تصاعد الجدال وسط الإسلاميين السودانيين في الحكم والمعارضة بعد رفع مئات من الذين ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم مذكرة إلى قيادتهم تطالب باصلاحات ومحاربة الفساد. لكن قيادات حكومية اتهمت زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي بالترويج لخلافات وسط أهل الحكم، وقالت إن خمس مجموعات في حزبه تسعى إلى إطاحته. ووصف الترابي، من جهته، الخلافات القائمة بين السودان وجنوب السودان في شأن النفط والحدود والجنسية بأنها «فضيحة وغباء»، موضحاً أن الجنسية السودانية التي حرِّمت على الجنوبيين والاسرائيليين فقط تُمنح إلى الأميركيين والأوروبيين. وبدا واثقاً من أن الجنوب سيعود إلى وحدة طوعية حال زوال نظام الرئيس عمر البشير، مؤكداً أن الحكومة الحالية «مهما استرضت الناس بالتوزير والمناصب، سيتعسر عليها المقام». وتوقع أن يرضى الغرب بأي بديل في السودان يأتي بثورة «ولو جاء إسلامياً». وسخر الترابي من تصريحات قيادات الحزب الحاكم بأنهم جاؤوا بانتخابات وتفويض من الشعب، وقال إن على النظام ألا يدّعي أن الشعب معه، فقد سبقه نظام الرئيس السابق جعفر نميري الذي كان يتباهى بأن الشعب يصفق له لكنه بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحته قال إن «الشعب خدعني». وأضاف أن القول نفسه كان يكرره الرؤساء السابقون المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي والعراقي صدام حسين. ورأى الترابي أن الحكومة الحالية إذا لم تذهب لوحدها فسيثور عليها الشعب. وقال إن الخيار المتاح الآن هو الثورة فقط، بشرط ألا تتطور إلى فوضى وسلاح. وشدد على ضرورة أن يكون التغيير بصورة سلسلة لنظام انتقالي سلمي يقود إلى انتخابات «لأننا لا نريد أن يتحول من نظام نكرهه إلى فوضى»، مشيراً إلى أن الانقلابات هي «أكره الآليات للتغيير لأننا عانينا من الانقلابات والانقلابيين». ووصف الترابي الأوضاع في البلاد الآن بأنها «مأساة»، وقال إن انفصال الجنوب طعن في الإسلام والعروبة، كما أن الإعلام العالمي «فضحنا في دارفور بأننا نغتصب ونحرق ... وإذا ظل الحكم عسكرياً أو طاغوتياً فلن يكون الجنوب آخر الانفصالات، ولكنني على يقين من أن الجنوب بعد الانفصال يمكن أن يعود للوحدة». وعن مذكرة الإسلاميين الذين ينتمون إلى الحزب الحاكم التي تطالب قادتهم باصلاحات ومحاربة الفساد، قال الترابي إن هناك مذكرة ثالثة وستكون الأخطر. لكن رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم مسؤول جهاز الاستخبارات السابق قطبي المهدي تحدث عن سيناريو لإطاحة الترابي من زعامة حزب المؤتمر الشعبي من خمس مجموعات في حزبه. وقال إن الترابي يحاول جاهداً إيهام الرأي العام بحدوث انشقاق داخل الحزب الحاكم بسبب مذكرة تطالب باصلاحات، معتبراً أنه يحاول أن يصرف الأنظار عن الخلافات الحقيقية داخل هياكل حزبه التي وصلت إلى مرحلة تكتلات لإطاحته. وأشار إلى أن الانشقاقات التي مني بها حزب الترابي وهجرة معظم كوادره إلى الخارج وانهيار متمردي «حركة العدل والمساواة» بعد مقتل رئيسها خليل ابراهيم في غارة جوية أخيراً، جعل حزب المؤتمر الشعبي أكثر الأحزاب عرضة للزوال والتلاشي التنظيمي من الساحة السياسية. المصدر: الحياة 1/2/2012م