تحليل سياسي على الرغم من أن ما جري فى أبيى وجنوب كردفان من أحداث شهدتها الأسابيع المنصرمة ولا تزال تشهدها كان سببها الرئيس تجاوزات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية ومساسه بشرف الجيش السوداني بتوجيه بنادقه نحو – من وراء ظهره – غدراً إلا أن كل ذلك لم يحرك فى الأحزاب السودانية المعارضة – للأسف الشديد – النخوة الوطنية والشعور العالي بالعزة حيال قوات سودانية تحمل الرمزية الوطنية و تجسد سيادة الدولة – بصرف النظر عن الموقف من السلطة السياسية القائمة – ليس ذلك فحسب ولكن حتى بعض منسوبي الجيش سابقاً حاول بعضهم المساس بشرف الجندية السودانية فى سعي لاغتيال واحدة من أهم قلاع الشرف الوطني وهى قواته المسلحة. فعلي سبيل المثال هنالك ضابط سابق عمل بجهاز أمن الدولة فى الحقبة المايوية يدعي أبو رنات ، وشغل فى تلك الفترة منصب مدير مكتب رئيس جهاز أمن الدولة وقتها اللواء عمر محمد الطيب لم يجد حرجاً – متجاوزاً كل أعراف الجندية والشرف الوطني – فى ذم الجيش السوداني والحديث عنه بسلبية أثارت كوامن الكثيرين و أوغرت صدورهم . فهذه ليست شيمة السوداني الأصيل ، دعك من الذى تزيّا بزي الجندية الباذخ الشرف . أبو رنات تطاول على احد صفحات الإسفير على الجيش السوداني وسخر الرجل من زملاء السلاح ورمزية الجيش ، وفى الواقع ما كان الرجل – بهذه الصفة المتواضعة من الرجولة يستحق الاهتمام لولا أن ضابطاً آخر ألقمه حجراً ، يبدو أنه كان بمثابة الترياق الذى قضي على سمّه الزعاف . فعلي ذات الصفحة الإسفيرية قال انه جندي سابق لا صله له بالسلطة الحالية (يا أبو رنات نحن فى القوات المسلحة نعرف تاريخك ، وتاريخك فى جهاز أمن الدولة معروف ، وكان أفضل أن تحدثنا عن ما قدمته للقوات المسلحة وأنت فى محاكمتك بسببها وبعدها اختفيت) و يضيف الرجل إشارة تقشعر لها الأبدان ، ففغر لها أبو رنات فاهه! (هل نسيت يا أبو رنات خلية التجسس ضد الدولة التى اتهمت بإدارتها) ؟ أنظر عزيزي القارئ – رجل يذم القوات المسلحة – وهو أصلاً متهم فى يوم من الأيام بإدارة خلية تجسس ضد الدولة وليس ضد السلطة المايوية التى كان يعمل فيها! أنظر الي رجل يذم الجيش السوداني و كانت له اليد الطولي فى نقل اليهود الفلاشا إلى اسرائيل ! لقد مضي الضابط ليذكِّر أبو رنات – بحديث مباشر و واضح – عن الضباط الشرفاء الذين عملوا فى جهاز الأمن المايوي والذين استعانت بهم الإنقاذ ، وكيف طورت القوات المسلحة قدراتها وتسليحها . هذا نموذج للذين فرغت جوانحهم من الإحساس الوطني و تنكروا لشرف بلادهم و نسوا تاريخهم المخزي و لم يجدوا حرجاً فى تثبيط همة جيش بلادهم !