لا تحتجب المواقف المخزية ولو وراء تبريرات تحفظ لأصحابها بعض ماء الوجه ومزع لحم في الوجوه، خاصة عندما تصبح خيانة الوطن والتآمر عليه فناً من فنون التوسُّل والتسوُّل الذي يُمارس في وضح النهار ، مغلّفاً بورق سلوفان سياسي لامع. ولشدة ما يحار المرء في بعض بني السودان الذين ولغوا من أخماص أقدامهم حتى آذانهم في العمالة للأجنبي وموالاته وكيدهم لوطنهم، وجعل ظهورهم مطايا للمطامع الخارجية، وتسخير كل ما لديهم من خدمة لمصالح عرابيهم وأسيادهم، فإن القول يعجز عن وصف مثل هذه المواقف والحالات التي تتجاوز كل تصوُّر وتوقُّع.. خلال الأسبوعين الماضيين في 31 مايو الماضي، انعقد في ريشموند بفرجينيا بالولايات المتحدةالأمريكية ما يسمى بمؤتمر «منبر الهامش السوداني»، وهو مسمى لبيادق رقعة الشطرنج الأمريكية لتفتيت السودان ومحو ومسخ هويته ووقف نهضته وسلخه من انتمائه الحضاري والثقافي وجرجرته للتبعية العمياء والذيلية للغرب الذي يعادي كل ما يمثله السودان من تاريخ وحضارة وجذور ضاربة في عمق التاريخ. تلاقى في المؤتمر الذي رعته جهات استخبارية ومنظمات صهيونية ومسيحية متطرفة معادية للسودان، أشخاص من وزن الريشة، لا تاريخ لهم ولم يسمع بهم أحد سوى أنهم يدعون تمثيل ما يسمى بمناطق الهامش وهي جنوب السودان الذي انفصل وصار دولة!...!، ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي، نكرات من خاملي الذكر السياسي والاجتماعي، من مدعّي النضالات الهواء وأكاذيب المعارضة المتوهمة للسلطة الحاكمة في الخرطوم، وجلسوا تحت لافتات بغير محتوًى حقيقي، يريدون رسم ملامح لمستقبل السودان بعد أن وصموا حاضره بكل ذميم من القول ومردود من الادعاء الفاجر والعقوق لوطن طالما عاش وسيبقى أعلى من كل سنان الرماح التي تتناوشه من كل جانب. وليت الذين شاركوا في هذا المؤتمر المهزلة والفضيحة، كانوا أصلاء في ما قدموه من أطروحات وأفكار وتصوُّرات، لم يكن لهم باع في ما طُرح في هذا المؤتمر الذي صاغت أجندته منظمات وجهات أمريكية ذات صلة وثيقة باليمين المسيحي المتطرِّف وجماعات الضغط اليهودية والمنظمات الناشطة في معاداة السودان في قضية الجنوب في السابق ودارفور وجبال النوبة، فقد أعدت هذه الجهات الأمريكية رؤىً تتعلق بتحرير السودان من الثقافة العربية والإسلامية وإقامة دولة يُفصل فيها الدين عن الدولة وتشييد صروح النظام العلماني على أنقاض النظام الحالي بعد إسقاطه، وبناء هوية جديدة في السودان سماها أصحابها المستغفلين ب«أبناء الهامش الإفريقي السوداني». وأصرّ هؤلاء المستخدمون والمستغفلون على القفز فوق حقائق التاريخ والتهويم في بركة آسنة من الدعوات العصبية العرقية النتنة، وادعوا وهم يرددون كالببغاوات أقوال أسيادهم «الخواجات» على إفريقية وعلمانية منبر الهامش الذي ينتمون إليه، ونادوا بلاء حياء المجتمع الدولي خاصة أربابهم الأمريكيين بالتدخل في السودان لإسقاط النظام وجر السودان للمستنقع الإفريقي وتنسيق العمل في إطار سلخ الجلد الثقافي للشعب السوداني وإلباسه هوية مدهاة ومصطنعة وكأن الثقافة والهوية العربية والإسلامية لم تكن هي التي صنعت السودان بشكله الراهن وكانت أهم مكوناته بل ثقافته وهويته المركزية مع اختلاف الأعراق التي لم تكن تشكل في يوم من الأيام عقبة أمام الاندماج الوطني وترابط وتلاقح السودانيين وانصهارهم. ويعاني أصحاب العُقد الصماء من هذه الأمراض العضال، خاصة من يدعون أن هناك هامشاً ومركزاً ولابد أن يصطرعا، فهذه في الأصل فكرة أنتجتها الدوائر الأمريكية وعليها ولدت وفُطمت الحركة الشعبية، وصيغت حركات دارفور على نفس النسق، ألا يشكل إصرار الحركة الشعبية على اسمها ملحقاً بتحرير السودان، وحركات دارفور «حركة تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي، وحركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد نور، وحركة تحرير السودان الوحدة ..ألخ» ألا يشكل ذلك سؤالاً مهماً أجاب عنه مؤتمر منبر الهامش في فريجينا «تحرير السودان من العقلية الإسلاموعروبية» ..!! ستسقط مثل هذه الدعوات التي تدعي النضال وتدعو لمحو وكشط الإسلام والثقافة العربية من السودان، فهما فعل هؤلاء فكيدهم في تضليل.. ولا نامت أعين الجبناء.. نقلا عن صحيفة الانتباهة 11/6/2012