تسبب غضب الأسعار الذي يُخيّم على السودان لليوم الثاني على التوالي بمقتل اثنين من المحتجين وإصابة 37 شرطياً واعتقال 103 آخرين، نتيجة تظاهرات وأعمال شغب اندلعت في مدينة ودمدني، ثاني أكبر المدن السودانية، فيما شهدت أم درمان أعمال نهب وحرق مقر للحزب الحاكم، وسط انتشار كثيف لقوات الشرطة في العاصمة الخرطوم غداة تنفيذ الحكومة قرار رفع الدعم عن المحروقات. وبينما أعلن المكتب الصحافي لقوات الشرطة وفاة المواطن أحمد محمد علي (23) سنة، إثر إصابته بطلق ناري مساء الاثنين أثناء تظاهرات البعض في مدينة ودمدني، تواترت أنباء عن ارتفاع حصيلة القتلى إلى شخصين. رصاصة مدنية وأوضح المكتب، في بيان نقلته وكالة السودان للأنباء الرسمية، أن «عدداً من المتظاهرين بمنطقة عووضة بودمدني بدأوا في رشق عربات المارة بالحجارة، وفي الأثناء انطلقت رصاصة من عربة مدنية عابرة إثر رشقها بالحجارة أصابت المواطن أحمد محمد علي أدت لوفاته في الحال، وفرت العربة هاربة». وبحسب البيان، فإن الشرطة اتخذت الإجراءات القانونية وما زالت توالي البحث عن الجاني. وأفاد شهود عيان بأن سيارات الشرطة انتشرت، خاصة عند مواقف المواصلات وأمام عدد من الجامعات في الخرطوم، فيما تبدو حالة من الحذر والترقب. إصابات واعتقالات وأعلنت مصادر أمنية إصابة 37 شرطياً بإصابات متفاوتة، منها 5 إصابات جسيمة. في حين أعلن الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية الجزيرة محمد الكامل فضل الله توقيف 103 أشخاص قال: إنهم تسببوا في الشغب، وسيقدمون للمحاكمة. وأعلن الناطق الرسمي للحكومة وزير الإعلام، للصحافيين، عن فرض الحكومة طوقاً رقابياً مشدداً على الأسواق «لحسم النشاط الطفيلي والسماسرة وضبط الأسعار»، وتعهد بعدم اللجوء إلى القوة المفرطة في التعامل مع أية احتجاجات بشأن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة إلا في حالة التعدي على الممتلكات والمرافق. حرق مقر وأكد شهود عيان أن محتجين سودانيين نهبوا وأحرقوا أمس مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان في منطقة امبده في مدينة أم درمان. وقال شاهد عيان: «كنت أقف على بعد 300 متر من مقر المؤتمر الوطني في امبده في أم درمان، وشاهدت النار تشتعل في طوابقه الثلاثة، كما شاهدت آخرين يحملون أثاثاً من داخل المقر». وأضاف: «أثناء اشعال النار كانت قوة من الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين». وقال شاهد عيان آخر: «شاهدت العشرات يشعلون النار ويكسرون الأبواب والنوافذ في مقر حزب المؤتمر الوطني بامبده». تجدد احتجاجات وتجددت الاحتجاجات في مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة لليوم الثاني على التوالي. وقال أحد طلبة جامعة الجزيرة «منذ صباح اليوم «أمس الثلاثاء» طوقت الشرطة وقوات الأمن مباني كليات الجامعة ما منع طلاب الجامعة من الخروج الى الشارع». وأضاف: إن «المواطنين أغلقوا الشوارع الرئيسية في أحياء المدينة وهم يهتفون الشعب يريد إسقاط النظام، وأحرقوا إطارات قديمة فاشتبكوا مع الشرطة التي أطلقت الغاز المُسيّل للدموع». وفي مدينة أم درمان أبلغ شاهد عيان أنه شاهد النيران تشتعل في محطة وقود. كما تظاهر العشرات في وسط مدينة الخرطوم بحري وأطلقت الشرطة الغاز المُسيّل للدموع في مواجهتهم. التزام بالقانون أمر المدير العام لقوات الشرطة السودانية الفريق أول هاشم عثمان الحسين، بأن يتم التعامل وفق القانون ضد أيّ مظهر من مظاهر الانفلات، أو إثارة الفوضى، أو محاولة الإخلال بالأمن، أو تعطيل حركة المواطنين أو التعرض لممتلكاتهم. وبدأت الحكومة السودانية الاثنين زيادة أسعار المواد النفطية كجزء من حزمة إصلاحات اقتصادية في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع سعر العملة المحلية.