راجع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا استراتيجيته اليوم (الإثنين) غداة خسارته الغالبية المطلقة في البرلمان للمرة الأولى منذ 13عاماً، الأمر الذي شكل نكسة كبيرة لرئيس البلاد رجب طيب أردوغان. وحل الحزب الحاكم في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية أمس، إلا أنه لم يفز بغالبية المقاعد بسبب الاختراق الذي حققه حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي. وتولى أردوغان رئاسة الحكومة بين العامين 2003 و2014 قبل أن ينتخب رئيساً للبلاد. وشن حملة كبيرة قبيل الانتخابات على أمل أن يحقق حزبه الغالبية، الأمر الذي كان سيخوله لتغييرالدستور وتوسيع سلطات الرئيس. واتفقت المعارضة والصحف غير المؤيدة للحكومة في أعدادها اليوم، على أن البلاد ستواجه فترة من الغموض السياسي لأسابيع، بالإضافة إلى إمكان تنظيم انتخابات مبكرة. وسجلت "بورصة اسطنبول" هبوطاً بنسبة 8 في المئة عند الافتتاح صباح اليوم، وتحسنت بعد نصف ساعة، ليقترب التراجع من 6 في المئة . وتدنت الليرة التركية إلى مستوى قياسي إزاء الدولار واليورو، إذ خسرت حوالى 4 في المئة بالنسبة إلى العملتين. وسارع "البنك المركزي" التركي إلى التدخل حيال الانهيار، معلناً خفض نسب الفوائد على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الاجنبية لمدة أسبوع. وأظهرت النتائج النهائية الرسمية فوز الحزب الحاكم بنسبة 41 في المئة من الأصوات، تلاه حزب «الشعب الجمهوري» بنسبة25.1 في المئة، ثم حزب «العمل القومي اليميني» بنسبة 16.4 في المئة، وحزب «الشعوب الديموقراطي» بنسبة 13 في المئة. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 86.5 في المئة. وبعد فوزه في انتخابات العام 2011 بنسبة 50 في المئة، كشفت نتيجة انتخابات أمس تراجعاً كبيراً في تأييد حزب «العدالة والتنمية» على خلفية تراجع في الاقتصاد. وبحسب التوقعات الرسمية، فإن «العدالة والتنمية» سيكون له 258 مقعداً من أصل 550 في البرلمان، و132 لحزب «الشعب الجمهوري»، و81 مقعداً لحزب «العمل القومي»، و79 لحزب «الشعوب الديموقراطي». وبددت النتيجة آمال اردوغان بتعديل الدستور للانتقال من نظام برلماني إلى رئاسي، إذ كان الحزب الحاكم يطمح بالحصول على 400 مقعد. ولم يصدر تعليق من اردوغان على نتائج الانتخابات، ولا يتضمن جدوله اليوم أي ظهور علني. وأبرزت النتيجة الاختراق الذي حققه «الشعوب الديموقراطي» الذي ظهر خلال الحملة بمظهر الحزب التركي الفعلي، وتوجه إلى ناخبين خارج قاعدته الكردية التقليدية من بينهم العلمانيين والنساء والمثليين. وكانت الانتخابات بمثابة انتصار لزعيم الحزب صلاح الدين دميرتاش الذي يلقبه المقربون منه ب «أوباما تركيا»، بسبب براعته الخطابية. وقال دميرتاش: «نحن الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية، حققنا انتصاراً كبيراً اليوم، وأتعهد بتشكيل معارضة قوية وصادقة». وفي دياربكر ذات الغالبية الكردية، تجمعت السيارات في الشوارع، وأطلق السائقون أبواقها، بينما رفع الناس شارات النصر من النوافذ وسط طلقات نارية في الهواء احتفالا. وأُجريت الانتخابات التشريعية بعد يومين على هجوم دام استهدف تجمعاً لحزب «الشعب الديموقراطي»، وأوقع قتيلين وعشرات الجرحى في دياربكر. المصدر: الاحياة 9/6/2015م