فقدت الحركة الشعبية الكثير من الزخم والالتفاف الشعبي الشمالي غير المسبوق حول كاريزما الدكتور/ جون قرنق الذي تجلى يوم استقباله الحاشد.. فلم تستثمر الحركة ذلك المد الشعبي الجارف لصالحها في تشكيل ورقة ضغط شعبي على حزب المؤتمر الوطني، وذلك يرجع لعدة أسباب منها قلة التجربة السياسية للحركة وضعف سيطرتها التنظيمية على القواعد الشعبية، مما أدى لوقوع حوادث أمنية مؤسفة إثر وفاة الدكتور/ قرنق في حادث تحطم مروحيته في أدغال الجنوب، فسرعان ما فقدت الحركة ذلكالبريق والزخم في الشمال نتيجة لما جرى آنذاك من أحداث قتل وحرق ونهب في العاصمة المثلثة «الخرطوم» وبعض المدن الجنوبية. كما ساهم ضعف وسائل إعلام الحركة في ضياع فرصة تسويق فكر الدكتور/ جون قرنق الذي أهالت عليه فترة الحرب الكثير من غبار التشويش والتشكيك، كما لم تسعَ الحركة إلى توضيح رؤيتها حول السودان الجديد من خلال خطاب إعلامي محترف في فن العرض والطرح الموضوعي، حيث اكتفى بعض قادة الحركة بالفرقعات الإعلامية المدوية في الفضائيات، ودخلوا في مغالطات وسجال تاريخي عفى عليه الزمن، كالمطالبة بالاعتذار عما ارتكب من أخطاء إبان الثورية المهدية..!! ولعلَّ ممارسة النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول سلفا كير ميارديت للاعتكاف السياسي والانكفاء على الجنوب لفترات طويلة، خلق قناعات عند أنصار الحركة الشماليين، بأن الجنوب في سبيله إلى الانفصال بالتمهيد «لفرز معيشته» إذ لا يتعدى اهتمام الحركة بقضايا الشماليين سوى بعض الخطب والرسائل التي ألقى بها الفريق أول سلفا كير أخيراً في جبال النوبة والنيل الأزرق، بالإضافة لمسعى يتيم لتوحيد فصائل دارفور في جوبا. ولا شك أن للجنوب مشكلاته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية المستعصية التي سيزيدها الانفصال تعقيداً، إذ لا يكفي الرهان على بعض المنجزات في الجنوب في التبشير بميلاد دولة مستقرة ترقى لمستوى آمال وطموحات الجنوبيين. نقلاً عن صحيفة الصحافة 12/11/2009م