدهب، الرجل القامة التي تقصر دونها هامات الرجال، والوفد المرافق لهما، يتقدمه الأستاذ بشير كرسي، الخبير الاقتصادي والإداري المعروف، مع أبناء الولاية في تلاحم يدل على تواصل الراعي والرعية، دون تكلف أو حواجز. وفي تلك الليلة رفع أبناء وبنات شمال كردفان التمام لمولانا أحمد هارون معلنين اصطفافهم خلف نفير نهضة شمال كردفان ودعمهم غير المحدود لمشروعات النهضة! وقد خاطب الحشد سعادة المشير سوار الدهب مشيداً بالعلاقات الوطيدة والمتميزة، بين السودان والمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أطال الله عمره، وحكومته الرشيدة، التي ما فتئت تقف مع السودان في أحلك الظروف مقدمة له العون والمساعدة، فضلاً عن استضافتها لمئات الآلاف من أفراد الجالية السودانية في مختلف التخصصات والمجالات. ومن جانبه تحدث مولانا أحمد هارون والي شمال كردفان مخاطباً الحضور بواقعية متفردة وأسلوب خلا من تنميق الكلام بما لا يفيد، ولذلك كان كلامه من القلب إلى القلب، وشرح فكرة مشروع النهضة التي تعني شيئاً أعمق وأبعد أثراً من التنمية؛ فالنهضة تشمل، ضمن أشياء أخرى، الإحياء بمعناه الواسع، مادياً ومعنوياً، بما في ذلك إعادة الثقة إلى نفوس الناس؛ بحيث يشعر الجميع أنهم معنيون بأمر النفير والنهضة، ليس هذا فحسب، بل إنهم شركاء أصيلون في هذا المشروع القاصد الذي خرج من بين سهول شمال كردفان ورمالها ليعيد لها الحياة والحيوية في شكل مشروعات خطط لها نفر من العلماء والخبراء من أبناء وبنات ولاية شمال كردفان. ولهذا السبب فإن مشروعات نفير النهضة نابعة من وجدان أهل شمال كردفان وتصب في مصلحتهم وتمهد لمستقبل زاهر يضع ولاية شمال كردفان في موقع متقدم من حيث زيادة الإنتاج والإنتاجية في المجالات كافة زراعياً وصناعياً واجتماعياً وثقافياً؛ حتى تحقق شعار "برنجي بلك"، وهي لذلك تهدف لاستنهاض الهمم وحث أبناء شمال كردفان على البذل والعطاء، بيد أن كثيراً من هذه المشاريع يعد مشروعات قومية تخدم المصلحة العامة للبلاد. إن الحديث الصادق والواقعي الذي أدلى به مولانا أحمد هارون ألهب قريحة الشعراء فجادت بدرر من القول الرائع والنظم الراقي في مساندة نهضة شمال كردفان مما أثار أعجاب الحضور وزادهم حماساً وتفاعلاً مع الحدث والحديث فرددوا شعارات النفير: مويه_ طريق _ مستشفى_ والنهضة خيار الشعب". ظل الحضور الأنيق ملتزماً بحسن الاستماع والاستمتاع بفقرات البرنامج الذي شمل تكريماً مستحقاً لسعادة المشير سوار الدهب ومولانا أحمد هارون حتى انفض السامر وهم في غاية الحبور والسعادة، قبيل منتصف الليل بقليل، وكأني بالجميع يقولون لرائد نفير النهضة، سر وعين الله ترعاك، ولو استعرضت بنا طريق أم درمان _جبرة الشيخ_ بارا لرصفناه من بارا إلى العامرية ما تخلف منا رجل ولا امرأة.