من المؤكد أن الطرح الجديد الذي قدمه المبعوث الأميركي للسودان سكوت غرايشن والذي طالب من خلاله برفع العقوبات عن السودان ورفع اسمه من قائمة الإرهاب وتطبيع العلاقات السودانية الأميركية يمثل موقفاً ايجابياً متقدماً يتطلب أن تسير عليه الإدارة الأميركية وتنفذه بأسرع وقت ممكن باعتبار أن ذلك يؤثر على مجمل الملفات الخلافية بين الطرفين ويقود إلى حلها كما أنه بمثابة حافز للحكومة السودانية لحل أزماتها المختلفة ومن بينها أزمة دارفور والتنفيذ السلس لاتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب. إن تنفيذ هذا الطرح الجديد أصبح مطلبا ملحا ليس سودانياً فقط وإنما أميركي ودولي وبما أن أميركا هي المحرك الأساسي لكثير من القضايا الدولية ومن بينها قضايا السودان والتي ظلت تلعب فيها الدور الرئيسي ايجابا وسلبا ولذلك لابد من تطبيع العلاقات مع الخرطوم ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات حتى تكون واشنطن وسيطا مقبولا ونزيها خاصة أن تدهور العلاقات السودانية الأمريكية أعاق كل المساعي المبذولة لحل أزمات السودان وأعاقت جهود التطبيق السلس لاتفاقية السلام واقامة التنمية بسبب العقبات التي تشكلها العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان. من الواضح أن هناك توجهاً أميركياً جديداً تجاه السودان بعدما عرف المبعوث غرايشن حقيقة قضايا السودان والتي لن تستطيع الإدارة الأميركية أن تلعب فيها الدور الإيجابي إلا من خلال تطبيع العلاقات مع الخرطوم ورفع السودان من قائمة الإرهاب وأن المطلوب أن تعمل الإدارة الأميركية على تنفيذ هذا التوجه إذا ما أرادت لجهودها الايجابية المبذولة تجاه قضايا السودان أن تنتج وتحقق أهدافها. فالحكومة السودانية من حقها أن تتحفظ على أي دور أميركي وتطالب برفع اسم السودان وتطبيع العلاقات باعتبار أن ذلك مطلب عادل وقانوني فليس من المعقول ألا تطبع واشنطن علاقتها مع السودان وتتدخل كوسيط لحل قضاياها وليس من المعقول أيضا أن تتمسك واشنطن بوضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وهي تدرك تماما أن السودان لا يدعم الارهاب وأنه تعاون مع الإدارة الأميركية في هذا المجال، كما أنه ليس من المعقول أن تطالب واشنطن بتطبيع اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب وتصر على فرض العقوبات الاقتصادية على السودان الأمر الذي يجعل من إعادة تعمير الجنوب والمناطق المتضررة بالحرب أمراً مستعصياً. إن الحكومة الأميركية مثلما تطالب السودان باستحقاقات تجاه السلام وتجاه أزمة دارفور وتتدخل في كل كبيرة وصغيرة في الشأن السوداني فهي مطالبة باستحقاقات ومنها تطبيع العلاقات مع السودان ورفع العقوبات الاقتصادية عنه. من المؤكد أن الإدارة الأميركية ستجد نفسها في مأزق عدم المصداقية، فهي إما أن تأخذ بالمطالب التي رفعها المبعوث الرئاسي غرايشن إذا ما أرادت أن يكون لها دور ايجابي في حل أزمات السودان وهذا لن يتم إلا من خلال مراجعة كاملة لمجمل العلاقات السودانية الأميركية بحيث يتم وضعها في الاطار الصحيح وإما أن تترك الإدارة الأميركية السودان وشأنه وهذا يتطلب ألا تتدخل سلباً في أي قضية أو شأن سوداني يزيد من تعقيداته. الراية القطرية