تظل العلاقة بين الخرطوم وجوبا علاقة أزلية رغم ما يكتنف طريقها أحيانا من مطبات بسبب ملفات شتى يتقدمها الملف الامني بين البلدين في ظل تواجد حركات تمرد سوودانية في اراضي دولة الجنوب ، ومع ذلك يجدد السودان في كل مرة سعيه لإيجاد معادلة سياسية توقف الحرب بين اطراف النزاع الجنوبي وفي السياق قطع الرئيس السوداني عمرالبشير، بأن بلاده تسعى لتحقيق السلام بدولة جنوب السودان، وقال إن السودان يعمل منفرداًوفي منظومة (الإيقاد) للدفع باتجاه تحقيق السلام والاستقرار في جنوب السودان.والتقى البشير في الخرطوم، وزير الخارجية بدولة جنوب السودان برنابا بنجامين،الذي نقل اليه تطورات الأوضاع في بلاده فيما يخص اتفاقية السلام ، كما أبلغه رساله شفهية من نظيره سلفاكير ميارديت.وأكد البشير عمق العلاقات بين البلدين والشعبين وأنهم شعب واحد في بلدين، بجانب التأكيد على رغبة السودان في العمل من أجل استقرار جنوب السودان. ورفع اللقاء التشاوري الذي عقد في موسكو بين وزيري خارجية السودان وجنوب السودان في سبتمبر الماضي مستوى التوقعات بإمكانية إيجاد حل للأزمة بين الخرطوم وجوبا في ظل وساطة هي الأولى من نوعها بين البلدين تقوم بها روسيا. فقد استضافت موسكو ولأول مرة منذ انفصال جنوب السودان اجتماعا ثلاثيا جمع وزيري خارجية السودان إبراهيم أحمد غندور وجنوب السودان برنابا بنيامين بنظيرهما الروسي سيرغي لافروف لمناقشة القضايا العالقة بين السودانيين. وأظهرت التصريحات التي أدلى بها حينها الوزيران غندور وبنيامين بعد اللقاء مؤشرات إيجابية لإمكانية تذليل العقبات التي تواجه تنفيذ بنود اتفاقية التعاون المشترك التي تم توقيعها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 2012 بين السودان وجنوب السودان، وتطبيع العلاقات بين الخرطوم وجوبا. وقال الوزير السوداني إنه اتفق مع نظيره من جنوب السودان على بدء تنفيذ اتفاقية أديس أبابا، في حين أكد وزير خارجية جنوب السودان على ضرورة تعزيز أجواء السلام والتعاون بين السودانيين. بدورها، أعربت الخارجية الروسية عن أملها في أن يتحرك وزيرا خارجية البلدين نحو إيجاد حلول نهائية للمسائل العالقة في العلاقات الثنائية، فضلا عن العمل على ترسيخ الحوار البناء بين السودان وجنوب السودان. ويقول المتخصص في الشؤون السودانية سيرغي سيرغيتشيف إن "موسكو تمتلك مقومات عديدة تؤهلها للعب دور الوساطة بين البلدين، في مقدمتها رصيدها الدبلوماسي، وسمعتها كدولة مؤثرة تحظى بثقة الجانبين، ذلك لأن موسكو لا تمارس ضغوطا ولا تتدخل في الشؤون الداخلية، وتنطلق من مبدأ المنافع المتبادلة".وأضاف أن نفوذ موسكو الدولي وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن يمكنانها من دعم موقف الخرطوم أمام انتقادات المجتمع الدولي، خصوصا أن روسيا أصبحت الشريكة الإستراتيجية والحليفة الأولى للسودان، وهناك روابط سياسية واقتصادية متميزة بين البلدين.لكن في ما يتعلق بجنوب السودان أوضح سيرغيتشيف أن العلاقة مع موسكو ليست بنفس المستوى مع السودان، "لأن قيام دولة الجنوب واقعيا هو مشروع أميركي، لكن فتور العلاقة بين واشنطن وجوبا في الوقت الراهن يفسح المجال أكثر أمام دور روسي".من ناحية أخرى، يعتقد الباحث في المعهد الروسي للشؤون الأفريقية ستانيسلاف ميزيتسيف أن نجاح اتفاق الهدنة الأخير مرهون بالتغلب على تحديات الضغوط والتدخلات الخارجية، وبمدى التزام جميع الأطراف بالاتفاق ولا سيما عناصر مليشيات حركات التمرد في جنوب السودان الخارجين حتى عن سيطرة قياداتهم. ولفت الباحث إلى أن موسكو قادرة أيضا على التأثير في العلاقات البينية بين الجنوب والشمال من زاوية التعاون العسكري التقني، ذلك أن السلاح السوداني في معظمه سلاح روسي وبإمكان موسكو تقليص تعاونها مع الخرطوم لتقليل احتمالات شن هجوم على الجنوب، علما بأن احتمالات حدوث ذلك ضئيلة -بحسب الخبير- وكذلك الحال بالنسبة لجوبا التي ترغب بالحصول على السلاح لدعم أمنها. عموما الواقع يشير إلى ضرورة أن تعمل قيادات الدولتين سوياً لوقف النزاعات الداخلية والاستفادة من مواردهما في إطار تكاملي، بجانب إيجاد حلول لكافة القضايا العالقة. فقضايا السلام في الدولتين مرتبطة ببعضها البعض، وأن كل دولة تتأثر بعدم استقرار الأخرى، ما يحتم على الطرفين العمل سوياً لتجاوز التحديات التي تواجههما خاصة الأمنية.فمستقبل الدولتين مرتبط بمدى التعاون المشترك بينهما.