كاتب وصحفي سوداني اسمه (محمد علي صالح )وكما أدرج في أواسط مقاله بأنه (مقيم بواشنطون منذ ثلاثين عاما وغائب عن قريته عشرين عاما )قرأت مقاله بصحيفة الواشنطون بوست يوم السبت الماضي وكانت بعنوان )كيف تبدو صورة أمريكا من السودان )اختار الكاتب محور مقاله شكوى وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلاري كلينتون )والتي (بثتها )إمام مجلس الشيوخ ودعواها حول التخفيضات المقترحة في الميزانية المخصصة وحجتها ان هناك حاجة الي المزيد من المال لتحسين صورة الولاياتالمتحدة في الخارج .وبرأيه –أي الكاتب –ان كلينتون أغفلت شيئين أساسيين في دعواها وهما :ان محاولة الرئيس بوش وإنهائه لحرب الأفكار وزيارته لميزانية الدبلوماسية لم تفلح في تحسين سمعة امريكا وخصوصا في العالم الإسلامي . .والشيء الثاني ان الضرر الذي أصاب هذه السمعة لم يكن مرده المبادئ الأمريكية والتقدير الهائل لقيم الحرية والعدالة او من تعاطف الشعب الأمريكي او التقدم الكبير في مجال العلوم والتكنولوجيا وإنما من تبعات سياستها الخارجية .وفي قفزة (حكواتية )وسيريالية مميزة ينقل الكاتب الي دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية لمرافقته في زيارة الي قريته (وادي الحاج )بالقرب من (ارقو)علي نهر النيل وأخذا في وصف قريته وان كنت أبدو متحفظة تجاه التشبيه الذي (الصقه )بوادي الحاج بأنها تشبه واحدة من تلك القرى الأفغانية التي تظهر علي شاشة التلفاز وربما ليبعد الصورة الذهنية المتشكلة لدي القارئ الأمريكي عن القري الأفغانية (المحفورة )داخل الكهوف وبين الجبال فلا بيوت من الطين يمكن ان تصمد هناك ..!ولا ادري لم تداعيت الي خاطري مقاطع من رواية (موسم الهجرة الي الشمال )وأنا أتابع وصف الأستاذ محمد صالح لتفاصيل قريته ومحاولاته الاندماج في الطقوس ،حتى لا تأخذ أهل قريته الريبة في صدق انتماءه للمكان ،بدءا من لبسه (الجلابية البيضاء )،وارتدائه (مركوب )جلد النمر واستخدامه يديه في الأكل ..الي أخر الممارسات القروية القحة –حسب نقله –ويخلص الكاتب الي ان نتائج الاستطلاع الذي أجراه وسط أفراد قريته عكس له ثقافة عالية وإلمام معرفي بالشؤون الأمريكية ربما تتساوي بشعبية حزب الله اللبناني وحركة طالبان بين ذات القرويين ...ويؤمن الكاتب بعد عودته الي واشنطون السياسية المتخمة بالخوف والغضب والارتباك والتوتر علي دعاء ذلك المزارع القروي الذي دعا الي ان يهدي الله أمريكا ،دعاء لم تسأله إياه هيلاري المعنية بتحسين سمعة الولاياتالمتحدة في الخارج أو كما ذكر الكاتب وكأنما سمعة الولاياتالمتحدة تتمركز علي مقدار ما تنفق ..! نقلا عن صحيفة الوفاق بتاريخ :9/3/2011م