بنبرات تتقطر مرارة وحنقاً طالب اللواء دانيال كودي الذي يحمل حالياً صفة المستشار لرئيس حكومة جنوب السودان، ويعتبر من قيادات النوبة وكان نائباً لوالي جنوب كردفان قبل أشهر وتمت إقالته من المنصب بصورة مفاجئة، طالب قيادة الحركة باطلاق سراح اللواء تلفون كوكو، الحبيس بمعتقلات الحركة الشعبية في مكان مجهول بالجنوب السوداني منذ أشهر لأسباب تبدو غير واضحة ولا مفهومة. اللواء كودي قال – بأسى وحزن كانا باديين بوضوح على وجهه – إن اتفاقية السلام الشاملة لم تلب طموحات أبناء النوبة في الحركة!! ووجه في هذا الصدد إنتقادات بالغة الحدة لقادة الحركة الشعبية ودعا أبناء النوبة لتوحيد صفوفهم استعداداً لمواجهة ما أسماه استحقاقات المرحلة الصعبة المقبلة. وقد جاءت تصريحات كودي في إطار احتفال جرى في منطقة الباقير شرقي العاصمة الخرطوم للحديث عن المشورة الشعبية احدى أهم حقوق ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق حسب ما قالت به اتفاقي السلام الشامل الموقعة في نيفاشا 2005. ومن السهل أن نلاحظ هنا عدداً من الامور ذات الدلالات العميقة أولها أن كودي بدأ (غاضباً بشدة) على رفاقه قادة الحركة الشعبية على اعتقالهم للواء تلفون أحد قادة أبناء النوبة ومبعث غضب كودي هنا أن الاعتقال غير مبرر لأنه لو كان مبرراً لقبل كودي بالتبرير أو لأخطر به ابناء النوبة وهو ما يكشف الخلاف العميق داخل قيادة الحركة ووجود مراكز قوى داخلها وغياب المؤسسية. ثانيها شعور كودي أن الحركة الشعبية ركزت كل جهودها في تلبية طموحات أهل الجنوب وحدهم تاركة أبناء جبال النوبة هكذا دون أدنى اهتمام من جانبها تجاههم وهو ما معناه اهدار كل نضالهم ودماؤهم الذي قدموه للحركة. ثالثها : أن كودي – وبدون أن يفصح صراحة عن ذلك – يبدو كمن يطلب من ابناء النوبة عند ممارستهم لحق المشورة الشعبية أن ينأوا باقليمهم عن الجنوب السوداني، فهم حتى الآن وطوال، السنوات الخمس المنصرمة من عمر اتفاق نيفاشا 2005 لم يحققوا شيئاً فما بالك اذا أصبحوا جزءاً من الجنوب السوداني؟ ولعل هذه الأمور بكاملها تكشف عمق البئر السحيقة التي تردى فيها أبناء النوبة الذين استنفذت الحركة الشعبية كل قواهم وأجزلت لهم الوعود ولكنها لم تبر ولم تفي بوعودها، ولم تكتف بذلك ولكنها ظلت تبعد كل من ترى أنه نجح من ابناء النوبة عن منصبه وكان آخر المبعدين د. تابيتا بطرس، كما أنها تعتقل قيادي مهم من قادة النوبة في وقت لا يحتمل فيه هذا الاعتقال مع اقتراب الاستفتاء والمشورة الشعبية مما يشير الى أن الحركة (زاهدة) في انضمام ولاية جنوب كردفان وأبناء النوبة الى الجنوب السوداني وهي رسالة يبدو أنها وصلت إلى أبناء النوبة متأخرة جداً وفهموها متأخرين جداً!!