فوجئ المجتمع السياسي وخصوصا المعارض بقرار زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي التنحي عن زعامة الحزب وإمامة الأنصار، وهو القرار الذي أكد فيه أنه سيتفرغ في المرحلة المقبلة لتدريب قيادات جديدة لحزب الأمة وجماعة الأنصار، وصرح الصادق المهدي بهذا القرار عندما كان يحتفل بعيد ميلاده السابع والسبعين، وهو الاحتفال الذي ظل يقيمه منذ طفولته بمساعدة والدته. وقال المهدي إن قراره يعتبر فريدا من نوعه إذ ليس من عادة القادة في المنطقة العربية أن يتنازلوا عن مواقعهم إلا إذا ردوا إلى أرذل العمر. وقال الصادق المهدي إنه سيتفرغ خلال الفترة المقبلة إلى الكتابة والفكر، وسيركز على ستة موضوعات، هي السيرة النبوية التي سيحاول أن يظهر فيها الناحية الإنسانية، وتفسير القرآن حيث سيبين مقاصد التنزيل، كما سيركز على وضع مرجع للتنمية البشرية، كما سيكتب في مجال الاستثمار والفرص المتاحة في السودان، وسينشئ مركزا للدراسات وأكاديمية رياضية، إلى جانب المشاركة في النشاطات الدولية، وسيعمل على إنشاء مشروع البقعة الجديدة بمساجدها ومكتباتها وأنشطتها النموذجية للتربية الريفية. والصادق المهدي هو رئيس حزب الأمة وزعيم أنصار المهدي ، وهو حفيد محمد أحمد المهدي مفجر الثورة المهدية فى السودان عام 1885،ولقد أستغل هذه المكانة المرموقة لدى السودانيين باعتبار أنه من سلالة المهدي الكبير ليدخل بها في عالم السياسة. وكان أولى لمساته السياسية،عندما تم تعينه رئيس حزب الأمة في نوفمبر 1964 ، كما تم تعينه رئيساّ للوزراء عن حزب الأمة فى حكومة ائتلافية فى يوليو 1966- 1967 خلفاّ لمحمد أحمد المحجوب،كذلك رئيس للجبهة الوطنية بين عامي 1972- 1977 ، وأخيراّ رئيس وزراء السودان 1986- 1989. قبل الديمقراطية الثالثة عام 1986، لم يعرف الشعب السوداني الكثير عن الصادق المهدي، باعتبار أن الديمقراطية الثانية عام 1966 والتي كان هو أيضاّ رئيس الوزراء فيها كانت قصيرة ، أي أقل من العام ، وهى فترة قليلة لتقييم أدائه آنذاك. فبدأ خراب الديار عندما تسلق لقمة السلطة ليصبح رئيساّ للوزراء للمرة الثانية، وفى أقل من العام خان الأمانة التي أعطيت له من قبل الشعب السوداني، وفى عهده أيضاّ تفككت المؤسسة العسكرية وانتشرت المحاباة ،وشهد السودان انهيار فتصادي . والمعروف عن الرجل بقراراته المتقلبة التي يطلقها فى كل المحافل الخارجية كل ما اتيحت له الفرصة بخارج السودان يقول عكس ما يقوله بالداخل ،وعندما يأتي يقول كلام آخر فدائماّ حديثه له وجهين لعملة واحده ، فهو يصدر قرار مناهض للنظام ويكلف آخر يوقع عنه،أو ينفى تماماّ ما قاله جهاراّ نهاراّ . أصبح المهدي وحزبه وهو شريك كل التيارات السياسية في السودان، فمثلا نجده هو بشخصه مع المعارضة السودانية (قوى الإجماع الوطني) ، وابنته مريم مع مناوى بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها حزب الأمة مع حركة تحرير السودان المعارضة المسلحة (الجبهة الثورية) . ولا شك أن خبر إعلان تنحي الصادق المهدي عن مناصبه السياسية وغير السياسية يأتي بعد حركة مطالبة من شباب الحزب بضرورة تجديد القيادة للخروج مما سموه حركة الركود السائدة فيه، واتهموا بها الصادق المهدي انه المسئول عن حركة الركود داخل الحزب التي فرضها بتخبطه السياسي . وأخيرا هل سيبقى الصادق المهدي على قراره هذا والذي اتخذه في ليلة عيد ميلاده السابع والسبعون بتنحي كن رئاسة الحزب والعمل السياسي والغير السياسي ، ما يكون مثل قراراته المتقلبة ويرجع فى قراره وتنطبق عليه المقولة راحت السكرة واجت الفكرة!!