مؤخراً، كان الرئيس السوداني عمر البشير على متن طائرة سودانية متوجهاً من الخرطوم إلى العاصمة الإيرانيةطهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد «روحاني». كان معه على متن الطائرة وفد مكون من عدة وزراء من بينهم وزير الدولة الجنرال بكري حسان صالح، ووزير الخارجية علي كرتي، ومعهم وزيرا الزراعة والاستثمار، بالإضافة إلى محمد عطا، رئيس جهاز الاستخبارات السوداني. من منطلق سياسي، يعتبر هذا الوفد على درجة عالية ورفيعة جداًّ. البشير اصطحب معه أكثر الوزراء تأثيراً، وكان من الواضح، بالنظر إلى طبيعة الوفد المرافق للبشير، أنه حينما ذهب إلى إيران فإن ذلك لم يكن بقصد حضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد فقط، بل أيضاً من أجل الدخول في سلسلة مباحثات معمقة تنتهي باتفاقات بين الطرفين السوداني والإيراني على صعيد تطوير العلاقات بين البلدين، وتبادل المعلومات الاستخبارية، والتعاون في مجالي الزراعة والاستثمار. بمعنى آخر، حكومة البشير ترى الآن أن مصلحتها تكمن في تقوية وتطوير علاقاتها بالنظام الإيراني. الطائرة التي كانت تقل البشير والوفد المرافق له، لم يسمح لها بالمرور فوق أجواء المملكة العربية السعودية بسبب عدم حصولها على تصريح بالمرور، وظلت الطائرة تدور فوق الأجواء السعودية حتى عادت إلى الخرطوم، ومع ذلك فقد وجد البشير طريقه إلى إيران عبر رحلة أخرى ومسار آخر. قبل هذه الحادثة بفترة قصيرة، كان الرئيس البشير قد اضطر إلى الانسحاب سريعاً من مؤتمر الاتحاد الإفريقي للصحة بالعاصمة النيجيرية «أبوجا» والعودة إلى الخرطوم بعد أن حثت محكمة الجنايات الدولية السلطات النيجيرية على القبض على البشير الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال لاتهامه بارتكاب جرائم حرب. وكانت كل من حكومتي تركمنستان وطاجكستان قد رفضتا في وقت سابق التصريح للرئيس السوداني البشير بالمرور فوق أجوائهما. التقارب السوداني الإيراني لم يقابل بالصمت من قبل دول مجلس التعاون، والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، إلا أن النظام السوداني استمر في المضي قدماً في منح موطئ قدم عسكرية لنظيره الإيراني على البحر الأحمر، وفي مقابل ذلك يأمل السودان في الحصول على دعم إيراني بالتدريب والسلاح لمواجهة المتمردين في مختلف الجبهات، والذين وجهوا ضربات موجعة لنظام البشير خلال المرحلة السابقة.