أعطت صحيفة «نيويورك تايمز» نموذجا لما يمكن أن تشكله تسريباتها المخابراتية من أدوات تستطيع الإدارة استخدامها لتبني مواقف جديدة ضد قضية ما. القضية هنا هي البرنامج النووي الإيراني الذي يبدو أن الولاياتالمتحدة تهيئ الأجواء لتغيير موقفها منه. وتفيد تلك التسريبات أن واشنطن أخذت تنأى بنفسها عن التقييم الذي أقرته جميع الوكالات المخابراتية الأميركية الست عشرة عام «2007» وجاء فيه أن إيران أوقفت برنامجها لإنتاج أسلحة نووية عام «2003». وتضيف الصحيفة أن التقييم الرسمي الأميركي حول برنامج إيران النووي هو تقييم خاطئ ،وأن طهران تعمل الآن على تصميم سلاح نووي. ويسعى الأميركيون الآن إلى جمع التأييد لفرض عقوبات جديدة على إيران في مجلس الأمن بعد انتهاء المهلة الممنوحة لطهران مع انتهاء السنة الفائتة، وهي المهلة التي كان على الإيرانيين أن يستجيبوا خلالها لعرض غربي بتقديم مساعدات اقتصادية لها وتحسين العلاقات الدبلوماسية معها مقابل وقف تخصيبها لليورانيوم. وتقول الصحيفة الأميركية في معلوماتها المسربة والمفبركة على الأرجح، إنه بعد استعراض واشنطن وثائق جديدة تسربت من طهران واستنطاق إيرانيين منشقين «فروا» إلى الغرب، بات مستشارو أوباما يعتقدون أن العمل لإنتاج سلاح نووي إيراني لم يتوقف، وهو استنتاج توصلت إليه، أيضا، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل. وسمت الصحيفة اثنين من «الفارين» وهما الجنرال في الحرس الثوري علي رضا أصغري الذي اختفى أثناء زيارته لاسطنبول عام «2007» والعالم النووي شهرام أميري الذي اختفى أثناء تأديته مناسك الحج الصيف الماضي. ورغم هذه «التطورات المهمة» مازالت إدارة أوباما تعتقد أن هناك وقتا لتجربة العقوبات كوسيلة لوقف طموحات إيران النووية. وحتى تكتمل عناصر التسريب يتحدث الأميركيون عن مشاكل فنية خطيرة تعرض لها البرنامج النووي الإيراني، وعن انشغال النظام في طهران بتصاعد المعارضة في الشارع، مما يجعل نجاح العقوبات وارداً جداً. ويذهب التسريب إلى حد الزعم نقلا عن دبلوماسي إسرائيلي بأن إسرائيل مستعدة لتجميد خيارها العسكري ضد إيران في الوقت الحالي بعد أن تمكن أوباما من إقناع الحكومة الإسرائيلية بأن من المجدي تجربة العقوبات لبضعة شهور على الأقل. الإدارة الأميركية انقلبت إذن على إيران وأخذت تميل في تقييماتها واستنتاجاتها للجناح الأوروبي المتشدد المتمثل ببريطانيا وفرنسا وألمانيا وكذلك إلى إسرائيل، وهذا التطور مهم جداً وخطير جداً في مسار الأزمة النووية الإيرانية. نقلاً عن الوطن القطرية 5/1/2010م