لم تعد السياسة الخارجية الأمريكية عصية علي الفهم والاستيعاب، ولم تعد قراءة اتجاهاتها أمراً يتطلب إعمال الذهب وثاقب الفكرة فهي تتجه حيث مصالحها دون ارتباط بمعايير قيمية أو أخلاقية أو مواثيق دولية، وتقودها مجموعة من التيارات ذات المصالح المتقاطعة وتؤثر فيها مجموعات (اللوبي) بشكل بليغ. نسوق ذلك، وقد شهدت أروقة مجلس الأمن خلال الأيام الماضية حركة دؤوبة تدعو إلي حظر الذهب السوداني وذلك رغم اشارات وتلميحات عن تحسن ملحوظ في العلاقات بين البلدين، ورغم حركة الوفود الرسمية والشعبية ومع وجود مبعوث أمريكي في السودان خلال الأيام الماضية. ويبدو أن حركة الانتعاش الاقتصادي في السودان والذي يعتبر الذهب أحد ملامحه لم تعجب الولاياتالمتحدةالأمريكية وأساطين السياسة الخارجية، وربما ساء الولاياتالمتحدة انفتاح سوداني علي روسيا والصين وماليزيا وكافة دول العالم للاستثمار في ثرواته، وربما ساء أمريكا إن السودان يمثل ملاذاً للعالم في تأمين الغذاء مستقبلاً، وربما ساء أمريكا أنها لم تكن جزءاً من هذا المورد الاقتصادي مثلما ساءها في التسعينات عدن مشاركتها في استخراج البترول السوداني. إن العقوبات الاقتصادية ذات تأثير بالغ علي المواطن فضلاً عن كونها (مسيسة) ونتاج سعي لإخضاع الدول والأقاليم والمناطق، وفي ظل محاولة لي الذراع لضمان تشكل بنية دولية جديدة وفرض نفوذ وبسط هيمنة. إن العقوبات الاقتصادية علي السودان والسعي إلي حظر استيراد الذهب السوداني وتصديره إلي دول العالم يمثل فصلاً جديداً من خيوط مؤامرة يتطلب توحداً للجهود وحركة دبلوماسية رسمية وشعبية نشطة وتحريك كل أحرار العالم ونشطاء المجتمع. ويبقي سؤال أخير: ماذا تفعل وفود الولاياتالمتحدة الرسمية والشعبية في السودان، إن كان مسار العلاقات يسير في اتجاه كيدي متصل؟ لقد انتصرت الأمة ضد عقوبات أحادية تعسفية منذ العام 1997، وستنتصر هذه المرة بإذن الله. نقلا عن صحيفة الصحافة 9/2/2016م