ما أن نزلت فيكتوريا جوزيف من سلم الطائرة القادمة إلى جوبا من إسرائيل التي طردتها حتى ركعت وعيناها تدمعان، تقبل أرض بلادها الحديثة العهد التي أُسست قبل سنة لكنها تراها لأول مرة. وعلى غرار الركاب المئة والخمسين في ثاني طائرة رحلت إسرائيل، أمس الأول، سودانيين جنوبيين إلى بلادهم، كانت فيكتوريا جوزيف تشعر بالفرح والمرارة في آن واحد للعودة إلى وطن مستقل منذ يوليو 2011، غادره كثيرون خلال العقود الأخيرة هربا من حرب أهلية بين جنوب وشمال السودان. وأوضحت، وهي تجهش بالبكاء، “إنني ولدت في جوبا وتزوجت فيها قبل أن أرحل إلى إسرائيل، أنا سعيدة ولذلك ابكي". وكثيراً ما تكون مشاعر العائدين الذين يطأون أرض جنوب السودان المستقل لأول مرة ، متناقضة. وتقول فيكتوريا جوزيف، شأنها شأن العديد من مواطنيها، إنها لم تختر “العودة الطوعية" التي تحدثت عنها الحكومتان الإسرائيلية والسودانية الجنوبية. وأوضحت “ارغمونا على الرحيل، اعتقلونا جميعاً وأودعونا في السجن، أنا وأطفالي" مؤكدة أنها فقدت أثر أحدهم، وهو مختل عقليا، والذي بقي هناك. وأضافت “كانوا يطلبون منا طيلة أربع سنوات تجديد التأشيرات كل سنة، ولا أفهم لماذا طردونا". ويكتشف المرحلون، وبعضهم يرتدي ثياباً أنيقة، والبعض الآخر سراويل الجينز، ويحمل البعض أجهزة كمبيوتر، بتوجس مناظر حزينة. وأحدهم يرتدي قميصا كتب عليه “أحب القدس". وأتى بعضهم بأجهزة تلفزيون كبيرة ذات شاشات مسطحة إلى بلد تنتج فيه الكهرباء أساسا بمولدات كهربائية، في حين تدفع بعض الأمهات عربات أطفالهن الحديثة في عاصمة طرق شوارعها غير معبدة. وقال كريس لوري “قضيت وقتا طويلا خارج البلاد ولا أعلم جيداً ما الذي يجري هنا" ، لكنه يضيف أنه مهما كان توجسه فلا خيار لديه. وتابع “بدأوا بعمليات ترحيل طوعية ثم باعتقالات وطرد". وأكدت فيكتوريا جوزيف أن “معظم العائلات في إسرائيل فقدت مدخراتها، لم تستطع استعادة أموالها من البنوك". من جانبه اختار اغويك دينغ اشويل الرحيل لكنهم أوقفوه مع 25 من مواطنيه، كما تدل على ذلك وثيقة الشرطة الإسرائيلية التي يحملها، وبعد قضاء ثمانية أيام في السجن، اقتيد إلى الطائرة، ولم يتمكن من أخذ ممتلكاته التي كان يريد أن يحملها معه. وقال إن “أجهزة الهجرة قالت لي: نريد القبض على كل السودانيين الجنوبيين الموجودين في إسرائيلو وإن الإسرائيليين يقولون (لسنا في حاجة إلى جنوب سودانيين)، يقولون إننا كالسرطان، ويقولون (نحن لسنا في حاجة إلى سود)". وقال اشويل إنه “مستعد للقيام بأي شيء لتطوير بلاده كما إسرائيل". وأوضح اليسون برنباس مدير الأوضاع الطارئة في وزارة الشؤون الإنسانية “أنه مهم بالنسبة اليهم أن يعودوا إلى بلادهم لتطويرها"، مؤكدا “أنا أيضاً كنت في المهجر، وعدت، والآن أعمل مع الحكومة لتنمية بلادنا". المصدر: الاتحاد 28/6/2012م