تشهد جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عدّة أشهر عمليات وُصفت ب"التطهير الديني" ضدّ المُسلمين على أيدي ميليشيات مسيحيّة، أدّت إلى مقتل المئات ونزوح الآلاف خوفًا من عمليات القتل العشوائيّة، الأمر الذي استدعى إرسال فرنسا قوات - اتهمت فيما بعد بالانحياز ضدّ المسلمين - لمساعدة قوات حفظ السلام الإفريقية، وسط تنديد واسع من المنظمات الدوليّة. ويُشكل المسلمون نحو 15? من سكان جمهورية إفريقيا الوسطى؛ ما يجعلها ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحيّة التي يدين بها نصف السكان (25% بروتستانت و25% كاثوليك)، أما بقية السكان فإنهم يدينون بديانات محليّة، يعيش معظم مسلمي إفريقيا الوسطى في الشمال بالقرب من الحدود مع تشاد المسلمة، حيث خرج من بينهم ميشال دجوتوديا كأوّل رئيس مسلم للبلاد وأنصاره المقاتلون في تحالف سيليكا. تدهورت الأوضاع الأمنيّة في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ الانقلاب الذي قاده ميشال دجوتوديا وائتلاف سيليكا المتمرّد وأطاح بالرئيس فرانسوا بوزيزيه في مارس 2013، وبدأت الخلافات تصيب نظام الرئيس المسلم، بعد شكوى المعارضة من تهميشها، وفشل الحكومة في السيطرة على الأمن في البلاد، لتبدأ حالة فوضى غير مسبوقة قُتل على إثرها المسلمون بطريقة عشوائيّة على أيدي الميلشيات المسيحيّة، إلى أن اضطر دجوتوديا للتنحي بضغط من رؤساء دول وسط إفريقيا في مطلع يناير الماضي. ومنذ تنحي دجوتوديا غرقت البلاد في دوّامة من العنف الطائفي والأعمال الانتقاميّة التي تشنّها الميليشيات المسيحيّة ضدّ مُسلحي سيليكا والمدنيين المسلمين، وأدّى انسحاب مسلحي سيليكا من مدينة بودا (شمال غرب) في 29 يناير الماضي إلى موجة عنف غير مسبوقة أسفرت عن مقتل 84 شخصًا بينهم مسلمون ومسيحيون، بحسب الصليب الأحمر المحلي. وحسب منظمة العفو الدوليّة، فإن ميليشيات أنتي - بالاكا شنّت في 18 من الشهر نفسه هجومًا على مدينة بوسيمبتيليه (غرب)؛ ما أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل بين السكان المسلمين. وأدّت أعمال العنف الطائفيّة إلى نزوح ربع سكان البلاد - البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة - عن مناطقهم خوفًا من الهجمات الانتقاميّة التي أودت بحياة ما لا يقلّ عن ألفي شخص. وفرّ عشرات الآلاف من المسلمين النازحين إلى دولتي الكاميرونوتشاد المجاورتين. ومع اتساع نطاق نزوح المسلمين، أعلن مدير الطوارئ في منظمة هيومان رايتس ووتش بيتر بوكارت أنها مسألة أيام وسيُغادر جميع المسلمين إفريقيا الوسطى فرارًا من العنف، مضيفًا: "توجد أحياء كاملة ذهب سكانها من المسلمين بالكامل، ويتم هدم منازلهم بصورة ممنهجة، حيث يتم نزع الأبواب والنوافذ والأسقف، وتوجد أدلة على محو وجودهم بالكامل". المصدر: الراية القطرية 18/3/2014م