في وقت لم تكترث فيه قبيلة دينكا نقوك بإعلان حكومتي الخرطوموجوبا عدم اعترافهما بنتائج استفتائها غير الرسمي الذي تجريه في منطقة أبيي حاليا، تعهد الرئيس السوداني عمر البشير بالعمل مع نظيره الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت للتوصل إلى حل نهائي ومرض لكل الأطراف في المنطقة. وفشلت التحذيرات الدولية والإقليمية والمحلية كافةً في إقناع القبيلة بعدم إجراء استفتاء أحادي مرفوض قانونا. وقال الرئيس السوداني في خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية (البرلمان) إنه يسعى مع الرئيس الجنوب سوداني لمعالجة أزمة المنطقة "وصولا لإزالة الضغائن والمرارات وإدامة التعايش والاستقرار بين مكونات المنطقة المختلفة"، مؤكدا أن التحديات التي واجهت الدولتين قد زالت بفضل الحوار والتواصل بينهما. ورغم ما أحدثته خطوة نقوك من حراك سياسي في الدولتين، فإن رئيس اللجنة الإشرافية للمنطقة من طرف السودان الخير الفهيم أكد أن موقف جوبا أزال كثيرا من التوتر في المنطقة. وكانت حكومة جنوب السودان أصدرت بيانا الأسبوع الماضي أعلنت خلاله رفضها للاستفتاء من طرف واحد. واعتبر الفهيم في تصريحات صحفية أن الخطوة تصبّ في الاتجاه الإيجابي نحو علاقات جيدة بين البلدين "لأنها تأتي تنفيذا لمقررات قمة البشير سلفاكير الأخيرة". دينكا نقوك واصلت الاستفتاء في أبيي (الجزيرة نت) أسوأ الاحتمالات أما ناظر عموم قبائل المسيرية مختار بابو نمر فأشار إلى وجود المسيرية "بكل عتادهم في منطقة الداير على بعد 15 كلم شمال أبيي"، مؤكدا تأهب المسيرية "لأسوأ الاحتمالات في سبيل الدفاع عن أرض أجدادهم". وطالب في تصريحات صحفية القوات الأممية بالحياد في التعامل مع القبيلتين بحفظ الأمن حسب المهمة التي جاءت من أجلها، داعيا دولتي السودان للالتزام بالمواثيق المتفق عليها حسب برتوكول أبيي "حتى لا تعود المنطقة إلى مربع الحرب من جديد". من جهته اعتبر حزب الأمة القومي المعارض في السودان -والذي يحظى بكثير من التأييد بين قبائل المسيرية- أن إجراء الاستفتاء من جانب واحد لا معنى له ولا مصلحة منه، "بل هو ضار يساهم في توتر الأوضاع بالمنطقة ويتعدى تأثيره إلى أكثر من ذلك". وقال الحزب، الذي يتزعمه الصادق المهدي في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه، إنه ما زال يرى إمكانية أن تكون أبيي منطقة للتعايش والتواصل بين مكوناتها المحلية ودولتي السودان، معتبرا أن أي استفتاء من طرف واحد يهدد ذلك التعايش. وأبدى الحزب تأييده لتشكيل إدارة ومجلس للمنطقة "على أن تكون تلك الأجسام قومية التكوين حتى تساهم في حل القضية بشكل ناجز". ودعا إلى إرجاع حل القضية لأهلها من المسيرية ودينكا نقوك بعيدا عن أي تدخلات خارجية تقلل من فرص الحلول السلمية الحقيقية. بروتوكول أبيي من جهته يرى رئيس المجموعة الاستشارية للسكان الحاج حمد أن لا مخرج من الأزمة الحالية إلا بالرجوع إلى بروتوكول أبيي، مشيرا إلى وجود أياد خارجية تعبث بأمن المنطقة حاليا. ويقول إن نفوذ أبناء دينكا نقوك في حكومة جنوب السودان "سيشجعهم على دفع الأمور باتجاه الحرب بين الدولتين وليس قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك فحسب". ويعتقد أن جوبا ليست ضد إستراتيجية دينكا نقوك "لكنها تعمل على ترتيب أولوياتها أولا"، متوقعا تأييد جوبا لخطوة نقوك في نهاية المطاف "وذلك بعد تأمين خطوط البترول ومسارات تجارته". يشار إلى أن عمليات الإدلاء بالأصوات في الاستفتاء الشعبي بشأن مصير أبيي، والذي تنظمه عشائر دينكا نقوك التسع، تواصلت أمس دون مشاركة من حكومتي السودان وجنوب السودان، في حين ترفض قبيلة المسيرية هذا الاستفتاء وتهدد باجتياح مدينة أبيي إذا قامت عشائر دينكا نقوك بضم المدينة إلى جنوب السودان. ويستمر التصويت في الاستفتاء حتى اليوم الثلاثاء حيث لا تزال مراكز الاقتراع ال29 مفتوحة أمام أكثر من مائة ألف مواطن سجلوا للتصويت على خياري البقاء في السودان أو الانضمام إلى جنوب السودان. وانطلقت عملية التصويت أول أمس الأحد وسط مواقف موحدة من حكومتي جوباوالخرطوم اللتين أعلنتا عدم اعترافهما بأي نتيجة تصدرها المفوضية الشعبية لاستفتاء منطقة أبيي التي شُكلت الأسبوع الماضي، في حين أعلن الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي عدم موافقتهما على أي خطوة أحادية للاستفتاء في أبيي. وتشكل أبيي -وهي منطقة تبلغ مساحتها نحو عشرة آلاف كلم مربع- إحدى أهم نقاط الخلاف التي لم يعالجها اتفاق السلام الشامل المبرم عام 2005 لإنهاء الحرب والذي أدى لانفصال الجنوب عام 2011. وأرجئ الاستفتاء -الذي ينص عليه اتفاق السلام- بشأن تقرير مصير أبيي أكثر من مرة بسبب خلاف بين الخرطوموجوبا على الكتلة الناخبة التي يحق لها التصويت فيه.