فى شهادة له أمام الكونغرس الأمريكي -الخميس الماضي- قال القيادي بالحركة الشعبية د. لوكا بيونق ان الجيش السوداني يقوم بارتكاب جرائم حرب فى أبيي وإبادة جماعية فى جنوب كردفان. بيونق الذى ليست له صفة رسمية الآن، أسبغت عليه جهات أمريكية صفة غامضة ذات مضمون مثير للريبة، بوصفها له أنه رئيس لمنظمة كوش السودانية الأمريكية! ولا ندري هل هذه المنظمة التى يترأسها بيونق هى منظمة إنسانية أم أخوية أم خيرية ؛ كما لا ندري متي اجتمعت جمعيتها العمومية وأين ومتي تم اختيار بيونق رئيساً لها؟ وما من شك ان بيونق لم يفعل فى شهادته هذه أمام الكونغرس سوي ترديد ما طُلب منه والقيام بالدور المرسوم له ، إذ من الغريب حقاً ان يزعم رجل مثل د. لوكا أن أبيي بها جرائم حرب وإبادة جماعية ، والرجل ينتمي الى المنطقة ويعلم المعادلة الاثنية التي جاءت للإنتخاب الطبيعي (دنيكا نقولك وقبائل المسيرية) و يعلم د. لوكا بيونق ايضاً استحالة وقوع قتيل من إثنية من إثنيات المنطقة ، دون ان يثير ذلك الرأي العام بأسره لأن المنطقة مكشوفة إثنياً والكل يعرف الآخر. فى ظل واقع كهذا من المستحيل تماماً وقوع جرائم ضد الإنسانية او إبادة عرقية أو غيرها مما تخرَّص به بيونق ! وإذا ما وجدنا للدكتور لوكا العذر فى أنه لا يزال يلهث أملاً فى جعل أبيي جنوبية ، بعدما أصبح جنوب السودان جمهورية مستقلة وترك وراءه أبيي تابعة للشمال فإننا لا نجد له العذر بأن يكون طريقه لاسترداد أبيى هو المشي فوق جثة السودان ودماء بنيه، فالدكتور لوكا- حتى هذه اللحظة شمالي شاء أم أبي ، لأنه ينحدر من منطقة أبيي وهى تقع ضمن ولاية جنوب كردفان بشمال السودان ، كما ان الدكتور لوكا وصل الى قناعة فيما يبدو الى عدم قدرة الحركة الشعبية التى يتبع لها على انتزاع أبيي سلماً أو حرباً وجعلها تابعة للجنوب ، ولهذا فليس هنالك من سبيل لاسترداد المنطقة سوي تدويلها ، والاعتماد على جماعات الضغط الأمريكية، وإلا فليقل لنا بيونق ما فائدة (الإدلاء بشهادة) أمام الكونغرس الأمريكي؟ هل الكونغرس هو الجهة القضائية المناط بها الفصل فى منازعات الدول ، أم ان الكونغرس (مكان) لعقد الصفقات وتخطيط المخططات، وفى الحالتين وسواء كان هذه أو تلك فان الدكتور لوكا قد بني حساباته على العامل الأمريكي ولكنه فى ذات الوقت لا يدري كيف سوف تسترد الولاياتالمتحدة أبيي الى جنوب السودان، فلو أنها لجأت لمجلس الأمن فسوف يواجهها منطق اتفاقية السلام وبروتوكول أبيي الذى يقرر إعمال استفتاء تقرير للمصير؛ ولو أنها لجأت لتدخل عسكري مباشر فهي ستصبح طرفاً في نزاع سواني داخلي ومن ثم تفقد أى أوراق سياسية مؤثرة لها داخل السودان ومع جيرانه. وإذا عمدت على تحريض الأممالمتحدة وتغطية تحركاتها عبر المنظمة الدولية فالأمر سرعان ما سوف يُكتشف و يفتضح. لقد أهدر بيونق ماء وجهه السياسي ، فقد تقدم بشهادة أمام جهة أجنبية فى شأن لا دخل لها به !