لم اندهش كثيراً حينما طالعت خبراً بالصحف مفاده كشف وثائق تلفزيونية مصورة تؤكد استمرار سيناريو الغرب وإسرائيل الرامي لتقسيم السودان لخمس دويلات بعد اكتمال فصل الجنوب. فمن المعروف أن إسرائيل ومن خلفها دول الغرب تضع تقسيم السودان ضمن أولويات أجندتها فهي تخطط منذ وقت بعيد لتحقيق هدفها ذاك ولكن المؤسف له أن دولاً عربية شقيقة شاركت »بقوة« في تنفيذ هذا المخطط وساندت اللوبي الصهيوني لتفتيت السودان فليس بعيداً عن الأذهان تلك الزيارات السرية والعلنية التي يقوم بها كل من حسني مبارك ومعمر القذافي إلى جوبا ينسجان التآمر ويحبكان الدسائس ضد السودان مقابل حفنة من الدولارات ودعماً معنوياً ولوجيستياً لأجل البقاء بالسلطة، السلطة التي افتقداها الآن وخرجا منها ذليلين ومقهورين! والسودان الذي ينظر لتآمر »الشقيقين« بغيظ مكتوم ويفرض كبتاً لحرية تناول معطيات الواقع المرتبط بسلوكيات نظامي مبارك والقذافي ويمنع الصحف نشر أي حديث أو تحليل حول هذه القضية »الخطيرة« تخطي الازمة بصبر نبيل فانقلب السحر على الساحر حينما اطاحت الثورات الشعبية بمصر وليبيا بالقائدين المتآمرين على أشقائهم. الثورة في مصر كشفت للعلن أن مبارك كان الداعم الأساسي لفصل الجنوب ينفذ »برضائه« و»طوعه« مخططات بني صهيوني كما كان ينفذ المخططات الإسرائيلية تجاه أشقائه بفلسطين ولم يكتف مبارك بفصل الجنوب بل شرع في تنفيذ الخطة كاملة لتفتيت السودان حيث أثبتت الوثائق تورطه في دعم المرحلة الثانية لانفصال إقليم دارفور إذ انه وقع اتفاقاً مع إسرائيل لترحيل لاجئي دارفور المقيمين بمصر لإسرائيل ليتم استيعابهم في الموساد والجيش الإسرائيلي كخطوة أولى في سيناريو انفصال دارفور، وسيستمر ترحيل أبناء دارفور إلى إسرائيل بحسب الخطة ليستخدموا وقوداً في الحرب على مناطقهم تحت غطاء التحرير والاستقلال وحكم بلادهم بأنفسهم وهي ذات الخطة التي فعلوها مع أبناء الجنوب حتى زادت قناعتهم بضرورة فصل الجنوب وهم لا يدرون أنهم »يأكلون« الطعم »السام« »ويشربون المقلب« ولكنهم سيفيقون من (سكرة) التآمر بعد فوات الأوان حينما يجدون سودانهم »القارة« تقسم ا،،، وصار لقمة سائغة للأعداء! ولا يخفى على الجميع التآمر »الدنئ« الذي كان يمارسه معمر القذافي تجاه تأجيج الفتن والنزاع بين أبناء دارفور ودعمه اللا محدود للحركات المسلحة كافة ولحركة خليل إبراهيم على وجه الخصوص نكاية في نظام الحكم بالسودان الذي سعى بكل ما أوتي لإسقاطه، وثورة الذراع الطويل بقيادة حركة العدل والمساواة ليست بعيدة عن الأذهان التي حاول خليل من خلالها احتلال الخرطوم بدعم ومساندة من الزعيم الليبي. ذاك الزعيم الذي هو الآن على شفا حفرة الانهيار لايدري أن أهل السودان حينما يتضرعون بأن يجعل كيد الأعداء في نحورهم أن الله عز وجل سيستجيب لدعائهم فدعاء المظلموين ليس بينه وبين الله حجاب. القذافي كان جزءا من التآمر لانفصال الجنوب حتي اكتملت فصول العملية وكان في ظنه انه سيخلد في الحكم الليبي لذا امتدت فصول تآمره لفصل اقليم دارفور ولكن يد الثوار كانت أقوى وأشد عنفاً فأطاحت به! وبانتهاء نظامي مبارك والقذافي لن تنتهي مؤامرات اللوبي الصهيوني وستستمر الخطة ولكن »بلاعبين« جدد ربما يكونوا أشقاء عرب او بعضا من ابناء السودان »غير المخلصين« الذين يسيطر على عقولهم ويجرى بدمائهم حب السلطة ولو تفتت السودان الى دويلات فالمهم ان يحكموا السودان، وآخرون ارتموا في أحضان الغرب واسرائيل يحركونهم كيفما شاءوا فالمهم عندهم ان يقبضوا الثمن غالياً الآن من الدولارات واقامة بأرقى الفنادق خارج السودان، وهؤلاء ماتت بدواخلهم الغيرة الوطنية وحب الوطن. ومما يؤسف له ان المخطط يسير باتجاه التنفيذ فالوثائق الجديدة أثبتت انطلاقة المرحلة الثانية لتقسيم السودان بعد انفصال الجنوب وتؤكد الوثائق صناعة ما يسمى بالفوضى الخلاقة في المرحلة المقبلة كسيناريو جديد لفصل دارفور ثم جبال النوبة ثم الشرق. وتحوى الخطة استغلال ضعف الاقتصاد السوداني بعد ان ذهب بترول الجنوب بجانب تأثيرات الحصار الاقتصادي والغلاء العالمي الذي له تأثير واضح على الاقتصاد وارتفاع الاسعار.. المخطط يستهدف استغلال هذه العوامل لتصل البلاد الى حافة الغلاء المستحكم ثم بحاجة تعم كل انحاء السودان ثم انهيار ومخطط آخر ينفذ باتجاه اشعال الحروب والتمرد بمناطق النزاع كما حدث بجبال النوبة والنيل الازرق مع استمرار النزاعات والحروب بدارفور. كل ذلك يتم بمخططات اسرائيلية وامريكية فقد أثبتت الوثائق تورط ناشطين اسرائيلين وغربيين يروجون لهذه المخططات. اذن فالسودان موعود بتقسيمات اخرى بدأت بفصل الجنوب وسيستمر السيناريو الى ان يفتت السودان ما لم يع أهله وأبناؤه الخلص حقيقة التآمر ويعملوا سوياً لافشاله فهل فعل هؤلاء؟ حاشية: عذراً أعزائي القراء فقد اضطرتني ظروف قاهرة عن الغياب عنكم زمناً غير قصير. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 29/9/2011م